خلفان الطوقي
بالرغم من الانتقادات التي يقولها بعض المواطنين الخليجيين إنّ قمم الخليج غير مهمة، ولا نستفيد منها، ولا تلبي طموحاتنا، ولم تنفعنا ولن تنفعنا، ومعظم من يقول هذه الآراء هم ممن يتوقعون أن الفائدة يجب أن تلامسه كشخص أو تطرق بابه، دون أن يعي أن الفوائد تأتي في صيغ مختلفة، أمّا ملموسة أو غير محسوسة أو مجموعة قرارات وتشريعات مطبقة تفيدك دون أن تدري، وبما أننا نستعد لإقامة قمة مجلس التعاون الخليجي اليوم ٩ من ديسمبر ٢٠١٨م التي سوف تقام في العاصمة السعودية الرياض فمن المناسب أن نستعرض بعض الجوانب والمزايا الإيجابية لهذا المجلس من وجهة النظر الشاملة والواسعة.
تقام اليوم القمة في الرياض بحضور رؤساء مجلس التعاون الخليج العربي أو من يمثلهم والتي انطلقت من نفس العاصمة في عام ١٩٨١م ويتطلع المواطن الخليجي مواكبة التطورات التي يراها في بعض المجالس والاتحادات كاتحاد الأمم الأوروبية على سبيل المثال وتفعيل لجانه بشكل ديناميكي، وهذا حق مشروع خاصة أنّ المواطن الخليجي يرى أنّ دول المجلس تمتلك من العناصر المشتركة من لغة ودين وعادات وتقاليد وعرف وطبيعة جغرافية متقاربة ومستوى مادي عال وغيرها من العناصر المشتركة مما يؤهلها أن تكون أقوى مما هي عليه، بالرغم من ذلك لابد لكل أصحاب قرارات في الخليج من قادة وتنفذيين وحكماء ومفكرين ومهتمين أن يدفعوا هذا المجلس ليكون أكثر نضوجا وقوة وتكاملا، وذلك لا يتأتى بسهولة، وإنّما بجهود مشتركة مستمرة لكل الدول الستة المنضمة تحت لواء مجلس الخليج العربي.
وبما أننا منذ البداية اتفقنا وكما هو واضح في عنوان المقالة أن نسلط الضوء ونبرز الوجه المشرق للمجلس، لذلك سوف أحاول أن أقوم بذلك في باقي سطور المقال، وقبل هذا كله علينا أن نقر أنه لا يمكن لأحد أن يقول أنّ المجلس لم يحقق شيئا، والدليل على ذلك أنّ المواطن الخليجي عندما يكون في إحدى دول الخليج يحس نفسه أنّه في بلده، أو عندما يرى أحد الخليجيين في بلده يرى أنّ هذا الشخص أقرب إليه من غيره، وهذا لم يأتِ من فراغ، بل من عمل دؤوب استمر لأكثر من ثلاثة عقود كاملة، واستمرارا لإبراز محاسن المجلس وبالرغم من الخلافات الخليجية الخليجية الظاهرة والحاصلة حاليا، فمن الواضح جدا أنها لن تحل إلا من خلال أروقة المجلس، والحل سوف يكون قريبا بإذن الله، وسوف يستفيد الجميع من الدروس التي خلفتها هذه الخلافات، وستعود المياه إلى مسالكها الطبيعية بحكمة أصحاب الرأي والحكمة من قادة الخليج، ولمن عمل أو راقب عمل المجلس عن قرب ولجانه المختلفة يعلم تماما أنّ وجود المجلس خلق حالة سلم بين دوله بالرغم من المناكفات التي ظهرت في الآونة الأخيرة، وهذه حالة طبيعية وصحية تحدث أحيانا وترتفع حدتها وتخفت أحيانا ولكن يبقى حلها داخليا من خلال البيت الخليجي الواحد.
يبقى المجلس واستمراره مهم لدفع التكامل الخليجي إلى الأمام خاصة في المجال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني، وساحة خصبة لحل المشكلات البينية، وتبادل المعارف والخبرات في كافة المجالات، وما على القادة وكل أصحاب القرار في المجلس أو لجانه المختلفة إلا دفع المجلس للتطور والتقدم ليتواكب من خلال جهود مستمرة والاستفادة من كل عناصر النجاح المتوفرة بين أيديهم وتسخير هذه الموارد والإمكانيات لخدمة شعوبهم لتحقيق التكامل الحياتي المنشود والمأمول وبناء تكتل قوي في استثماراته الاقتصادية وفي رأيه السياسي تجاه الغير، فلنأمل خيرا يعم علينا الآن، ويعم الأجيال القادمة من بعدنا.