أنت لا تراها...لكنها هناك..

علي أزحاف -  المغرب

 

هنالك خلف الباب
عالم يمور في الظل..
قد لا تراه بالعين المجردة
قد لا تسمع له حسا...
لكنه هناك
آلاف من الكائنات
ذرات من الغبار
حشرات الظلام...
أنت لا تراها
لكنها هناك
تهيم في ملكوتها الخاص..
قد تتزاوج ،تتناسل، تنموا
تطفوا في مجالك الحيوي
أو تحبوا في أثر خطاك..
أنت لا تراها
لكنها هناك
تتسلل إلى وحدتك..
تقاسمك الهواء..
المكان الذي تسكن
والزمان الذي تعيش..
وقد تشرب من كأس نبيذك..
تمتزج بأنفاس سيجارتك
تشاركك جلسة المساء
وأنت تشاهد فيلما رومانسيا
يذكرك بقصة حبك الأولى..
قد تتسرب الى سريرك البارد
حين تتمدد متعبا وتفكر في
بطلة الفيلم التي تشبه حبيبتك..
أو حين تستيقظ صباحا
على ألم فضيع في القلب والذاكرة..
أنت لا تراها
ولكنها هناك
خلف الباب تحيا في عالمها..
قد تمتزج بدمعة سقطت منك سهوا
وانت تستمع إلى أغنية حزينة..
ذكرتك بمن أحببت ورحل..
أو تجتاح  حبالك الصوتية
وأنت تضحك تحت الدوش
بصوت عال على نكتة
سمعتها منذ ألف سنة..
انت لا تراها
لكنها هناك...
هي دائما خلف الباب
في الركن المظلم حيث الصمت..
تنسج عوالمها المجهرية ..
وتصنع بعضا من عالمك
دون أن تدري أنها هناك...
تراقب حزنك ووحدتك
وأحيانا تقرأ كتبك القديمة
أو تتصفح مسودات قصائدك ..
وتبتسم لأخطائك المطبعيةالكثيرة..
وانت لا تراها..
رغم أنها هناك  
هي من الأزل هناك
وحين ترحل ستبقى هي
في نفس الركن خلف الباب..
قد تتذكرك لفترة قصيرة
ثم تنساك كما نسيت من سبق.
سيأتي ساكن آخر..
يفتح صناديقه الكثيرة
يرتب البيت من جديد..
يغير الأثاث والألوان
يفتح النوافذ والأبواب..
ولن يراها..
رغم ذلك هي هناك..
تراقبه من الركن المظلم
من خلف الباب وتبتسم.

تعليق عبر الفيس بوك