جابر العُمَاني
نستطيع أن نقسم المثقف الناقد على قسمين، الأول: من يكون نقده مبنيا على البحث والخبرة والتتبع والتحري في كل ما يقوله وينقده، هذا النوع من المثقفين يجب احترامهم وتقديرهم والاستماع إلى ما وصلوا إليه من بحث وتتبع بل يجب نقاشهم والتعرض لإشكالاتهم، وإعطاؤهم الوقت الكافي في الحوار من أجل الوصول إلى المنشود من الأمر.
أما النوع الثاني من المثقف الناقد أستطيع أن أعبر عنه بالناقد السطحي الذي لا يعتمد في نقده إلا على الأفكار الارتجالية والاستماع من هنا وهناك أمثال هؤلاء يجب أن يعلموا أن العلمية والتخصصية هي من تجعل منك ناقدا حقيقيا.
ومن هنا لابد أن نعلم أن المثقف الناقد الحقيقي هوالذي لا يتحدث ولا ينتقد إلا عن خبرة ودراية وتتبع وعلم لا عن ارتجال وسماع.
مع كل الأسف أن ما تعانيه مجتمعاتنا اليوم من مشاكل فكرية في الشأن الثقافي أو العقائدي هو من وراء النقد الارتجالي غير المسؤول من بعض المثقفين الذين لا يعتمدون في طرحهم إلا على السماع والارتجال وعدم التثبت والبحث عن المعلومة من مصادرها.
فتراهم يطرحون ويروجون ما يقلل من الشأن الاجتماعي أو الثقافي أو العقائدي من حيث لا يعلمون وهنا لابد أن يعلم المثقف الناقد أن العقل يريد منه ألا ينتقد أو يتحدث عن مسألة ما لم يطلع على سائر مقتضياتها وجوانبها المعرفية لكي يكون نقده وحديثه في محله، فليس العيب أن ننتقد فهذا حق للجميع ولكن العيب عندما ننتقد مسألة ونحن لا نعلم عنها شيئا.
وهنا لابد أن نعلم أن أهم أركان الثقافة هي الأخلاق والتخصص والدراسة واحترام أهل التخصص وترك التطفل عليهم وعدم الاكتفاء فقط على اﻻطلاع أو حفظ اﻻصطلاحات أو التركيز على الجدليات أو تصفيف الكلام المنمق بلا أخلاق ونفع وعمل كما فعل الكثيرون ممن يدعون الثقافة والنقد والانفتاح.
كن مثقفا كما تشاء ولكن عليك أن تزين ثقافتك برداء الأخلاق والعلم والحكمة والدين.. حاور بأخلاقك وانتقد باستقامتك ثم أوصل ما تريد إلى الناس بعلم وحكمة وليس بارتجال وسماع وتعنت، واعلم أنّ عقول الناس أوعية يجب عليك ملأها بما ينفعهم ويقوي ارتباطهم بالله وليس بما يشككهم في دينهم وعقيدتهم.