الجندي المجهول والعصا السحرية

 

 

وديع اللواتي

 

البعض منا سمع أو شاهد نصباً تذكارياً في بعض دول العالم للجندي المجهول تخليداً لذكرى بطل حارب بكل شدة وشجاعة ضد الأعداء وقتل في المعركة ولم يتم التعرف عليه لعدة أسباب فتم تشييد هذا الصرح تخليداً لبطولته وتفانيه.

كما أننا شاهدنا الرسوم المتحركة والتي يظهر فيها بعض السحرة وبيدهم عصا سحرية تقوم بأمور عجيبة بعد أن يتمتم الساحر ببعض الكلمات ويضرب العصا فيتحول ذاك الشيء لأمر آخر.

ونشاهد ونسمع عن التقدم والتطور الذي تحققه بعض الجهات والمؤسسات في عدة جوانب تخدم بها مختلف شرائح المجتمع.

قد يستوقفني القارئ العزيز هنيهة ويسألني: ما الرابط بين هذه المواضيع المختلفة وما الجدوى من سردها بهذه الطريقة الغامضة فأقول له، افتح قناة (سبيستون) وشاهد فقرة الرابط العجيب لترى كيف تترابط الأمور ببعضها من حيث لا ندري.

الرابط العجيب هنا ومربط الفرس كما يقولون هو التطور الملحوظ واللافت في أداء العديد من المؤسسات بشقيها العام والخاص في العديد من النواحي كالخدمات المقدمة للجمهور وطريقة تعاملهم معهم وفنون الإبداع والابتكار في عملهم حتى أنّ إحدى هذه المؤسسات في السلطنة نالت نسبة تفوق الـ٩٠٪ من رضا الجمهور عن الخدمات المقدمة منها حسب أحد التقارير والإحصاءات الرسمية.

هذا التطور والتميز لم يأت من فراغ وليس وليد الساعة بل هو حصيلة جهود تبذل ليل نهار من جنود مجهولين يحملون عصا سحرية ينشرون بها التميز والإبداع.

إنّ الجنود المجهولين هم من يطلق عليه اسم سفراء التغيير وهو مصطلح يوحي بعظمة الدور المنوط به. فسفير التغيير هذا يتحمل عبئاً كبيراً في نجاح مؤسسته وأهدافها ومشاريعها ويخوض حرباً ضروسا في بعض الحالات وهدفه الوحيد هو النصر. كلنا يعرف أنّ طبيعتنا نحن البشر ترفض التغيير وتقاومه لعدة أسباب منها الخوف من التغيير أو عدم درايتنا بطبيعة هذا التغيير وتأثيراته أو الخوف من فقدان السلطة والجاه والمنصب أو الخوف من الخروج من منطقة الراحة الخاصة بنا أو غيرها من الأسباب التي تحدو بنا لرفض التغيير ليأتي دور سفير التغيير في توضيح فكرة المشروع وأهدافه وفوائده وما يمكن أن نجنيه من وراء هذا التغيير. يستخدم العصا السحرية وهي أسلوبه ومنطقه وحجته ولباقة كلامه مع قدرته على فهم الطرف الآخر وسبب ممانعته ليحوله بعد ذلك من معارض إلى مؤيد بل وربما من أشد الداعمين لهذه الفكرة ومن المتحمسين لاستخدامها.

هذه المهمة ليست بسيطة ولا هينة، لأنها تتطلب الكثير من الصبر والتحمل والعزم والإرادة مع الحكمة والذكاء العاطفي والاجتماعي لإيصال الفكرة بالشكل الصحيح وفهم الطرف الآخر فهماً تاماً وسبب ممانعته ورفضه ليختار على ضوئها عباراته ومصطلحاته حتى يظفر بالنتيجة المرجوة وتسير سفينة التغيير بكل أمان وسلام وتكون النتيجة نجاح الفكرة والمشروع وتميز المؤسسة ويحصد صناع القرار نتيجة النجاح ويظل هو الجندي المجهول صاحب اللمسة السحرية والخفية.

كل المؤسسات التي نجحت وتميزت وتفوقت هي التي بادرت بخلق منصب سفير التغيير وأعطته المساحة اللازمة للتحرك وزودته بكل ما يحتاجه لإتمام مهمته بنجاح ومن ثم احتفت به وكرّمته وكل المؤسسات التي تخلّفت عن الركب هي تلك التي حاول فيها المدير أو المسؤول فرض رأيه بالقوة والغصب فكانت مقاومة الموظفين داخل المؤسسة أشد للتغيير فبقيت كما هي وظلت تصارع الوضع الذي تعيشه دون أي تقدم وتطور بل ربما تكون زادت سوءاً.

هي دعوة للجميع لإيجاد منصب سفير التغيير ودعمه ومساندته فنجاحه من نجاحنا وفشله من فشلنا. هي دعوة للتغيير والسعي نحو الأفضل.

تحية إجلال واحترام وتقدير لهؤلاء الجنود المجهولين الذين يعملون ليل نهار دون كلل أو ملل لنجاح مؤسساتهم ومساعدتها في تحقيق أهدافها. شكراً لكل جهد تبذلونه دون أي مقابل فأنتم سر النجاح أينما كنتم.