طالب المقبالي
لقد أصبحت عجلة التقدم والتطور تسير بخُطى حثيثة في شتى المجالات، ولم تعُد الدول تنظر إلى ما يصلها من الغرب، ونحن في عُمان نسير وفق منهجية منظمة، ونخطو بخطوات واثقة ومتأنية لنواكب مسيرة التطور بدقة متناهية؛ فهناك بحُوث ودراسات ناجحة قامت بها السلطنة من خلال مُبادرات مجلس البحث العلمي الذي يسير وفق منهجية محددة، وأهداف واضحة، والتي تتمثل في تشجيع المبادرات البحثية للباحثين في مجالات تخصُّصهم وخبراتهم العملية، وتعزيز دور مجلس البحث العلمي في تشجيع البحوث في المجتمع، كذلك تعزيز ثقافة البحث العلمي في السلطنة، وزيادة أعداد البحوث، وتحسين جودتها، وتنمية القدرات الإبداعية للباحثين وزيادة السعة البحثية.
فالمجلس يسعى دائماً لخلق مُبادرات حديثة لتواكب التطور العلمي، فمُجمَّع الابتكار مسقط (Innovation Park Muscat) هو أحد أهم مُبادرات مجلس البحث العلمي.
ومن خلال المعلومات التي حصلت عليها حول هذا المشروع الكبير، فإن هذا المجمع قيد الإنشاء في موقعه بمدينة الخوض، بالقرب من جامعة السلطان قابوس، يُقام على مساحة إنشائية تبلغ 540 ألف متر مربع تقريباً، حيث العمل جارٍ على تنفيذ منطقة علمية ذات بيئة محفزة للبحث العلمي والابتكار، بناءً على فهم جديد وأكثر عمقاً للتحول إلى الاقتصاد المبني على المعرفة، وذلك لدوره في استثمار رأس المال البشري لتطور المجتمع والنهوض باقتصاده.
ويهدفُ مجمع الابتكار مسقط إلى تطوير وتعميق المعرفة؛ من خلال التركيز على أربعة مجالات بشكلٍ أولي؛ تتمثل في: البيئة والمياه، والطاقة المتجددة، والغذاء والتكنولوجيا الحيوية، والصحة.
وحسب البيانات الرسمية التي اطَّلعت عليها، فإنَّه سيتم احتواء المهتمين من باحثين أو مبتكرين أو رواد أعمال، وتشجيعهم على تحويل الأفكار إلى منتجات ذات نفع وقيمة مضافة، على الفرد والمجتمع والاقتصاد. وبالتالي، يُعتبر إنشاء مجمع الابتكار مسقط -الذي تتولى دائرة المناطق العلمية في مجلس البحث العلمي مهام الإشراف على إنشائه- خطوة إيجابية جديدة على طريق التميز؛ حيث يقوم المجمع على ثلاث مراحل؛ تتكون الأولى من ثلاثة مبانٍ: المبنى الرئيسي "مبنى الابتكار" الذي يمتد على مساحة تبلغ 32 ألف متر مربع تقريبًا، ويتكون من 7 طوابق، بمواصفات عالية تساعد على جعل هذه المنطقة العلمية بمختلف مرافقها الخدمية واحدة من المشاريع المميزة والرائدة في السلطنة للنهوض بالبحث العلمي والابتكار، وذلك بعد الاطلاع على عدة تجارب ناجحة في هذا الإطار، ومحاولة الاستفادة منها قدر الإمكان، وبما يخدم تطلعات السلطنة اجتماعيًّا؛ حيث سيضم المبنى مكاتب للإداريين والاستشاريين، وحاضنات للأعمال على مساحة 4000 متر تقريبا لرواد الأعمال وأصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة.
والمبنى الثاني يُقام على مساحة تبلغ 4780 متر مربع تقريبًا، والعمل جارٍ على تشييده ليضم ورشَ التصنيع والنمذجة، وسيقوم على فكرة توفير كافة الأجهزة والمعدات التي تساعد على استخدام ثمار العلم والمعرفة في تصنيع نماذج أولية للأفكار البحثية والابتكار، وتشكل هذه الورش جزءًا أساسيًّا من مكونات المناطق العلمية، لدورها في الارتقاء وتطوير الأفكار حتى تصل إلى شكلها النهائي، وبما يتلاءَم مع حاجة السوق المحلية والأجنبية.
والمبنى الثالث مُخصَّص للخدمات الاجتماعية على مساحة قدرها 1800 متر مربع تقريبًا، كأحد المكمِّلات الداعمة لنجاح هذه المنطقة العلمية؛ وذلك بتوفير أماكن للترفيه وكسر روتين العمل، وسط أجواء اجتماعية وإنسانية، كما تُعد فرصة للتواصل والتعارف لتبادل الخبرات والتجارب بين مرتادي هذا المبنى، الذي سيضم مجموعة مطاعم وحوض سباحة وصالات رياضية للرجال والنساء.
والمبنى الرابع سيضُم مراكز البحث والتطوير: ويوفر المجمع مجموعة من الأراضي المخصصة لإنشاء مراكز للبحث والتطوير والتدريب للشركات المحلية والعالمية المستثمرة.
وقد قام المجمع، مؤخراً، بتوقيع عقد مع معهد أنستوك -شراكة بين شركتي شلمبرجير وتكاتف عُمان- لإنشاء معهد للتدريب بالتعاون بين المؤسستين؛ وذلك على مساحة 12.000 متر مربع، بعقد طويل الأمد ولمدة 25 سنة قابلة للتجديد لمدة أو بمدد مُماثلة، كما تم توقيع عقد لإنشاء مركز أبحاث وتطوير في مجال استخلاص النفط الثقيل، مع شركة الاستخلاص المعزز للنفط (Enhanced Oil Recovery LLC)، على مساحة مقدارها 3 آلاف متر مربع، وبأحدث التقنيات والأجهزة المتطورة؛ بغرض تلبية احتياجات قطاع النفط والغاز.
بينما ستتضمن المرحلتان الثانية والثالثة من المجمع أربعة معاهد للبحوث؛ وذلك في المجالات التخصصية الأربعة التي يركز عليها المجمع، ومرافق أخرى كفندق ومدرسة عالمية، ومركز ترفيهي يتكون من مسبح داخلي، ومطاعم، ومحلات تجارية، وصالات رياضية.
ومن المؤمل أن يؤثر مجمع الابتكار مسقط على منظومة الاقتصاد في السلطنة، فالمخرجات البحثية تتيح بشكل أو آخر إقامة مجتمع مدرك لأهمية المعلومات وتسخير التكنولوجيا، في إحداث تغييرات جذرية على حياة المجتمع ونمط احتياجاته المستقبلية، عبر فهم أكبر لقضاياه والمشكلات التي تواجهه، وبالتالي السعي لإيجاد الحلول الملائمة لها.
ويستهدف مجمع الابتكار مسقط عدة فئات من المستثمرين؛ هم رواد الأعمال من خريجي الجامعات، وحملة المؤهلات العلمية العالية، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والشركات العالمية العاملة في القطاعات الأربعة التي تم تحديدها، والأفراد والمجموعات.
وللأمانة الصحفية، فإنَّ البيانات والأرقام التي وردت في هذا المقال بعد المقدمة، مأخوذة من البيان المعد لهذا المشروع الحيوي الكبير لمجلة غرفة تجارة وصناعة عُمان.
muqbali@gmail.com