أسئلةٌ معلّقة وأحلامٌ مؤجلة لأعوامٍ فائتة

 

مسعود الحمداني

 

ها نحن نخلع معطفَ عامٍ ونلبسُ جبّة عامٍ (جديد)، عام قد لا يختلف عمّا سبقه، فهو مجرد أيام وتواريخ ننزعها ونغاير بينها، وإن لم نكن نملك إرادة التغيير فليس للأعوام جدوى، ولا للسنوات معنى.. ندخل 2019 بأرجل مرتجفة، وقلوب وجلة، نُرّحل إليه مشكلات سنوات مضت، ومعها حلولا وقتية، وحبوبا مسكنّة قد لا تفي بالغرض، بقدر ما تُراكِم الألم، وتزايد المشاكل..

وعلى بوابة العام الجديد أطرح- وبشفافية كما ينادي بها المسؤولون- عدة تساؤلات لأرى المستقبل بوضوح أكثر ونحن نودع عاما ونستقبل عاما آخر: أتساءل عن الفساد ومصادره.. وهل قضينا على انتشاره في عدد من المؤسسات رغم وجود الأجهزة الرقابية؟ وهل شرّعنا قوانين رادعة للمفسدين الذين نهبوا أموال البلاد والعباد وما يزاولون طليقي الأيادي؟ وهل سدَدْنا جميع البوابات التي يدخل منها الفساد والمفسدون أم أننا أغلقنا بابًا وفتحنا مقابله ألف باب للاستغلال يدخل منه المتنفذون واتباعهم، بينما ينظر المواطن الذي لا حول له ولا قوة إليه بحسرة دون أن يحرّك ساكنا؟ أتساءل إنْ تم حل مشاكل الشركات الحكومية الاستثمارية وتراجع عائداتها والتي أصبحت عبئا على الدولة؟! أتساءل إنْ أوجدنا آلية لتخفيف العبء عن المواطن أمام طوفان الالتزامات تتقاسم دخله من الهاتف إلى الكهرباء إلى ارتفاع الأسعار؟ أتساءل إنْ تم تقليص ميزانيات بعض الوزارات التي تستأثر بجزء كبير من الميزانية العامة للدولة- التي تعاني في مفاصلها من معضلات لا تخفى على أصحاب القرارـ بينما تكتنز بعض المؤسسات غير ذات النفع معظم المال العام دون أن ترفد الخزينة بأي ريال؟ أتساءل إنْ تمّ حل قضية الباحثين عن عمل من خلال منظومة واضحة ومحددة من الآليات والاستراتيجيات أم أننا سنظل أمام مشكلة متجددة كل عام بحلول وقتية وترقيعية؟! أتساءل إنْ انتهينا من تنظيم سوق العمل دون ضرر أو ضرار على أصحاب العلاقة المباشرين؟ أم أننا أوقعنا الضرر على أصحاب المؤسسات وكنا سببا في الإضرار بمصالحها بل وخروجها من السوق بينما يرتع الوافد ويلعب على كل حبال المصالح التي كفلها له الاستثمار؟ وهل بحثنا عن أسباب تزايد عدد من الشركات المصفّاة والتي يقبع بعض أصحابها في السجون والتي تزايد عددها في الفترة الماضية؟ أتساءل عن استمرار قرارات وزارية لا تراعي الواقع وتُتخذ في مكاتب مغلقة دون أن تنظر إلى مصلحة المواطن؟ أتساءل إنْ أوجدنا حلا مُرضيا لبعض الموظفين الذين تأخرت ترقياتهم لأكثر من ثماني سنوات ودون حوافز تذكر؟ أتساءل إنْ بحثت الحكومة عن حلول ناجعة لرفد خزينة الدولة دون المساس بجيب المواطن ومقدرات معيشته؟ وهل سيظل الوقود على ما هو عليه من ارتفاع سواء ارتفع سعر النفط أو انخفض؟ أتساءل عن مجلس الشورى وهل يقوم بدوره على أكمل وجه؟ وهل تمّ تفعيل بعض سلطاته لتمكينه من لعب دور أكثر فعالية؟ أتساءل عن تنويع مصادر الدخل الذي تسعى إليه الحكومة منذ سنوات بعيدة والتي ما تزال دون مستوى الطموح؟ أتساءل عن اللجان التي انبثقت عنها لجان والتي شُكّلت لها لجان ولم يرَ النور شيئا من قراراتها وخطاباتها؟ أتساءل عن أشياء كثيرة أخرى لأرى موقعنا في عام جديد، وعالم لا ينتظر المتأخرين عن قطاره، ثمّ أقرر أن أبتسم بتفاؤل أو أن أؤجل الفرح لعام آخر أكثر وضوحا وشفافية.

نتمنى عاما "جديدا" يحمل معه ما ضاع من أحلام مؤجلة.. وكل عام وأنتم على أمل لا ينكسر.