الحكومة والقطاع الخاص.. والمعادلة الصعبة

مسعود الحمداني

الأسبوع الماضي، اجتمع وزير القوى العاملة مع عدد من الكتاب والصحفيين بحضور وزير الإعلام، أوضح لهم في اللقاء جهود الوزارة في توفير فرص العمل للشباب، وآلية التوظيف للـ25 ألف مواطن، والآفاق المستقبلية التي تُريد وزارة القوى العاملة الوصول إليها، والخطوات التي اتخذتها للتحوُّل إلى الحكومة الإلكترونية (المنتظرة)...وغير ذلك من مسؤوليات تضطلع بها الوزارة، وتتحمل برمجتها ونتائجها، وهي في مجملها جهود مقدرة ومشكورة، وتحسب للمسؤولين فيها.

ولعل مثل هذه اللقاءات الإعلامية دليل على وعي المسؤول بأهمية ودور الإعلام كوسيلة شريكة، وصانعة للحدث، وليست مجرد وسيلة ناقلة للجهود، وهو أمر تقوم به بعض المؤسسات الحكومية حين تعتزم القيام بعمل وطني ضخم، أو تسعى للتمهيد لحدث نوعيّ كبير.

كان الحوار ثريا، وأجاب معاليه عن أسئلة تشغل أذهان بعض الصحفيين، واستمع لمقترحاتهم، وهو أمر مهم، في ظل غياب إستراتيجية واضحة ومعلنة عن آلية توظيف الخمسة وعشرين ألف مواطن التي تم الإعلان عنها، وأثارت العديد من التساؤلات، حول مدى استعداد وقدرة القطاع الخاص على استيعاب هذا الكم الضخم من الكوادر الشابة المعطلة، والتي تبحث عن العيش الكريم في بلدها، في مقابل قطاع يمر بمرحلة اقتصادية حرجة لا يحسد عليها، والتي قد تطيح بعدد كبير من الشركات والمصانع، (وقد أطاحت بالفعل بشركات كبيرة)، بينما تعاني شركات أخرى من صعوبات جادة، ويقاوم مالكو بعضها مقاومة شديدة في سبيل إبقائها على قيد الحياة.

أخبرني أحد المسؤولين (الثقاة) في أحد المصانع الكبرى في السلطنة، والتي تعيل عشرات الموظفين العمانيين، أن الوضع الحالي لكثير من الشركات والمصانع الكبيرة صعب للغاية، وهو يحتاج إلى إنقاذ بدلا من زيادة الأعباء عليه، ويخبرني أن المصنع الذي يعمل به -وهو ليس استثناء- يترنح في ظل الظروف الاقتصادية المحلية والعالمية، في حين تذهب بعض العقود الحكومية أحيانا إلى خارج السلطنة -حسب كلامه- بينما تعاني الشركات المحلية من الكساد والركود، ويقاوم عدد من المصانع شبح الإفلاس والإغلاق، وهذا يعني تسريح مئات العمانيين، وزيادة أعباء الاقتصاد الوطني، وبالتالي زيادة أعداد الباحثين عن عمل. ورغم كل هذه المعاناة الصعبة، تطالب الحكومة هذه الشركات باستيعاب باحثين عن عمل جُدد، وهو ما يزيد من مأزقها، وقد يؤدي بعد فترة -إذا لم يتحسَّن الوضع- إلى إغلاق المصانع، وعودة الموظفين الجدد والقدامى إلى منازلهم وكأنك "يا بو زيد ما غزيت"!

إنَّ إشكالية التوظيف في ظل هذه الأزمة تعتبر تحديا حقيقيا للحكومة والقطاع الخاص، وليس الحل في زيادة أعباء هذا القطاع في هذه الظروف الاقتصادية الاستثنائية، بل مساعدته على التعافي والخروج من أزمته، وإعادة الثقة إليه. وبعد ذلك، يمكن أن نطالبه برد الدَّين؛ لأنه ليس من المنطقي أن تطالب الحكومة المؤسسات الخاصة بما تنادي به من تقشف، وزيادة رسوم، وفرض ضرائب، وتشديد في الإجراءات، بينما تضع معظم الثقل على القطاع الخاص.

إنّ الشراكة المجتمعية للقطاع الخاص أمر لا مناص منه، كما أن مسؤوليته تجاه الوطن قضية محسومة، ولكن يجب أن تكون الحلول أكثر منطقية وواقعية، تراعي مصلحة الوطن والعامل، وصاحب العمل، حتى لا نجد أنفسنا أمام إشكالية خطيرة أكبر من قدرة البلاد على استيعابها.

لذلك؛ الحذر..الحذر من الضغط المبالغ فيه على أكتاف وأعناق القطاع الخاص، حتى لا نجد أنفسنا ذات يوم في مواجهة أزمتين: أزمة زيادة الباحثين عن عمل، وأزمة إغلاق شركات ومصانع كبيرة أبوابها، والخروج من السوق، تاركة خلفها آثارا سلبية لا يمكن علاجها بسهولة.

Samawat2004@live.com