علامة استفهام من روسيا

 

حسين بن علي الغافري

 

(1)

كثيرة هي المفاجآت التي عشناها حتى اللحظة في نهائيات كأس العالم بروسيا. ولعلّ الحدث الأبرز كان خروج الماكينات الألمانية من دور المجموعات بعدما صال وجال في البطولة الماضية بالبرازيل وحقق لقبها باقتدار كما قدم كأس قارات على طراز كبير بلاعبي الفريق الرديف. وإذا ما تعمّقنا في الأمر لعلنا ندرك تماماً بأنّ الخروج المبكر لم يكن صادماً قياساً بالأداء الذي شاهدناه. المدرب يواكيم لوف جامل كثيرا من اللاعبين غير الجاهزين على حساب من تألق طيلة الموسم. فمن غير المعقول مثلاً أن تبدأ بالحارس العملاق نوير وهو أكثر من نصف موسم يعاني من الإصابة، ومن غير المنطق كذلك إشراك مولر وقد قضى موسمه في بايرن ميونخ رهين دكة الاحتياط، ومن ثم أين المهاجم؟ أضف إلى ذلك تجاهل تواجد لاعبين بفنيات عالية وحضور بدني كبير أمثال ساني نجم مانشستر سيتي والزج بمسعود أوزيل الغائب الحاضر على حساب ساني. كلها أمور ساهمت في رؤية واحدة من أسوأ نسخ الألمان تاريخياً.

(2)

لم يكن خروج الأرجنتين مبكراً أمر مستبعد إطلاقاً. الفريق الحالي ما هو إلا أطلال فريق بدون شخصية وبدون طريقة لعب، وتوقع مواصلة للمشوار إلى أدوار متقدمة رهان ليس في محله. اللوم الأكبر على ما حدث يمكن توجيهه إلى الإدارة الإدارية والفنية. كلها أمور ساهمت في تعطيل مسيرة التانغو في العقد الأخير. أخالف الكثيرين في لوم المدرب، فقد جاء بدعم وتأييد جماهيري كبير، خصوصاً بأنّه صنع مع تشيلي فريقا متماسكا وقويا وبحلول فنية قادته إلى لقب كوبا أمريكا. حضوره مع أشبيلية الإسباني قصة أخرى من قصص النجاح. نختلف نسبياً في بعض الخيارات التي قدمها للمونديال وطريقة اللعب التي لم تثبت طيلة الأربع مباريات التي لعبها في روسيا، وكذلك التغيير المستمر للفريق. إذاً لماذا اليوم نصفه بأنه مصدر الخلل. الأرجنتين مرّت بكبوات كثيرة خلال العقد والنصف الأخير، مرّت على مدربين ليسوا بذلك السوء، الأمر كله إداري بحت ولو تغيّرت الأسماء بدون إدارة ناجحة طموحة ترسم الخطط والآمال وإلا فلن يتغير ما يحدث! مؤسف مشاهدة نجوم كبيرة في منتخب له تاريخه وعراقته.. نتمنى أن ينهض سريعاً.

 

(3)

أكثر ما لفت انتباهي في نهائيات كأس العالم حضور منتخبات جديدة في الساحة تقارع المنتخبات العريقة والمعروفة. آيسلندا رغم خروجها من الدور الأول إلى أنها فرضت احترامها على الجميع بعد مباريات من طراز عال المستوى أمام الأرجنتين ونيجيريا وكرواتيا. نيجيريا نفسها خرجت في آخر اللحظات وكانت قاب قوسين من التأهل. وكرواتيا ذاتها التي أبدعت بمونديال 98 تعود بقوة هذا المونديال. إجمالاً غالبية المنتخبات حضرت بتنافسية عالية، وهو ما يقودنا إلا أنّ العمل الجماعي والتكتيك الفني بات أكثر تأثيراً مع الفنيات الفردية. والمنتخبات التي لا تملك ذلك التاريخ الكروي ما عادت تخاف مقارعة الكبار وإنما تجاريها الند بالند، ولعلّ أغلبهم ما أضرّه أكثر من اسم المنافس تاريخياً كالأرجنتين والبرازيل ومنتخبات كبار القارة العجوز. لذلك نقول إن مستقبل الفوارق الكبيرة والنتائج الثقيلة نرّتقب أن تضعف بشكل كبير.