أمنيات 2018

عبدالقادر عسقلان

أغلى وأعز الأماني لهذا العام أن يمُد الله في عُمر صاحب الجلالة، وأن يمُن عليه بالصحة والعافية، حتى تبقَى عُمان نبراسًا للحكمة، وعنوانا للسلام والمحبة، ومثالًا للأمن والاستقرار، وصرحًا مدافعًا عن الحق والعدالة لجميع الشعوب، ومركزًا لتهدئة التوترات، وحل الخلافات، وأن تبقى دوما قادرةً على تقديم الرخاء والرفاهية لشعبها.

ندعو الله أن لا نَرَى شعبا شقيقا يُقصف بالطائرات ليلا ونهارا، دُمِّر فيه الحجر والبشر وكل مقومات معيشته، وتُرِك للتشرد وللأمراض تفتك به، بحجة ظاهرها مُحاربة الإرهاب وعلاقتهم بدول أخرى، وباطنها محاربة دول أخرى على أرضٍ، وطمعًا جغرافيا بأرضٍ أخرى وبما فيها من خيرات، وفي نفس الوقت تنفيذا لمخططات دول أجنبية من أجل مصالحها، دون أي اعتبار لما يُعانيه هذا الشعب من آلام ومآسٍ وأمراض، وكل ذلك من أجل السيطرة والهيمنة والاستيلاء على مقدرات هذا البلد، الذي لا يملك الإمكانيات للرد على هذه القوة الهائلة التي تحاربه، إلا بقوة عزيمته وشجاعة أبنائه.

نرجو من الله أن يخلصنا من رئيس دولة تقيم تمثالا للحرية على أرضها، وتتظاهر بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية على أراضيها، وتقوم بدور الوساطة لإحقاق الحق، وإذا به يقوم بالتوقيع على نزع عاصمة من أصلها ويمنحها بمجرد أمر صادر منه لتكون عاصمة للغرباء ومغتصبي هذه الأرض، ودخلاء عليها، رغم اعتراض 145 دولة في العالم على هذا الإجراء، لا بل يقوم بتهديد هذه الدول؛ كونها عارضت قراره في مجلس الأمن.

ندعو الله أن يهدي من يسمون أنفسهم بالمعارضة لنظام الدول التي ينتمون إليها، ويقومون بتقديم الولاء والطاعة لدول عُرفت بعداوتها للبلد الذي ينتمون إليه، ويقيمون بأفخم الفنادق ويتقاضون الرواتب التي لم يحلُمُوا بها، ويتسلمون السلاح من أجل هدم بلدهم، وقتل إخوانهم، وهدم بيوتهم وتشريدهم، تحت مسمى معارضة الحاكم، ومحاربة النظام، ونسوا هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم قادة الأمة، أن المعارضة الشريفة هي التي تقدس انتماءها للوطن، لا أن تترك شعبها وترتمي بأحضان دول أخرى تملي عليها أدوارها، وتستخدمهم لهدم بلادهم، مقابل أجر يتقاضونه، فهذه هي الخيانة بعينها، ولا علاقة لها بالمعارضة الشريفة.

نطلب من الله أن يعم الوئام بين فصائل تنتمي إلى شعب يرزح تحت وطأة الاحتلال، ويسقط منه الشهداء كل يوم، وأطفال يُساقون إلى المعتقلات وهم مختلفون على أيديولوجية الحكم، والكيفية التي يجب أن تدار بها المناطق التي حتى الآن لم يعترف بها العدو كيانًا لهم، ومازلوا يبحثون عن وسطاء لجمعهم وتقريب وجهات نظرهم، وكأنهم أعداء، وكأن النكبة التي يواجهونها ويعانون منها غير كافية لجمع كلمتهم، ومقاومة العدو وما يخطط لهم، كل ذلك لم يوحدهم، فانقسامهم أضعف قضيتهم امام العالم، وأتاح لدول شقيقة أن تتجرأ وتقيم حوارا مباشرا مع مغتصبي أراضيهم، حتى لما تجرَّأ رئيس الولايات المتحدة وأعطى ما لا يملك لأعدائهم، لم تجرؤ هذه الفصائل على توجيه اللوم لمن يحاور اليهود من الأشقاء؛ لأنهم يفتقدون للوحدة التي يجب أن تكون بينهم لمقاومة ومجابهة مخططات أعدائهم، فهم أصحاب القضية والأرض أرضهم جميعا والعدو عدوهم، وهم من يتحمل مسؤولية معالجة ما يواجهون من مؤامرات ومخططات وليس الوسطاء، انقسامهم أفقدهم الكثير وتخلى عنهم الأقرباء قبل الغرباء، وتجرأ الأثرياء والوكلاء على القيام بمحاولة تقديم الرشوة لأولي الأمر منهم من أجل السكوت على اغتصاب الأرض والمقدسات، ألا تملي عليهم كل هذه الدسائس والمؤامرات أن يتحدوا ويواجهوا مجتمعين ما يُخطط له الأعداء، ندعو أن يتحقق ذلك فنحن بحاجة ماسة إليه.

نرجو أن نرى هذه المؤسسة الدولية التي سُميت هيئة الأمم المتحدة، قد أصلحت من طرق معالجتها لمشاكل الأمم، ونراها تتمثل لمبادئ إنشائها، وهي مناصرة الشعوب الضعيفة، وحمايتها، والوقوف بجانبها ضد التسلط والظلم والهيمنة، لا أن يكون هدفها مراعاة مصالح الدول الكبيرة ذات القوة والنفوذ، وإعطاء الحق للدول التي تعشق الهيمنة والسيطرة والاستيلاء على مقدرات الشعوب بقوة السلاح بما يسمى "الفيتو"، وهو سلاح كرَّس لسيطرة القوي على الضعيف وفقا لأنظمة هذه المؤسسة، وبقوانين هذه المؤسسة خسر الفلسطينيون أرضهم، وسلمت بكل بجاحة لمن لا يملكها، وطرد أهلها وشرِّدوا، وأصبحوا لاجئين في بقاع الأرض، والغاصب ينعم بأرضهم، وكل ذلك بموافقة ما يسمى منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وما زالت هذه المنظمة عاجزة عن حل قضيتهم بسبب هيمنة وسيطرة الدول الكبرى.

نبتهل إلى الله العلي القدير أن يجعل 2018 عامًا يرفع به الظلم والهيمنة عن أقطار أمتنا، وأن تأمن شعوبنا في أوطانها، وأن يعود المشردون إلى بيوتهم وأوطانهم، وأن تعود الأرض المغتصبة في فلسطين لأصحابها، وأن يرُدَّ عنا شر الثائرين والمتآمرين، ويحفظنا في أوطاننا آمنين في سلام ونعيم.. اللهم آمين يا رب العالمين.