أجراس الخطر الافتراضية تقرع

 

وديع اللواتي

 

نعم هي تُقرع والنواقيس تَدُق على الواقع الذي بتنا نعايشه ونسمع عنه. حديثي عن الابتزاز الإلكتروني الذي بدأ يتفشى كالمرض الخبيث وينتشر كالنار في الهشيم.

يومياً نسمع ونقرأ عن حالات وضحايا للابتزاز الإلكتروني يقع فيها الشباب والشابات ويدفعون مقابلها مبالغ طائلة لقاء خوفهم من الفضيحة والعار وانتشار مقاطع الفيديو والصور.

السؤال القوي والمطروح هنا هو إلى متى؟ نسمع ونرى عن العديد من الحملات من مختلف الجهات للتوعية بهذا الموضوع الخطير ومع ذلك فالأعداد في ازدياد بدل أن تكون في تناقص، وهذا يدل على وجود خلل في هذه الحملات إذ أنّها وقتية ولحظية لبضع ساعات أو دقائق ثم تختفي رغم المبالغ الطائلة التي تنفق عليها.

كما أنّه يدل على مشكلة كبيرة يعاني منها المجتمع وحاجة بشرية مُلِّحة موجودة بداخلنا وغريزة تبحث عن طريقة لإشباعها في أي مكان وبأي طريقة كانت ومنها مواقع التواصل الاجتماعي.

 فيبحث الشاب عن معرفات الفتيات ويضيفهن أو يقوم هو بقبول طلبات الإضافة منهن (نفس الحال ينطبق على الشابات والفتيات) وتبدأ المحادثة بالتعرف ثم بالحديث عبر الفيديو والتخلي عن الحياء ومن ثم يكتشف أنه وقع ضحية لمبتز وعليه أن يدفع مبالغ طائلة وإلا فإنّ مصيره أسود على يد هذا المبتز فتجده كالمجنون يسعى للبحث عن المال ليقوم بالدفع وفي أغلب الأحيان يستمر هذا الابتزاز ولا يتوقف.

البعض يهتدي للوصول للجهات المختصة والتي تبادر بدورها لاتخاذ اللازم ومساعدته والبعض يظل في دوامة الابتزاز لفترة طويلة أو قصيرة.

أعرف حالة لشخص وقع ضحية الابتزاز واضطر لدفع مبالغ كبيرة كان يدخرها بالإضافة لاضطراره أن يبيع مجوهرات زوجته كلها ليتمكن من سداد المبلغ ومع ذلك لم يتوقف المبتز حتى واجهه هذا الشخص وقال إنه ما عاد يبالي وليفعل المبتز ما يريد حينها استسلم المبتز وتوقف عن الابتزاز.

هذه واحدة من طرق إيقاف المبتز بالإضافة لنصائح الجهات المختصة بالتوقف عن التحدث للمبتز وعن عدم تحويل أي مبلغ إليه والمبادرة للإبلاغ عن الحالة ليتم اتخاذ اللازم.

هذه حالة واحدة من مئات بل من آلاف الحالات التي نسمع عن بعضها ولا نسمع عن أغلبها. قرأت في أحد المواقع الإخبارية أن عدد حالات الابتزاز في السلطنة كان أكثر من 236 في شهر واحد وأجزم أن هذا الرقم هو ليوم واحد وليس لشهر. كما قرأت أيضا أن عدد حالات التبليغ بعد أحد الحملات تجاوز 4000 بلاغ!

كما أنّ الحقيقة الصادمة هي أنّ عدد الحالات من الإناث في تزايد وزادت في فترة معينة أكثر من 10% وهي في نظري نسبة مخففة عن النسب الحقيقية.

كل هذه الأرقام والحقائق مخيفة ويشيب منها الوِلدان وتستدعي حلاً سريعاً وجذرياً من الجميع بدءًا بتحصين الأفراد والأسر مروراً بالمجتمعات وتكاتفها ومساعدتها للشباب والشابات وسد الحاجات الموجودة لديهم بالطرق الصحيحة وانتهاء بالجهات المختصة التي عليها أن تبادر للقضاء على هذه الظاهرة.

أكتب هذه المقالة وأقرأ في (تويتر) عن أحد المختصين وهو يقول إنّ عدد الحالات التي وصلته هو فقط في يوم واحد كان 11 حالة وما خفي كان أعظم.

شبابنا هم عماد المجتمع وضياعهم هو ضياع المجتمع. كما أنّ تفشي هذه الظاهرة الخطيرة يعني تفكك الاسر وازدياد الجرائم لأن الضحية سيسعى للحصول على المال بشتى الطرق ولو بالسرقة أو بيع المخدرات بل ربما يتحول لمبتز ليحصل على المال فهل نريد لمجتمعنا العماني أن يصل لهذه المرحلة؟!