صالح.. المتمسك بـ"الرقص على رؤوس الثعابين"

 

وكالات- الرؤية

لم تكن سيرته الذاتية سوى مسلسل من التحالفات ثم الانقلاب على تلك التحالفات، تحالف مع الجنوبيين وحاربهم، وحارب الحوثيين وتحالف معهم، وكذلك الحال مع السعودية التي تحالف معها وتلقى العلاج في مستشفياتها ثم حاربها. هو الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي يقول: "إن حكم اليمن يشبه الرقص على رؤوس الثعابين"، فجعل من نفسه "ساحرا" لتحقيق ذلك فأحكم قبضته على اليمن حتى بعد خلعه من الحكم بعد اندلاع الثورة اليمنية، حيث لا يزال لاعبا رئيسيا في أحداث اليمن.

ولد علي عبد الله صالح في 21 مارس عام 1942 في قرية بيت الأحمر بمنطقة سنحان بمحافظة صنعاء لأسرة فقيرة وعاش معاناة كبيرة بعد طلاق والديه في سن مبكرة.

وعمل صالح راعيًا للأغنام وتلقى تعليمه في كتاب القرية التي غادرها للجيش عام 1958 وهو في السادسة عشرة من عمره ثم التحق بمدرسة ضباط الصف عام 1960 وشارك في ثورة سبتمبر عام 1963، والتحق بمدرسة المدرعات عام 1964 ليتخصص في حرب المدرعات.

وجرح خلال الحرب الأهلية التي وقعت عام 1970 بين الجمهوريين والملكيين الذين كانت تدعمهم السعودية. وشارك في انقلاب عسكري عام 1974 وفي عام 1975 أصبح القائد العسكري للواء تعز وقائد معسكر خالد بن الوليد ما أكسبه نفوذا كبيرا ومثل الجمهورية العربية اليمنية في عدة محافل خارج البلاد.

وفي 11 أكتوبر عام 1977 قتل إبراهيم حمدي وشقيقه في ظروف غامضة ثم خلفه أحمد الغشمي في رئاسة الجمهورية لأقل من سنة وقتل بدوره ليصبح علي عبد الله صالح عضو مجلس الرئاسة رئيسا للجمهورية اليمينة (اليمن الشمالي) منذ أغسطس عام 1978 وقد اعتمد على أسرته وأهل الثقة في إدارة أمور البلاد بعد محاولة الانقلاب الفاشلة ضده في أواخر عام 1979.

وفي 22 مايو 1990 أعلن شطرا اليمن قيام الوحدة اليمنية ليكون صالح رئيسا لدولة الوحدة وعلي سالم البيض نائباً له. لكن سرعان ما اندلع خلاف بين الرئيس ونائبه البيض مما أدى إلى اعتكاف الأخير في عدن قبل اندلاع حرب ضارية بين قوات الشطرين الشمالي والجنوبي في صيف عام 1994، انتهت بانتصار قوات الشمال بقيادة الرئيس على قوات الجنوب بقيادة نائبه.

وفي عام 1999 انتخب رئيسا لليمن في الاقتراع الرئاسي الذي جرى في سبتمبر من ذلك العام. لكن هذا لا يعني أن الأمر استتب له، طيلة مدة حكمه، وذلك لأن اليمن "الموحد" كان منذ سنوات ميدانا لتصارع عدة قوى أهمها المعارضة الحوثية في الشمال، والجنوبيون الذين يعتبرون أن الوحدة تمت على حسابهم، إضافة إلى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ونشاطه في اليمن.

ولمواجهة الخطرين الأولين استخدم صالح تهديد القاعدة منصة للظهور بمظهر الدرع الواقي في الحرب على الإرهاب، بعد 1998 عندما تعرضت سفارتا الولايات المتحدة في تنزانيا وكينيا إلى هجومين داميين، وفي أعقاب الحادي عشر من سبتمبر 2001. وقد تمكن صالح من كسب الغرب والقوى العربية النافذة إلى صفه، وكسب صداقة واشنطن من خلال جهوده لمقاومة وجود تنظيم القاعدة في بلده.

وخلال أحداث الربيع العربي أثبت علي عبدالله صالح أنه الأكثر عنادا ضمن الزعماء العرب في مواجهة الثورات. لكن في 23 أبريل 2011 أعلن الحزب الحاكم في اليمن موافقته على المبادرة التي طرحتها دول مجلس التعاون الخليجي لإنهاء الأزمة في اليمن.

وفي الثالث من يونيو 2011 وبعد تصاعد الاشتباكات بين القوات الموالية لصالح وعناصر من قبيلة حاشد اليمنية أصيب صالح في هجوم استهدف مسجد القصر الرئاسي.

وفي اليوم التالي أعلنت السعودية أن صالح قبل عرضها لتلقي العلاج فيها من إصاباته. لكنه عاد إلى بلاده بعد إتمام العلاج. غير أنه وبعد مرور أكثر من تسعة أشهر على اندلاع الأزمة وقع في العاصمة السعودية على المبادرة الخليجية التي مهدت لتسليمه السلطة في فبراير عام 2012 ليتولى السلطة عبد ربه منصور هادي.

ويقول مناوئو صالح إنه سياسي مراوغ استخدم كافة الأساليب للبقاء في السلطة، وبينما كان يعد باعتزال السياسة بذل كل جهد ممكن لتمديد بقائه في السلطة.

وتقول ساره فيليبس الخبيرة في الشؤون اليمنية في مقال كتبته في صحيفة الجارديان: "حكم صالح دائما عن طريق خلق البلبلة والأزمات وأحيانا الخوف في أوساط الذين يمكن أن يتحدوه".

ورغم تسليم علي صالح للسلطة ظل لاعبا أساسيا على الساحة اليمنية، فقد ساهمت قوات من الحرس الجمهوري السابق والتي كان يقودها نجله أحمد وتدين بالولاء له في القتال مع الحوثيين ودعمهم بشكل كبير، ورفضوا أوامر القادة العسكريين الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي حتى استطاع الحوثيون إسقاط صنعاء وهرب هادي إلى عدن، فهدد صالح بشن حرب على الرئيس هادي وعلى الجنوب وأعلن أنه لن يدع لهم مجالا للهرب هذه المرة سوى من البحر.

 

تعليق عبر الفيس بوك