المعتصم البوسعيدي
لكل منظومة عمل رؤية واضحة تجعل من الأخطاء الواقعة في مساراتها "طوب" بناء، ولعلَّ ذلك لا ينطبق على دورياتنا بدرجاتها المختلفة؛ نظير الأخطاء المتكررة في كل موسم، هذا إذا جزمنا بأنَّ ثمة منظومة عمل حقيقية لكل ما يجري في كرة القدم العُمانية، فنحن نعود ونُكرر ذات الكلام، ونعمل ذات الصنيع، والنتيجة لا قطاف يُجنى، ولا أساس يُبنى.
العلاج الذي تُمارسه أنديتنا لمُعالجة النتائج السلبية أو حتى النتائج التي علقتها في مخيلتها، هو علاج قائم على التضحية بالحلقة الأضعف؛ ذاك المدرب في الدرجة الأولى، واللاعبين المحترفين بالدرجة الثانية، مع قوانين تجيز التضحية، خاصة في حالة اللاعبين، لا أدري لماذا فترة التعاقدات معمولة بطريقة تجعل من المحترف بضاعة تجريبية ليس لها قيمة من البداية، فنجد سهولة التغيير والتبديل دون مراعاة لعواقب ذلك على النادي من جهة وعلى اللاعب من جهة أخرى.
الموسم الحالي يبدو مُرشحا لتحطيم رقم قياسي جديد على مستوى الاستغناء عن المدربين، ولا جديد في ذلك سوى أن هناك من يظهر نقده حول هذا الموضوع، وهو أول من يطالب بإقالة المدرب للنادي الذي يشجعه تحت أي مبرر، منها ــ كما يقال في كل مرة ــ "أصلا التعاقد معه من البداية خطأ"، ثم هناك من يظهر دهشته لعدم قيام نادٍ ما بإقالة المدرب رغم سوء النتائج بغض النظر عن سبب هذه النتائج!!، تلك حكاية دورينا الذي يُريد الاحتراف ويعمل على الاحتراق الآتي على الأخضر واليابس !!
في دورينا.. مدرب اعتذر عن تدريب نادٍ قبل أن يبدأ؛ فقد رأى "بأم عينيه" بيئة العمل الطاردة، في دورينا.. بمزاجية شخصية قد يبقى مدرب وقد يرحل مهما كانت النتائج، في دورينا.. اقرأ منذ عهد قديم وحتى اليوم أخبارا تحت عنوان: "النادي الفلاني يجرب مجموعة محترفين" ولا أدري أهذا احتراف أم احتراق؟!.
إن بداية الاستعداد للموسم لا تبدأ في الأندية منذ نهاية الموسم الذي يسبقه، ولا يبدو أنَّ هناك تقييما ومراجعة للأخطاء، وكل مؤشرات الأداء الإداري تتعطل وتدخل إدارات الأندية فيما يشبه "الغيبوبة" حتى إذا ما اقترب الموسم الجديد ببضع أسابيع تستفيق من "كهف رقدتها" ولم تبعث أحدهم لينظر لها الأزكى والأفضل، فيما يحترق لاعبو الأندية في بطولات مؤسسية وأهلية ورمضانية وغيرها، والأدهى أنَّ ثمة بطولة للفرق الأهلية مدعومة بالحال والمال من قبل رأس الهرم الرياضي، وبعد كل ذلك يطل موسمنا الكروي باهتاً فضفافاً بملابس مرقعة، جولاته الأولى بالذات أشبه بالأسبوع التعريفي في الجامعات والكليات، أو بسيارة "الديزل" التي لا تنطلق في سرعتها إلا بعد حين، علماً بأن "الديزل" في تسعيرة "القطار الذي انطلق ولن يعود" هو الأكثر زيادة والأعلى قيمة!!.
التأويل كثير، والثرثرة متكررة، وما نخسره أكثر مما نكسبه، حتى الأمل في آخر النفق أصبح من العدم، احترافنا الذي نريد صار احتراقا، مجرد التفكير ومحاولة البدء فيه خلقت جيشاً لمحاربته؛ حيث واقعنا ونحن غير مستعدين ولا نستطيع ولا حتى نريد، لذلك نظل في النقطة "صفر" والمسار دائري منها وإليها، وعلى ذلك نحن لم نحترف يوماً ما، بل نحترق رهقاً دون جدوى!!.