رحيل "ثعلب السياسة الأمريكية" و"صقر الجمهوريين"

...
...
...
...
...
...
...
...

الرؤية- الوكالات

 

توفي عضو مجلس الشيوخ الجمهوري جون ماكين، في وقت مبكر من صباح الأحد، عن عمر يناهز 81 عاما، بعد صراع مع مرض السرطان، وعقب أيام قليلة من طلب مكين وقف تلقي العلاج.

وكان الأطباء شخصوا في الصيف الماضي إصابة ماكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في المجلس، بسرطان دماغ متسارع النمو، وقد خضع للعلاج بدءا من يوليو 2017. وماكين المشهور بأنه "بطل حرب وثعلب السياسة الأمريكية" ولد في 29 أغسطس 1936. وتدرج ماكين، الذي قضى خمس سنوات كأسير حرب في فيتنام، في سلم السياسة الأمريكية ليصبح صوتا مؤثرا في السياسة الخارجية والشؤون العسكرية.

وكان ماكين من الصقور في السياسة الخارجية وكان من أقوى المؤيدين للحرب على العراق وأيد زيادة القوات هناك تحت إمرة الجنرال ديفيد بتريوس. لكنه وصف وزير الدفاع الامريكي السابق دونالد رمسفيلد بأنه "واحد من أسوأ وزراء الدفاع في التاريخ" وانتقد تعامل ادارة الرئيس السابق جورج بوش مع الصراع في العراق.

وعارض ماكين بشدة ترحيل المعتقلين المشتبه في أنهم ارهابيون إلى سجون سرية في دول تستخدم أساليب تحقيق غير قانونية، وعارض استخدام التعذيب ونجح في تبني تشريع يحظر استخدام أساليب قاسية ولا انسانية ومهينة في معاملة المشتبه بهم. ولم يتردد ماكين في اعلان الخلاف مع حزبه في القضايا الداخلية. فانتقد مبدئيا خطة الرئيس بوش الابن لخفض الضرائب وقال في مجلس الشيوخ عام 2001: "لا استطيع أن اؤيد، وانا مرتاح الضمير، خفضا للضرائب تذهب معظم فوائده للأوفر حظا بيننا على حساب الامريكيين من الطبقة الوسطى". وكان ماكين يقول إنه محافظ في الشؤون المالية، وكان يعتقد بضرورة أن تكون الميزانية مضبوطة. لكنه جلب على نفسه غضب العديد من المحافظين بسبب وجهات نظره التي كانت توصف بأنها متهاونة نسبيا فيما يتعلق بزواج المثليين جنسيا والاجهاض واصلاحات قوانين الهجرة. وربما كان خلافه الكبير مع ادارة بوش السابقة هو فيما يخص التغير المناخي.

وقال ماكين إنه كان سيوقع على اتفاقية جديدة حول التغير المناخي بشرط أن تنضم إليها الهند والصين كذلك.

ولم يتردد جون ماكين في التعاون مع النواب الديمقراطيين في الكونغرس لتحقيق أهدافه.

فقد تبنى مع عضو مجلس الشيوخ الديموقراطي جو ليبرمان قانونا يفرض حدودا قصوى لانبعاثات الكربون.

كما تبنى مشروع قانون للهجرة للحزبين في 2007 لو تم تمريره لسمح بعفو عن المهاجرين غير القانونيين وفرض قيود مشددة على الحدود.

وكان يرى أن العاملين بدون وثائق في الولايات المتحدة يجب أن يعطوا حق المواطنة، وهو ما لا يتسق مع رأي كثيرين من أعضاء حزبه.

ويعتقد أن أكثر ما كان يجذب الناخبين الأمريكيين لماكين هي شخصيته التي تشكلت عبر سنوات طويلة من الخدمة في البحرية الأمريكية. فهو ابن لادميرال بحري كبير، تخرج عام 1958 من الاكاديمية البحرية الامريكية ليبدأ مسيرة عمل لنحو 22 عاما كطيار في البحرية.

وخدم في حرب فيتنام ونجا من الموت بأعجوبة عام 1967 عندما اصاب صاروخ خزان وقود طائرته وهو يستعد للإقلاع من حاملة الطائرات "فوريستال" في مهمة قصف في فيتنام، وادى الحريق الى مصرع 135 من القوات الامريكية.

وبعد ثلاثة اشهر أسقطت طائرته فوق شمال فيتنام، وأسره الفيتناميون وظل سجينا لديهم لخمس سنوات حتى عام 1973، وقال إنه تعرض خلالها للضرب الذي تركه يعاني من محدودية الحركة في أحد ذراعيه.

وظل في الخدمة حتى تقاعده عام 1981.

وبعد تقاعده انتقل لولاية أريزونا ليبدأ مشواره السياسي، بالفوز بمقعد مجلس النواب عام 1982 ثم الفوز بمقعد مجلس الشيوخ بعدها بأربع سنوات.

وفي التسعينيات، لعب دورا مهما في تطبيع علاقات الولايات المتحدة مع فيتنام. ونافس الرئيس جورج بوش الابن على ترشيح الحزب الديموقراطي لانتخابات 2000 وضمنت له شخصيته دعما اوليا، وأحرز فوزا مفاجئا في انتخابات تمهيدية في ولاية نيو هامبشير. لكنه تعرض لسلسلة من الهجمات مع تحول المنافسة إلى صراع مرير كما اختلف بشدة فيما بعد مع اعضاء الحزب المؤثرين من اليمين المتدين.

وفي السياسة الخارجية، أيد ماكين بوش في مواقفه بالنسبة للشرق الاوسط وبالنسبة للعراق واكد مرارا على ضرورة زيادة القوات هناك "لوقف العنف".

وفاز ماكين بترشيح الحزب عام 2008، ولكنه خسر الانتخابات الرئاسية أمام المرشح الديمقراطي باراك أوباما بنسبة 365 الى 173 في المجمع الانتخابي و53 الى 46 في المئة بالنسبة لعدد الأصوات.

عقب ذلك، اتخذ ماكين مواقف أكثر محافظة وعارض الكثير من سياسات ادارة أوباما لاسيما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية.

وفي عام 2015، اصبح ماكين رئيسا للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ. كما كان ماكين من أشد الداعين الى اتخاذ موقف متشدد من ايران، وفي احدى حملاته لانتخابات 2008 غنى "اقصف ايران" على انغام اغنية بيتش بويز "باربارة آن".

وعند اندلاع الاضطرابات التي اطلق عليها اسم "الربيع العربي" في عام 2011، حث ماكين الرئيس المصري حسني مبارك على التنحي، ودعا الولايات المتحدة الى اتخاذ موقف مؤيد للديمقراطية في المنطقة العربية رغم مخاطر استحواذ الاسلاميين المتطرفين على السلطة في دول المنطقة.

وكان ماكين من أقوى المؤيدين للتدخل العسكري الغربي في ليبيا في عام 2011.

وقام في أبريل من ذلك العام بزيارة القوات المعارضة للقذافي في بنغازي، وقال "هؤلاء هم أبطالي" على حد تعبيره.

وواصل ماكين في تلك الفترة هجماته على سياسات ادارة اوباما، ففي سبتمبر 2012، هاجم بشراسة الاسلوب الذي تعاملت به ادارة أوباما مع الهجوم الذي تعرضت له الممثلية الامريكية في بنغازي والذي ادى الى مقتل السفير الأمريكي هناك. ووصف تعامل الادارة مع الهجوم بأنه أسوأ من فضيحة ووترغيت.

وفيما يخص الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، والتي اندلعت شرارتها في عام 2011، دأب ماكين على المطالبة بأن تتدخل الولايات المتحدة عسكريا الى جانب القوات المعارضة للحكومة السورية.

وزار ماكين في مايو 2013 القوات المعارضة في سوريا ودعا الى تزويدها بالاسلحة الثقيلة ولإقامة منطقة حظر طيران تشمل كافة الاراضي السورية.

وكان ماكين من مؤيدي احتجاجات "الميدان" التي اندلعت في العاصمة الأوكرانية كييف ضد الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وحكومته، وزار بالفعل ساحة الاستقلال في العاصمة الأوكرانية في ديسمبر 2013.

تعليق عبر الفيس بوك