خالد الخوالدي
أؤمن إيمانًا تامًا أننا كمجتمع لم نستطع حتى الآن أن نحدد المكانة المناسبة والحقيقية للمرأة، فهناك من الذكور(الرجال) من يمنحها الصفة المطلقة لقضاء كل شؤون الحياة وشؤون الأسرة، وهناك من يشدد عليها لدرجة أنّه لا يسمح لها بالخروج من البيت، هناك من منحها الحرية الكاملة لدرجة أنّها تمشي معه وهي متزينة بكامل زينتها وتبرجها دون أن يمس ذلك غيرته أو أي شعرة من كرامته. وهناك من يشدد عليها حتى لا تستطيع أن تخرج يدها ووجهها الذي أوجبه الشرع لها، وهناك من يراها سيدة الزمان ونور المكان، وهناك من يراها جزءًا من المتاع لا قيمة له ولا وزن، بل هناك من يعتبر اسم المرأة عورة، وهناك قائمة طويلة من اللغط وعدم الفهم لقيمة المرأة العظيمة لكل مجتمع.
وبعد هذه المقدمة الطويلة نوعا ما والتي ربما يدركها الجميع وددت الحديث في هذا المقال عن (المرأة السوبر مان) فقد آلمني كثيرا موقف شاهدته بأم عيني هذا الأسبوع لذكر من الذكور يقبع في سيارته بينما سيدتان تترجلان إلى محل بيع مواد البناء والمواد الكهربائية والصحيّة؛ فقلت في نفسي هل وصل الأمر إلى هذا الحد، سمعنا عن قصص كثيرة بأن هناك نساء يعملن في الصباح وفي المساء يقمن بواجب الأسرة كاملا وعليهن أن يوفرن مستلزمات الأسرة والبيت من مواد غذائية وغيرها من المستلزمات بعد أن يقمن بالمذاكرة للأولاد، والذكر ولا أقول (الرجل) مع أصحابه في رمساته وسهراته، ويتسكع في نفس المجمع التجاري الذي تشتري منه أمّه أو أخته أو زوجته مستلزمات البيت أو أنه غارق وسط دخان الشيشة أو ملاعب الترتان أو منشغل في لعب الورق أو السهرات الليلية ذات الشراب الذي يسمونه روحيا، وطبعا كل ذكر أخبر كيف يقضي يومه.
وليته يرجع بعد ذلك إلى البيت شاكرا ذاكرا حامدا بل يرجع مكشر الجبين ومقطب الحواجب وكأن على رأسه شيطانا أعور فيضرب هذا ويسب هذا وينتقد ويزمجر ويجعل كل واقف جالس ويقف في حضرته كل جالس وكأنه فرعون زمانه، ولا أدري إن كانت هذه الفئات كثيرة في مجتمعنا ولكنهم موجودون بلا شك وندعو الله لنا ولهم الهداية.
وحسب الملاحظ وحسب ما نسمع من قصص وحكايات أنّ هذه الفئة في ازدياد حيث لا مبالاة بوضع الأسرة وحاجتها لرجل يقف بجانبها، ولعلّ هذه الفئات ما زالت تعتقد أنّها تعيش مرحلة العزوبية ومرحلة اللامبالاة ومرحلة الاعتماد على الأب الذي يوفر كل شيء فهم لم يتعودوا على المسؤولية فمضوا على نفس الوتيرة مما جعل المرأة التي تتصف بأنّها أكثر أمانة على أسرتها وحرص على وحدتها في أن تكون بوضع (المرأة السوبر مان) رغبة منها في استمرار الحياة والتغاضي والنسيان بأنّ هناك رجلا لابد أن يقوم بعدد من هذه الأدوار، متناسية ومتغافلة أنّ هذا سيأخذ من صحتها وفكرها وقوتها وأنّها ستنهار في آخر المطاف.
نعم إنّها ستنهار طال الزمان أو قصر فالله سبحانه خلق المرأة رقيقة ناعمة تتصف بالعطف والحنان فإذا اختل هذا التوازن الرباني سيكون له تبعات خطيرة، فاحرص أيّها الرجل على أن تكون رجلا في بيتك وليس ذكرا فالذكور كثر والرجال قليلون، وعلى الرجال أن يعوا الدور الذي عليهم أن يقوموا به فكل ميسر لما خلق له، وعلى النساء أن تكون لديهن القوة في قول (لا) في وجه كل الذكور الذين يحاولون أن يحولهن إلى (سوبر مان).
أعزائي.. إنّ المرأة عليها واجب كبير تقوم به في تربية الأولاد وتهذيبهم ورعايتهم والاهتمام بهم خاصة أولئك الأطفال الصغار الذين يحتاجون وجودها وحنانها وعطفها، وعندما نجبرها على أن تكون كل شيء فإنّها بلاشك سوف يظهر تقصيرها في تربية أطفالها وسيخرج لنا أطفال مشوهون أخلاقيا وسلوكيا واجتماعيا، وما حالات التوحد التي تظهر بين الأطفال إلا نتائج البعد الذي يعاني منه الطفل بعيدًا عن أمه خاصة ووالديه وأسرته بصورة عامة، ناهيكم عن الفساد الأخلاقي الذي بدأ في الظهور نتيجة عدم معرفة كل واحد بالدور الذي يجب أن يقوم به واختلاط الحابل بالنابل، ودمتم ودامت عمان بخير.