السيف السريع.. إثبات بعد إنذار

 

 

آمال الهرماسي

لا نختبر، لا نختبر

حنا ترى الموت الحمر

لا دق ناقوس الخطر

جينا كيوم الزلزلة

 

قالها الكيومي بألحانٍ ترتجفُ لها القلوب ثورةً وحماسًا ووطنية، لنثبت للعالم من حولنا، وهل نحن بحاجة لأي إثبات، أن عُمان وإن كانت بلدا يحتضن السلام، وبه يعيش، وله يحيا، ومنه يستمد منهاجه، إلا أنها خط أحمر أمام قدسيتها وأمن شعبها، وحدود رقعتها، وحد احترامها.

شاء من شاء وأبى من أبى.. عُمان العزة أثبتت ولا تزال وستظل، رسوخ مبادئها وصلابة قراراتها وقوام نهجها القابوسي، الذي لم يعد يخفى على أحد، حتى باتت منبع السلام وموطنه ومقر الإصلاح ومنبعه، وحضن الأمن ومشرقه.

في عمان وحدها، يلتقي الأعداء ليخرجوا منها بالرضا، وتلتقي فيها الأحزاب لتتآلف بصفاء وتتعايش فيها المذاهب لتتحد باللقاء، في عُمان وحدها تذوب المتناقضات وتتهاوى المفارقات وتندثر الحساسيات لتتولد الصداقات، وتعلو عن الدناءات، وتتسامى عن التفرقات والمفارقات التي لا طائل منها إلا إثبات العزة بالجهالة والإثم تحت غطاء البسالة، والرعونة والطمع بغير حنكة أو دراية.

فمن ذا الذي تحدثه نفسه غفلة وجهلا وطغيانا يوما بخدش صلب جدرانها، أو المساس بعظيم كيانها، أو الاقتراب حتى من شريف ترابها.

هيهات، ثم هيهات، أنْ ينال مقصده، فاحذروا من حليم غضب، ومن وديع استثير، ومسامح رأى المكر والخداع، احذروا.. فتلك بعزة الله ونصره ورعايته ليست إلا نعوشه تُخَاط وقبوره تحفر ومدائنه تقام.

اعتلى ابن عُمان منابر عرشها، ولم تكن غير صحراء قاحلة ووجوه فاترة، ورقعة متهالكة، فأخذ على نفسه عهدا ووعد جهرا بان يرتقي بها إلى أعلى المكانات، فاختلط الطوب حبا، والتراب صدقا، والحجر عزيمة، ليبني كل ركن فيها على أسس النخوة وعلو الهمة وعزائم الرجولة التي إذا وعدت وفت، وإذا قالت صدقت واذا عملت أخلصت، وإذا بدأت أكملت، فأنى لمن خالطته الظنون بمال زائل وكرسي زائف أن تزيِّن له نفسه النيل من عروش السلاطين وعظمة التاريخ وسؤدد الرجال وصلابة البنيان، إلا أن يجعل من نفسه أضحوكة التاريخ ومهزلة الأخبار وحديث المجالس وسخرية الزمان.

تمرين السيف السريع، استجابة لنداء، لبَّى فيه الأشاوس طوعا وطواعية، حبًّا وكرامة، رجولة وشهامة، صدقا ووطنية، ليثبتوا للعالم أنهم رهن إشارتك سيدي، وطوع أمرك، ووفاء لوعدك، على العهد ماضون، وبالعزيز والثمين يضحون وللوطن مخلصون.

قبضة من حديد يغلفها رداء من الحرير تلك هي عُمان، فاغنم نعومة ملمسها أيها القارئ الفهيم، واحذر صلابة ارتدادها إن كنت بخفي الكلام عليما.

إنها قُرَّة عين قابوس المعظم، فلا عاش من أراد بها سوءا، أو اقترب نحوها ظلما، أو حدَّثته نفسه بها إثما، حافظها المولى كما هو حافظ ابنها البار، لم يعهده العالم إلا مناديا بالخير ساعيا له، مُجيرا للمظلوم حاميا له، محبا للسلام قاصدا له، مُكرما للضيف مُبجِّلا له، كارها للظلام داحضا له، محترما للجار مكرما له، مستنكرا للظلم كارها له، وأين الغرابة!! إنَّه قابوس، لم ولن يجود الدهر بمثله حاكما عادلا رحيما بشعبه محبا له مخلصا لأمانته حافظا لها، موقنا برسالته، مؤديا لها، راسخا بمبادئه واثقا بها، صريحا بمنهجه موثقا له، حريصا بخطواته محكما لها، واضحا برؤيته ساعيا لها.

سيدي قابوس، اليوم وغدا، ومدى الدهر، رجالك بعهد قطعوه وسيوفونه مستميتين، لن تكون عمان إلا في حصن حصين، حافظها المولى الكريم، شامخة عزيزة، مشعة منيرة، لا يعيش فيها خائن ولا يحيا بها ذو فعل مشين، عمان ستظل كما أردت لها، قابوسا منيرا يخترق عتمات الزمان وظلم الإنسان ووسوسة الشيطان، لتحتضن السلم والأمان وتمحو الظلم والبهتان، وتحفظ كرامة الانسان، نعم إنها عمان، حلمك وحقيقتك، أملك وغاية مبتغاك، الوطن والأم والحضن الذي لا تطاله ظلمة المطامع وزيف السلطة ودناءة النفس، وجهل الجاهلين وطمع الطامعين.

السيف سريع، يُدوِّي هذا الاسم فيرتجف له القلب والجسد، ويهتز له الشعور وتتحرك المشاعر، وترتعد له الفرائص وتنبض له العروق، استماتة من أجل الوطن، وحب لا مشروط لكل ذرة من ترابه، وعشق لا متناه لمائه وهوائه وكونه وكيانه، كلنا في عمان سيف من أجل عزتها وكرامتها وأمنها ورخائها، وكلنا لها ومن أجلها فداء.

فأبشر سيدي، ومولاي، لك دوما العزة والنصر وكبير المقام ودوامه، ولعمان الحب والولاء، ولرجالها القوة والعزيمة والشدة والعنفوان.. حفظ الله عُمان الأم وقائدها المفدى طول الأزمان.