طالب المقبالي
عادةً ما أختار عنوان المقال قبل كتابته، وعلى أساسه أبنِي المقالَ، أما في هذا المقال فالوضع مختلف تماماً، فمقالي هذه المرة بلا عنوان؛ لأنني كتبتُه قبل العنوان.
فبينما كنتُ أُمارس رياضة المشي التي حدَّدت لها وقتين، إما بعد صلاة الفجر أو بعد صلاة المغرب، فإنني اليوم أمارس رياضتي بعد صلاة المغرب، إلا أنني تأخرت عن الموعد إلى قرب صلاة العشاء؛ لانتظار شخص سيأتي لزيارتي، فتأخر عن الموعد لأسباب خارجة عن إرادته، عندها قررت ممارسة رياضتي حتى يصل ضيفي.
وبينما أمشي، نظرتُ نظرةً إلى النجوم، فتذكرت حدثاً بالأمس في إحدى المجموعات الفلكية، كان مُشرف المجموعة قد نبَّهنا إليه، وهو حدوث ظاهرة فلكية بعد غروب الشمس، وهي ظاهرة اقتران كوكبي عطارد والزهرة، التي تحدُث بعد غروب الشمس مباشرة جهة الغرب.
هذا الموضوع جرَّني إلى أشياء كثيرة تحدُث في حياتنا اليومية، تتفاوت أهميتها من شخص إلى آخر، ومن مجموعة أشخاص إلى مجموعة أخرى. هذه الاهتمامات يراها صاحبها صائبة وذات أهمية كبرى، فيما يراها آخرون أنها لا تهمنا في حياتنا اليومية. فبعض هذه الاهتمامات علمية بحتة ولها مهتمون يتابعون كل جديد فيها، فيما يراها الإنسان العادي أمورًا عبثية لا تستحق الاهتمام.
وبما أنني بدأت بمجموعاتنا الفلكية، فسأورد أمثلةً في هذا الجانب، ومن ثمَّ أعرِّج إلى اهتمامات أخرى.
هُناك نشرة يومية يعرضُها مشرف إحدى المجموعات الفلكية في مجموعاته الفلكية، من خلال تتبعه لمستجدات علوم الفلك يراها مهمة ومفيدة، وأرها أيضاً مهمة وإن كانت لا تؤثر على حياتي اليومية كثيراً، ولا أنشغل بمتابعتها، فيما يراها غير المهتم عبثا ومضيعةً للوقت؛ لأنها لا تمس حياته اليومية بشكل مباشر، خاصة وأن الغالبية العظمى من الأعضاء انضموا إلى هذه المجموعات من أجل متابعة الأحوال الجوية وأخبار الطقس لا أكثر.
فمِن بين الأخبار التي أوردها أستاذنا العزيز، أن وكالة الفضاء الأوروبية ذكرت أن المسبار الذي تطوره الوكالة لاكتشاف المريخ، سيساعد في تقصي آثار الميثان والغازات الأخرى في غلاف الكوكب الأحمر.. هذا الخبر لا يهم الإنسان العادي، ولا يؤثر على حياته اليومية تأثيراً مباشراً؛ لذلك لا يهتم به.
وخبر آخر يقول: "قام فريق دولي من العلماء بإطلاق أول تجربة في مصادم الأيونات الثقيلة، التي يتم إنشاؤها في معهد البحوث النووية في مدينة دوبنا بضواحي موسكو". ومن الأخبار الفلكية أيضًا خبر يقول: "أكد خبراء في وكالة ناسا أن مسبار روفر "Curiosity" المخصص لاكتشاف المريخ سيعتمد على طرق جديدة لأخذ عينات التربة من سطح الكوكب الأحمر". وخبر آخر: "رصد العلماء كمية "مثيرة للدهشة" من المياه في الغلاف الجوي حول كوكب ضخم خارج نظامنا الشمسي، يشبه كوكب زحل إلى حد كبير". وخبر عن دراسة جديدة قالت إن القمر نشأ بعد اصطدام الأرض بكوكب وليد قبل 4.5 مليار عام.
هذه الأخبار العلمية جديرة بالاهتمام، وغاية في الأهمية لمن يهتم بهذا الجانب، فيما يعتبرها البعض أنها بلا تأثير اليوم في حياتنا اليومية، وهذه وجهات نظر.
وهناك اهتمامات قد لا تهمُّ الإنسان العادي في حياته اليومية، لكنها مهمة ومهمة جدا عند المهتمين بها كالتصوير والرسم والنحت، والتزلج...وغيرها الكثير.
والشيء بالشيء يُذكر، أنَّني أمس وبعد صلاة الفجر مُباشرة توجَّهت إلى بحيرات الصرف الصحي لتصوير الطيور لوفرة الطيور المتنوعة بهذا المكان، وقد تعرَّضت لهجوم عنيف من قبل البعوض؛ كونها بِركًا مائية راكدة، وبيئة خصبة لتواجد مختلف أنواع البعوض والطفيليات في هذا المكان، إلا أنني خرجتُ بحصيلة وافرة من الصور عن الحياة الفطرية التي أعتبرها مهمة ومفيدة، فيما يعتبرها البعض عملا عبثيا ومضيعة للوقت، وقد يصِفُني بعضهم بالجنون حين أتواجد في هذا المكان لساعات طويلة من أجل تصوير الطيور.
وهُناك اهتمامات أخرى وأنشطة وهوايات يزاولها البعض كالفنون التشكيلية التجريدية التي يصفها البعض بالخربشات التي تشبه خربشات الأطفال، في حين يعتبرها أصحابها فنًّا من الفنون.
وهناك هُوايات تكون أحياناً خارجة عن المألوف كهواية التفحيط التي يراها أصحابها هواية ممتعة ورياضة، فيما يراها آخرون -وأنا منهم- أنها عبث وهدر للمال وخطر على مرتاديها وعلى الجمهور المتابع لها.
muqbali@gmail.com