بعثرات على ضفاف الحياة

 

هلال بن سالم الزيدي

نندهش ونستغرب، ويمكن أن نستنكر ثم نشجب .. أو ربما نضحك ثم نأسف ثم نحزن، أو لعله ابنهار أو استفزاز أو انكسار ثم انهيار، إلا أن ذلك لا يفسد للود قضية ولا تتقاطع حوله الآراء، فالاختلاف سمة إنسانية يتفاعل معها الجميع.

  • يدهشني أولئك الذين ينامون نومة عميقة وفجأة كأن مسًا أصابهم فيصحوا من سباتهم ويتخذون إجراءات لا تتصل بالواقع، ولا تمثل تلك المُتغيرات إلا ردة فعل انهزامية موجهة لتسجيل موقف تجاه منظومة "ما" حتى يستشعر "س" بأن لديه سُلطة ـــ أو سَلَطة ـــــ قرار يتخذها، وبها يتحسس وجوده، من هنا تضيع الأهداف وتنعدم هوية الشيء المراد تأسيسه ليتحوّل إلى مسخ من شيء هلامي لا أصل له.. تلك حالة الكثير من المشروعات عندما توكل إلى غير أصحابها.
  • استغرب كثيراً ممن يتبنى فكراً لا يُمكن أن يكون واقعاً، فهو مجرد تنظير في ورق يحترق بكثرة ما "يُلاك" من الكثيرين، لذلك نجد هنا أن الألسنة تتلون والرؤوس تميل حيث ما مالت كفة المادة وأخواتها.
  • يُضحكني من يمتلك مجموعة من الأقنعة، وعلى الرغم من تعدد التشكيلات إلا أنَّه يبقى تابعاً منساقاً لا قيمة له في المعادلات الإنسانية، فهو الإمعة التي تتقن لبس الأقنعة، لكن للأسف لا أحد "يسمعه" إلا من وضعه.
  • يؤسفني أولئك الذين لا يُفرقون بين الانتماء والولاء للأرض وكيفية التعبير عن حبهم للكيان الذي كوّن صفاتهم الإنسانية.. لذلك تتعدى حرية التعبير عن هذا الولاء فتصل إلى اقتحام حقوق وحريات الآخرين.
  • يحزنني مصير طاقات الشباب عندما تتكسر عند حاجز البحث عن الذات في كومة "باحث/ة عن عمل" فتخفت لديهم المعرفة وتتبخر سنوات "الدح والحفظ" كي ينالوا ورقة مزخرفة وموقعة من شخص مهم في مكان ما وزمان ما، لا فاعلية لها على المديين القريب والبعيد.
  • تصدمني تصرفات بعض "الكُتّاب" الذين يُنمقون حديثهم وقصصهم في وصف الفساد وحقوق الآخرين وأهمية الديموقراطية.. إلا أنَّهم متشبثين ومتحكمين حتى آخر مفصل من مفاصل "مجد الظهور".
  • تصعقني دعوات الكثير من المسؤولين إلى أهمية الحكومة الإلكترونية، وفي المقابل لا يفقه في تلقي رسالة عبر البريد الإلكتروني.
  • تحيرني أسعار "حزم البيانات" الممنوحة من شركات الاتصالات، عندما أسمع عن الرخص وسرعة تلك الخدمات في دول تعتبر بعيدة عنا من حيث قوة الاقتصاد والثروات الطبيعية.
  • تسمّرني تلك الإعلانات الإذاعية المتناقضة مع ذاتها، حيث تأتي كفواصل في برامج تدعو الجمهور إلى أهمية الاعتدال في الحياة والتقليل من التبذير على حد وصفها.. فيما الإعلانات تستنفر القوى الكامنة والظاهرة لتشجيع الناس على الاقتراض والسفر والتمتع.. فكلٌ يغني على ليلاه.
  • تبهجني تلك المبادئ التي لا تتزحزح قيد أنملة عن مسارها حتى وإن أجهضت حقوقها نظير شموخ هاماتها، لأنها تؤمن بأنَّ هؤلاء البشر ينفذون إرادة الله.
  • يبعثرني ذلك الظهور الذي يأتي "كخفقة العطر" لأشخاص كانوا ولا زالوا مبعثاً للأمل في حياة تشبه مؤشر الارتفاع والهبوط.
  • يستفزني الإبداع الذي يثور على الواقع ويرسم خارطة طريق للمُستقبل، لذلك فالبحث عن البيئة الحاضنة له يُعد أكبر التحديات.. وربما أصعب المنغصات.
  • يؤلمني ذلك الفهم المبني على إمكانية فعل أي شيء ما دام أنك لا تستحي "إن لم تستحِ فافعل ما شئت"، لذلك اعتُبر هذا تشريعاً عند البعض لممارسة أي فعل تحت محبة الظهور "الشهرة".
  • يبهرني ذلك الحضور الذي يُنعش المكان فيزيدك إقبالاً عليه، لأنه لا يُمكن أن ينكفئ على ذاته، فهو الوهج الذي يُشعل ما خبأ من أفكار.
  • أتعجب من أشخاص كلما ابتعدت عنهم اشتقت إليهم .. وكلما اقتربت منهم انغمست بين أنفاسهم.. إلا أنهم وبلمح البصر يشعلون الجفاء، ويذهبون لينتهوا.

همسة أولى

في كثير من التجارب الواقعية يكون "الاحتياطي" أفضل من الأساسي .. فقط يحتاج إلى من يدعمه، وهذا ليس فقط في "كرة القدم" وإنما في كل تفاصيل الحياة، فلا تستهينوا بالاحتياطي.

همسة ثانية

للإنجاز ملايين الآباء، ولكن للإخفاق أب واحد ستودي به الحياة إلى مقصلة الإقصاء.

 

همسة ثالثة

دع أفعالك دليل رقيك، فهي الناطق الرسمي عنك، ولا داعي لاختلاق المواقف لتلهث وتتلون لمجرد أن يشار إليك بالبنان، كفقاعة حملها الريح.

همسة رابعة

قال أحدهم: "أنتِ بحياتي شمس".. إلا أنه تراجع عن ذلك عندما حمي وطيس الصيف، فقال لها: أنتِ بحياتي قمر .. فقط مشاعر ليلية.

abuzaidi2007@hotmail.com