فلنجعل الحكمة العمانية مرتكزا لعلاقاتنا وتخطيطنا

 

عبد القادر عسقلان

نجاح أي دولة في العالم يتوقف على حكمة تخطيطها على المستويين الخارجي والداخلي، فالتخطيط الخارجي يُعالج علاقاتنا الخارجية وتطورها وكيفية التعامل مع الدول الأخرى، وكيف يكون لها دور بارز وبناء في تبني سياسة تعتمد على المساهمة في إيجاد الحلول للمشاكل التي تواجه الدول فيما بينها ويكون لها دور إيجابي في خلق الحوار والتفاهم من أجل إبعاد التصادم والحروب بين الدول، وتكريس الأمان والاستقرار في المنطقة.

الحكمة العمانية في هذا المجال قد أبدعت، فقد أقامت علاقات مع كافة الدول حتى المتناحرة فيما بينها ارتكزت على مفهوم الحياد وضرورة الابتعاد عن المواجهات التي لا تؤدي إلا للحروب وجلب الخراب والدمار، ولعبت الحكمة العمانية دورا بارزا في هذا المجال لتجنب المنطقة ويلات المواجهة وتكريس الاستقرار وإحلال السلام والأمان بين الدول، لذلك نجحت الحكمة العمانية في جعل الدول الشقيقة والصديقة تقيم علاقات وطيدة مع السلطنة قائمة على التفاهم المبني على احترام حيادها ومساهمتها في حل المشاكل، الأمر الذي جعل هذه الدول تستعين بهذه الحكمة وتطلب وساطتها من أجل حل مشاكلها مع الدول الأخرى، والأدوار التي قامت بها سلطنة عمان من خلال هذه العلاقات معروفة للجميع، وحل الخلافات بالحوار والتفاهم هو نهج اتخذته السلطنة في علاقاتها على مدى السنوات الماضية، مرتكزات الحكمة العمانية التي نجحت بها السلطنة في علاقاتها الخارجية، علينا أن نعتمد عليها في تخطيطنا الاقتصادي أمام هذه الأزمات التي تمر بها المنطقة جراء الإرباك الذي سببه انخفاض أسعار النفط، ولنتذكر ما تفضل به حضرة صاحب الجلالة في إحدى جولاته قبل عشرين عاماً مضت حيث قال "إن النفط سلعة غير دائمة وسيأتي يوم ينضب فيه النفط وعلينا أن نهيئ اقتصادنا دون الاعتماد على سلعة النفط وأن نوجد البدائل من أجل استمرار التنمية في بلدنا"

ما حققناه في علاقاتنا الخارجية معتمدين على الحكمة العمانية علينا أن نحقق ما نصبوا إليه من خلال هذه الحكمة في تحقيق الرخاء والنماء لأمتنا وبلدنا.

لذلك مطلوب من جميع الأجهزة في الدولة أن تعمل بإخلاص من أجل تحقيق مرتكزات الحكمة العمانية في مجالات التنمية وعلى المؤسسات الرقابية والمجالس التي تملك حق المحاسبة أن تعمل على مراقبة هذه الأجهزة بمختلف مستوياتها حتى تصل إلى المستوى المطلوب من الإنجاز والإنتاجية وأن تتأكد من أن هذه الأجهزة قد ابتعدت عن البيروقراطية في عملها حتى يصبح إنجاز كافة المعاملات على اختلاف أنواعها يتم بيسر وسهولة وبالسرعة التي تجعل الإنجاز والإنتاجية هدف لها، حتى يتم تقديم الخدمات التي تستند على الكفاءة والخبرة من أجل تشجيع الاستثمارات المحلية والخارجية، وحبذا لو يتم إنشاء مركز متخصص من أجل وضع الحلول لحماية هذه الاستثمارات وعلى أن يكون لدى هذا المركز مستويات عالية من الكفاءات والحيادية والمصداقية والنزاهة بحيث يجد المستثمر لدى هذا المركز حلولاً لكافة الصعوبات التي تعترض إتمام إجراءات تنفيذ استثماره، وعلينا أن نعلم بأن تنويع الدخل القومي هي مسؤولية تقع على عاتق القطاع الخاص والحكومة، وخلق الحوار الدائم بين القطاعين هو الكفيل بتذليل الصعوبات وإزالة العقبات وعلى القطاع الخاص أن يستفيد مما أنجزته الحكمه العمانية في علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل تكوين شراكات لإقامة مشاريع إنتاجية مشتركة في مجال السياحة والزراعة والثروة السمكية، وعلينا أن ننشئ مراكز للبحث والتطوير سواء كانت حكومية أو خاصة أو مشتركة من أجل التركيز على تنمية المعرفة والأبحاث لتطوير الاستثمارات في هذه المجالات.

تنويع الدخل والإنتاج كانت رؤيا طرحها صاحب الجلالة حفظه الله قبل عشرات السنين وقد أصبحت الحاجة ملحة في هذا الوقت لتنفيذها ونحن نواجه أزمة اقتصادية خلفتها ظروف الاعتماد الكلي على إنتاج النفط.

ولنجعل الحكمة العمانية تنجح في مجالات التخطيط كما نجحت في مجالات العلاقات الخارجية من أجل تحقيق استمرار النماء والرخاء لبلدنا وأمتنا.