سنعود.. يا عيد

زينب الغريبية


أتيت يا عيد لتظلل بجناحيك على أمة الإسلام، لكننا خجلى مما ستجدنا عليه يا عيد، اعتدت على أن تجد المسلمين يعظمون شعائرك، أتذكر يا عيد بداية شعائر أضحيتك بأن استبدل الله ذبح الإنسان بذبح الحيوان، فقد كرَّم الله الإنسان واستودعه لعمارة الأرض واستمرار الحياة البشرية عليها.. لا ليكون للذبح والحرق.
أتيت علينا ونحن نقتل بعضنا وبالجملة، ماذا نقول لك إذا أتيت على اليمن وسوريا والعراق؟! إننا ما عدنا أمة كالجسد الواحد، لم يعد عيدنا عيدًا واحدًا يظللنا بالفرح والتئام الشمل، عندما كنا صغارا كنا نغني مع صفاء أبو السعود: "العيد فرحة وأجمل فرحة، بيجمع شمل قريب وبعيد". بكل براءة نشاهد التليفزيون والمسلمون يلتفُّون حول الكعبة طوافا بقلب واحد "لبيك اللهم لبيك"، ونردد معهم فرحا وتعظيما.
عندما نبدأ الاستعداد بالحناء على أيادي الصغار قبل الكبار، وتنطلق المدافع احتفاء بقدومك يا عيد، فرحة يحفها الأمان، وتنساب زهوة العيد بين قلوبنا، ضيف يجلب الفرح للكبير كما الصغير،  لا نعرف الحروب والدمار إلا في كُتب التاريخ، وكأنها خبر ماضٍ لن نراه على أرض الواقع. ليعود ولتعود علينا يا عيد ونحن في أمن وسلام.
أيستحيل يا عيد أن نعود كما كنا؟ أيستحيل أن نتبع الشعائر تطبيقا بالقول؟ ما الذي يُوجهنا لهذا العدوان ضد بعضا؟ أعندما نجتمع جماعات جماعات في مصليات العيد في بلاد المسلمين ونرفع أيدينا بالدعاء: "اللهم انصر الإسلام والمسلمين، ودمر أعداءك أعداء الدين" من هم الأعداء الذين يدمرون أرض المسلمين؟ على من ندعو نحن؟ أيُعقل ما يجري بين صفوفنا؟ أم أن الصفوف لم تعد موجودة؟ ماذا يفترض أن نقول في الدعاء يا عيد؟! هل نتجاهل ما يحيط بنا ونمضي في عيدنا؟ ونحتفل ونفرح؟ وننسى من هم حولنا في البلاد المسلمة؟ ننسى أن العيد يحلّ عليهم وهم في شتات ودمار، في حال بائس بلا أمن ولا مأوى ولا ديار، بلا لبس ولا أضحية ولا جمع شمل ولا نشر فرحة، والسبب منا وفينا لم يقم به الغريب. كيف لهم أن يعظموا شعائر ويضربون بأخرى عرض الحائط، بأي وجه سياقبلونك يا عيد؟
إذا لم نأخذ الدرس من أضحية العيد بأن نذبح من الحيوان  لنأكل لحمه، ونوزع ثلث الأضحية لمن لا يستطيع الذبح ليتشارك معنا الاحتفال بالعيد، وعملنا على عمسه بأن نحرمه من فرحة العيد بل ونسلبه حياته وكأنه هو الحيوان، فماذا بقي علينا تعلمه من دروسك يا عيد؟!! نسينا أن الإسلام يدعو للمحبة والوئام، نسينا أنه دين الرحمة والإنسانية، وانجرفنا وراء زهو السلطة والسيادة بأي ثمن تكون حتى ولو كان ثمنها أن نلطخ الإسلام بالعار.. عار الإرهاب والعنف والدماء.
اعذرنا يا عيد، فما بأيدينا ما يصير، ولا يرضينا ولا نحب وقوعه، ويفرحنا نشر فرحتك في قلوب المسلمين ولم الشمل لكل من هلل وكبَّر، وأناظر قدوك ليعظم شعائرك ويرتدي الجديد احتفالا بك، وقلبه مُعلق بمن يطوف ببيتك المشرَّف تلبية لنداء الحق "لبيك اللهم لبيك".
نتمنَّى يا عيد أن تعود علينا أعواما قادمة وقد تغيرت بنا الحال، وأن تطل الفرحة على كافة بلاد المسلمين، ليحتفوا بقدومك وهم في أمان واستقرار، يأكلون الحلوى ويرددون الأغنيات فرحا بقدومك وهم يستطيعون الفرح، ويشعرون أنهم جزء حقيقي من أمة الإسلام يدعون في صلاتهم على أعداء الدين.
ستتلوَّن بلادُ المسلمين بألوان الفرح، وسيعود العيد كما كان، فرح بلا دماء، بلا عنف وبلا انقسامات، عيدٌ تضيء أضواؤه في كلِّ العواصم العربية والمسلمة، وتزهو ألوان الحناء على أيدي الفتيات الصغار من جديد، ونقلب قنوات التلفاز نناظر مظاهر فرحتك يا عيد.