◄ المرهون: الوظيفة تكليف للقائمين عليها.. والعماني ملتزم سلوكا وأداءً
مسقط - الرؤية
افتتح معالي الشيخ خالد بن عُمر المرهون وزير الخدمة المدنية، صباح اليوم الإثنين (26 فبراير 2018)، أعمال "منتدى عمان للموارد البشرية"، في دورته الأولى (2018)، والذي نظمته جريدة الرؤية، بفندق كراون بلازا مسقط (قاعة الأدهم) بحي العرفان.
وعلى هامش رعاية معاليه لافتتاح المنتدى، أكد معالي الشيخ خالد بن عمر بن سعيد المرهون وزير الخدمة المدنية أن الوظيفة تكليف للقائمين عليها، وينبغي الحرص على أداء مهامها بكل كفاءة وإتقان. وقال معاليه في تصريح صحفي بالمنتدى إنه عبر سنوات النهضة المباركة، أثبت الموظف العماني إلتزامه سلوكا وأداءً، منوها إلى أن تهيئة الموارد البشرية- تأهيلا وتدريبا وصقلا- لضمان مواكبتها للمستجدات العملية، يمثل الأساس في تحقيق متطلبات التنمية. وشدد معاليه على أهمية تمكين العنصر البشري بالأدوات والوسائل اللازمة لإنجاز العمل من أجل ضمان زيادة الإنتاجية وتحقيق رضا المستفيدين. وبين معالي الشيخ أن هذا المنتدى يشكل فرصة مهمة لبحث ونقاش التطورات الحديثة المرتبطة بمجال تنمية الموارد البشرية، مشيدا بجهود جريدة الرؤية في تنظيم مثل هذه المنتديات، وسبقها الدائم في تسليط الضوء على الكثير من جوانب العمل الوطني، خاصة وأن هذا المنتدى يحفل بالعديد من المتحدثين من القيادات والمسؤولين والمتخصصين بالقطاعين العام والخاص بالبلاد، الذين تناولوا أمثلة وممارسات عملية عن سبل تمكين الموارد البشرية وتعزيز أدائها، وكيفية تطبيق ذلك على قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. وأكد معالي الشيخ وزير الخدمة المدنية أن هذا المنتدى يسهم في إثراء النقاشات الخاصة بقطاع الموارد البشرية، معربا عن أمله في أن تجد التوصيات المتمخضة عن أعمال المنتدى طريقها للتنفيذ والتطبيق في مختلف المؤسسات والقطاعات.
وتضمنت أعمال المنتدى 8 أوراق عمل؛ تم تقديمها خلال أربعة محاور نقاشية، بجانب استعراض لتجربتي نجاح لاثنين من المستفيدين من تمويل صندوق الرفد، إضافة إلى 3 جلسات نقاشية شارك فيها الجمهور من الحضور. وحمل المنتدى في نسخته الأولى عنوان "التأهيل والتمكين والتوظيف"، ويهدف لمناقشة التحديات التي تشهدها السلطنة في المرحلة الحالية فيما يخص تنمية الموارد البشرية، وتحديات التوظيف وتمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بجانب مناقشة قضايا الترقيات الوظيفية وربطها بالأداء.
تطوير الموارد البشرية
واستُهل المنتدى بعرض مرئي افتتاحي، قدمه المكرم حاتم بن حمد الطائي رئيس تحرير جريدة الرؤية، المشرف العام على المنتدى، أوضح فيه العناصر الثلاثة الرئيسية في المنتدى: التأهيل والتمكين والتوظيف، مشيرا الى حرص المنتدى على توظيف شعاره ليتماشى مع النطق السامي الشهير "سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل الشجر". وبين أن شجرة المعرفة التي يمثلها شعار المنتدى توضح أن الإنسان كلما رويته بماء المعرفة سيثمر علوما ومعارف متنوعة تخدم الإنسانية وتطور مسيرة البناء. وقال الطائي إن التقدم يرتكز على سبعة أعمدة رئيسية تتمثل في المواطنة والنمو الاقتصادي والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والسياسة الخارجية الموجهة للدبلوماسية، والتطوير والإعلام، وأهم هذه الأعمدة هو التعليم باعتباره حجر الزواية وقطب الرحى الذي تدور حوله مختلف القطاعات. وأوضح أن مخصصات قطاع التعليم في الميزانية العامة للدولة بلغت في السنة المالية الحالية 1.578 مليار ريال عماني، وهو ما يعكس الحرص البالغ من الحكومة الرشيدة على إيلاء التعليم جل الاهتمام وتوفير الموارد المالية اللازمة لتطوره وتقدمه. وشدد الطائي على أن المورد البشري العماني يمثل في الوقت الحالي الإنجاز والتحدي في الوقت نفسه، معرجا في هذا الصدد على التقدم الذي أحرزته الحكومة في توظيف الباحثين عن عمل ضمن برنامج الـ25 ألف وظيفة في القطاع الخاص؛ حيث بلغت نسبة المعينين حسب أحدث الإحصاءات 41 في المئة، وهو ما يعكس الجهد الواضح لإحراز تقدم في هذه المسألة.
وسلط الطائي الضوء على أبرز تحديات الموارد البشرية في الوقت الحالي، والتي تتضمن عدم موائمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، علاوة على أن الخطط والسياسات لا تستوعب أعداد الخريجين. وأضاف أن القطاع الحكومي يعاني من زيادة في أعداد الموظفين، حيث إن قطاع الخدمة المدنية يضم 180 ألف موظف حكومي، وهؤلاء يخدمون فقط 2.461 مليون مواطن عماني، معتبرا أن هذه الأرقام لا تتناسب مع بعضها البعض.
وعرج الطائي على ضعف ثقافة العمل في المجتمع، منها ثقافة ما يسمى بـ"الشردة"، و"هلا بالخميس"، وغيرها من المسميات والثقافات السلبية التي تؤثر على الإنتاجية.
ودعا الطائي في ختام العرض المرئي إلى أهمية إيلاء الابتكار أولوية قصوى، حيث إن مستقبل الاقتصاد والتوظيف والحياة بشكل عام تعتمد على الابتكار، الذي بات يمثل عمود الخيمة في منظومة الإنتاج في مختلف المجالات. ووضع الطائي 3 محاور رئيسية يجب إدراجها في أي خطط تنموية مستقبلية، وهي الابتكار منهاج حياة، والتعليم القائم على التكنولوجيا، وأيضا التوظيف الذاتي.
الإدارة والتنمية
ومن ثم، قدم سعادة السيد سالم بن مسلم البوسعيدي وكيل وزارة الخدمة المدنية لشؤون التطوير الإداري، الكلمة الرئيسية، والتي تناولت "منظومة إدارة وتنمية الموارد البشرية بوحدات الخدمة المدنية". أبرز فيها عناصر إدارة تطبيق المنظومة، والتي تتألف من نظام قياس كفاءة الأداء، والتدريب المتنوع، وخطة تطبيق المنظومة، ومرتكزات المنظومة، والتخطيط، والكفاءات الوظيفية. وقال إن المرتكزات الأساسية لمنظومة إدارة وتنمية الموارد البشرية تشمل: التوافق الاستراتيجي، من خلال تعزيز وتطوير ثقافة أداء الموظفين وربطه بتحقيق أهداف الوحدة والتوجه الاستراتيجي لها، وكذلك الإدارة بالأهداف، والتغذية الراجعة، والعلاقة التكاملية، والإنصاف والمصداقية. وأضاف أن عناصر منظومة إدارة وتنمية الموارد البشرية تعتمد على التخطيط الاستراتيجي وتطوير الكفاءات الوظيفية. وبين أن الخطوة الأولى من عمل الإدارة تتمثل في التوجه نحو ربط الأهداف الفردية بأهداف الوحدة، وتبيان أهداف الدوائر والأقسام وصولا الى اهداف الموظف نفسه. وأشار البوسعيدي إلى أسس ومعايير صياغة هذه الأهداف، وأكد ان هذه الاهداف تسعى إلى توجيه قدرات الموظف وجهوده نحو الأنشطة الصحيحة، شريطة ان تصاغ بطريقة "ذكية"، تتوافر فيها خمسة معايير أساسية. وذكر ان هذه المعايير تشمل أهدافا محددة؛ حيث تكون الاهداف مكتوبة بطريقة واضحة ومحددة من حيث ما يجب تطبيقها، وأهدافا قابلة للقياس، وأهدافا قابلة للتحقق، وأهدافا ذات صلة، وأهدافا محددة بإطار زمني يتم إنجازها خلاله.
وتطرق البوسعيدي الى إدارة الكفاءات الوطنية، وذلك من خلال 3 عناصر رئيسية؛ هي: المعرفة والإلمام بالمفاهيم والمبادئ والمعلومات ذات الصلة بالوظيفة وبرامج العمل، أما العنصر الثاني فهو المهارة، والقدرات اللازمة لإنجاز المهام الفنية للوظيفة وفق الإجراءات والأساليب المحددة لها، في حين أن العنصر الثالث والأخير يتمثل في السلوك، والذي يشمل خصائص ضمنية للفرد ذات علاقة سببية بمستوى الأداء. وأشار سعادته إلى أن دور الكفاءات الوطنية وفق منظومة إدارة وتنمية الموارد البشرية، يتضح من خلال الاستقطاب والتوظيف والدوران الوظيفي وقياس كفاءة الاداء والتدرج الوظيفي والتطوير والتعلم.
وقسم البوسعيدي الكفاءات إلى أنواع، وهي كفاءات الإدارة العليا، والكفاءات التخصصية، وكفاءات الوظائف الإشرافية، والكفاءات الأساسية. وأشار سعادته إلى الإطار العام لنظام قياس كفاية الأداء، ويتضمن تخطيط الأداء السنوي خلال الفترة من يناير الى فبراير، ثم إجراء مراجعة مرحلية في شهري يونيو ويوليو، وبين شهري أكتوبر وديسمبر يتم تقييم الأداء السنوي. واستعرض البوسعيدي نماذج لشاشات النظام الآلي لمنظومة إدارة وتنمية الموارد البشرية.
أضلاع مثلث التعمين
وقدم البروفيسور حيدر علي رمضان اللواتي الأكاديمي والعميد السابق بجامعة السلطان قابوس ورقة عمل بعنوان: "أضلاع مثلث التعمين.. التأهيل والتوظيف والاحلال"، ناقش فيها المشروع الوطني لتأهيل الخريجين الباحثين عن العمل. وقال: "نعيش فترة الركود أو الانكماش الاقتصادي نتيجة انهيار أسعار النفط. لا يوجد لدينا او في دول الخليج الأخرى اقتصاد بمعناه المعروف عالميا والذي يعتمد على قِوى ذاتية وطنية للإنتاج والصناعة، لدينا المال والتدفقات المالية الناتجة من النفط وهو بدوره مصدر ناضب؛ أي أن اقتصادنا ريعي في طبيعته يعتمد أساسا على مورد واحد". وأضاف أنه وعندما تأثر هذا المورد دخلنا في مرحلة الركود الاقتصادي، مشيرا الى أنه في فترة الركود تلجأ الحكومات إلى اتباع سياسات تقشفية تتمحور أولوياتها حول تخفيض الإنفاق وإدارة العجوزات ومن الطبيعي أن تتراجع المشاريع الوطنية الاستراتيجية وينخفض الإنفاق على توسعة البنية التحتية وكنتيجة مباشرة تضيق فرص التوظيف في القطاع العام. وبين أنه في المقابل يعاني القطاع الخاص من خسائر وعجوزات، ويلجأ كذلك إلى سياسات تقشفية ويتراجع عن توظيف الخريجين بل يبدأ في تسريح الموظفين، وإذا احتاج التوظيف فإنّه يبحث عن كفاءات أو مهارات في مجالات محدودة جدا. وأشار الى أن فرص التوظيف تقل كمحصلة عامة لذلك، وتزداد أعداد الباحثين عن العمل.
ودعا اللواتي إلى التعامل موضوع تأهيل الخريجين الباحثين كمشروع وطني يستحق الاهتمام والأولوية، حيث إنه على مدى سنوات النهضة المباركة والحكومة تدعم مؤسسات التعليم العالي الخاصة بآلاف البعثات الداخلية، وكل مؤسسة تستلم مئات البعثات سنويا، ولولا هذه البعثات المضمونة لتعثرت الكثير من هذه المؤسسات وربما أغلقت أبوابها. وبين أن فكرة هذا المشروع الوطني لتأهيل الخريجين الباحثين تتلخص في تبني مجلس الوزراء هذا المشروع وقيامه بتشكيل لجنة على مستوى عال، تتكون عضويتها من كلٍ من: مدير عام الجامعات والكليات الخاصة بوزارة التعليم العالي، مدير عام من وزارة الخدمة المدنية، مدير عام من وزارة القوى العاملة، مدير عام مركز القبول الموحد، وعضو من مجلس التعليم العالي، وأحد الأكاديميين المخضرمين الذين مارسوا العمل الأكاديمي تدريسا وتدريبا وإشرافا وتنفيذًا وإدارة وتخطيطًا وتصميمًا وتقييمًا للبرامج الدراسية والتأهيلية وله باع في مجال ضمان جودة مخرجات التعليم العالي ووضع الخطط الاستراتيجية وتنفيذها ومتابعتها ومراجعتها مستشارًا للجنة. وتكون رئاسة اللجنة الوطنية لوكيل وزارة التعليم العالي.
وزاد أنه يتعين على هذه اللجنة أن تضع خطة استراتيجية محددة وواقعية تشمل هدفا واحدا فقط وهو إعادة تأهيل الخريجين الباحثين عن العمل في الجامعات والكليات بمهارات تتواءم مع متطلبات سوق العمل في فترة الركود الاقتصادي. وأن تكون خطة المشروع قابلة للتنفيذ في ستة أشهر.
وحث على أهمية أن تضع اللجنة عددا محدودا من الاستراتيجيات لتحقيق هذا الهدف ولكل استراتيجية عدد محدود من الخطوات التنفيذية مع الجداول الزمنية والجهات المسؤولة وآليات متابعتها وتقييم نتائجها.
وأشار إلى ضرورة أن تتضمن استراتيجيات الخطة تحديد المهارات والتخصصات المطلوبة للتأهيل، واختيار مؤسسات التعليم العالي المشاركة في هذا المشروع الوطني، وتحديد عدد الخريجين المطلوب قبولهم في المؤسسات لدراسة الدبلوم لمدة سنة كاملة، وأخيرا تنفيذ وزارة التعليم العالي لتوصيات اللجنة بالتنسيق مع المؤسسات.
أعمال المنتدى
واشتمل المنتدى على أربع جلسات عمل؛ الأولى بعنوان "الاستثمار في الموارد البشرية الوطنية"، تبعتها جلسة نقاشية بعنوان "الترقي الوظيفي وربطه بالأداء"، فيما حملت الجلسة الثانية عنوان "العمل الحر وأساليب النجاح"، والتي تم تخصيصها للمستفيدين من صندوق الرفد؛ حيث وعرض سلطان البوسعيدي الرئيس التنفيذي للمتحدة لخدمات حقول النفط، وعلي بن صالح الغابشي بمشاركة شريكه في التأسيس أحمد بن عبدالله الرحبي، وهما مُؤسِّسا مشروع الهداية للمشاريع الوطنية (الشحن والتخليص الجمركي)، ورقتي عمل لقصص نجاحهم مع العمل الحر. وعنونت الجلسة الثالثة بـ"تدريب وإدارة الكفاءات"، تتبعها جلسة نقاشية بعنوان "خلق الفرص الوظيفية"، أما الجلسة الرابعة فناقشت "الإستراتيجيات والأهداف التدريبية للموارد البشرية"، تلتها جلسة نقاشية بعنوان "خطط التحفيز المتوافقة مع البيئة العمانية".