رباعي عربي بروسيا

 

حسين بن علي الغافري

 

ليلة تاريخية عاشتها الجماهير العربية مساء السبت الماضي، بوصول المُنتخبين المغربي والتونسي إلى نهائيات كأس العالم بروسيا العام المقبل بعد تأهل مُسبق للسعودية ومصر. ولعل بوادر وصول تونس والمغرب كانت كبيرة ومنتظرة قبل لقاءي تونس والمغرب قياساً على الأداء الفني العالي الذي قدمه نسور قرطاج من جهة، وأسود الأطلس من الجهة الأُخرى. إذاً باتت روسيا فأل خير للعرب بالتأهل الكبير لأربعة منتخبات للمرة الأولى في تاريخ البطولة الأولى على مستوى كرة القدم، وفي انتظار وجه مشرّف في النهائيات يؤكد أنّ هذا الحضور ليس وليد صُدفة وإنما مستحق، مثلما أبهرتنا الجزائر في مونديال البرازيل وقدّمت صورة مُبهجة استحقت ثناء العالم أجمع بعد الوصول إلى ثمن النهائي والخروج أمام ألمانيا بطل البطولة "بصعوبة".

بالعودة إلى ليلة السبت الكبيرة، قلنا بأن تونس وبشكل إجمالي قدّمت تصفيات كبيرة استحقت الوصول إلى نهائيات كأس العالم. ولعلي شخصياً لازالت أرى -وكثيرون غيري- أن المُباريات الهامة التي تُلعب بالفرصتين (التعادل أو الفوز) هي أكثر المباريات تعقيداً من غيرها، والضغوط النفسية تمتزج بشيء من الثقة والأريحية يجعل النتيجة الإيجابية المرتقبة محفوفة بشيء من الخطر. وبمباراة الأمس شاهدنا المنتخب التونسي يلعب بحماس دون تهديد كبير ولم يقدم ذلك المستوى الذي ظهر به خلال التصفيات، على العكس تماماً شكل المُنتخب الليبي خطورة كبيرة وكان بإمكانه أن يُباغت بهدف التقدم.

وفي مُباراة المغرب وساحل العاج، استحق أسود الأطلسي التأهل عن جدارة واستحقاق. المُنتخب قدّم مباراة كبيرة في أبيدجان الملعب الصعب أمام منتخب كبير ينشط لاعبوه في كبرى الدوريات العالمية. ولعل الميزة الكبيرة التي كانت بحوزة المغاربة هو المدرب الثعلب رينارد الذي سبق له الإشراف على منتخب الفيلة وزامبيا وأنغولا وقدمت جميعها مستويات كبيرة ونتائج وألقاب مبهرة.. بالتالي هو على دراية واسعة بالكرة الأفريقية وخباياها وأسرارها. ولا ننسى أيضاً حماس المغاربة وأداءهم الرجولي بقيادة النجم مهدي بن عطية. على كل حال فالمغرب قدم صورة كبيرة طيلة التصفيات.

ختاماً، الفرحة سنعيشها اليوم وغداً وسنفتخر بهذا الإنجاز العربي الاستثنائي الذي يعكس تطور الكرة العربية. ولكن نحن بحاجة إلى أن نرى كأس العالم هذه المرة مُختلفاً عما مضى. لا نكتفي بالمشاركة والحضور المونديالي. منتخبات مثل السعودية ومصر والمغرب وتونس لها باع وحضور متكرر في نهائيات كأس العالم ولطالما تصدرت مشهد "الأفضل" عند مقارنتها بنظرائها في بقية المُنتخبات العربية. والمشاهد العربي العاشق والمُحب للكرة يستحق أن يفرح بوصول هذه المنتخبات إلى أدوار مُتقدمة مثلما قدمت الجزائر الصورة المشرفة في النهائيات الأخيرة. لا ينقصنا شيء.. المنتخبات تمتلك لاعبين على مستوى عالٍ من الجودة، فقط ما نحتاجه الآن هو تكوين لحمة واحدة وتحضير على مستوى كبير بالإضافة إلى تعزيز الثقة في هؤلاء اللاعبين. الوقت متاح وكافٍ حتى صيف العام المقبل ومن جد وجد ومن زرع "حصد".

HussainGhafri@gmail.com