طالب المقبالي
قبل شهرين من الآن كتبت مقالاً بعنوان "طلبة وطالبات الجامعات في رمضان"، تطرقت فيه إلى بناتنا الطالبات خلف الأسوار في السكنات الداخلية في الجامعات والكليات الخاصة التي لا توفر لهن التغذية وهن أشبه بالسجينات خاصة أيام شهر رمضان المُبارك.
هذا المقال انتشر على نطاق واسع في السلطنة، فليته قد وصل إلى المعنيين من القائمين على الجمعيات الخيرية، ومن أصحاب الأيادي البيضاء الذين يقدمون وجبة إفطار صائم خلال شهر رمضان المبارك يومياً في المساجد أو في مُخيمات خاصة، وغالباً ما يكون المستفيد من هذه الفطرة هم العمالة الوافدة غير المسلمة الذين يستغلون هذه المناسبة مع قليل من المُسلمين.
ولعل المقال له تأثيره في هذا المجال، حيث طالعتنا بعض الإعلانات من أصحاب المبادرات في تقديم إفطار صائم باشتراط أن يكون الحضور من المُسلمين فقط، ولكن كيف نستطيع تمييز المسلم من غير المسلم؟ كما علمت أن إحدى الجامعات الخاصة في مُحافظات الباطنة قد استجابت لهذه المناشدة، فكان هناك سعي لتقديم وجبة الإفطار لطلبة وطالبات الجامعة.
وكما ذكرت في مقالي الأول فإنَّ هؤلاء الطالبات يتعرضن للاستغلال من قبل أصحاب المطاعم والمقاهي القريبة من تلك الجامعات، حيث يصل سعر الوجبة الواحدة إلى ثلاثة ريالات في الأيام العادية مع رسوم خدمة التوصيل للسكن، فيما تتضاعف الأسعار في شهر رمضان المبارك.
ولا جديد لديَّ في هذا المقال عدا التذكير بهؤلاء الطالبات، وتقديم الشكر لمن استجاب لذلك النداء، فكما هو معلوم فإنَّ غالبية الطالبات من ذوي الدخول المتدنية ومن ذوي الدخل المحدود، ومن بينهم أيضًا من أسر الضمان الاجتماعي.
وقد وجهت النداء لألفت انتباه أصحاب هذه المُبادرات والجمعيات الخيرية بأن يتوجهوا إلى هذه الكليات والجامعات لتقديم جزء من طعام الإفطار لهؤلاء الطالبات اللائي هنَّ في أمس الحاجة إلى هذه الفطرة التي ستعينهن على التحصيل الدراسي والابتعاد عن التفكير في كيفية الحصول على طعام الإفطار.
ولعل قائلاً يقول إنَّ أغلب طلبة وطالبات الجامعات قد أنهوا عامهم الدراسي، نعم هذا صحيح ولكن ما زال هناك طلبة وطالبات يواصلون امتحاناتهم وهم بأمس الحاجة إلى طعام الإفطار، كما أنّ عددا من الجامعات والكليات الدراسة فيها مستمرة صيفاً، والجامعات لا تغلق أبوابها على مدار العام.
وأكرر توجيه الدعوة للجمعيات الخيرية بالتنسيق مع الكليات لتقديم وجبات الإفطار أيضًا للجميع دون استثناء حتى لا تتعفف المعسرات من تناول هذه الوجبات.
وكما ذكرت في مقالي السابق فإن هناك طالبات أحيانا لا يتناولن طعام العشاء بسبب ارتفاع أسعار المطاعم، وبالتالي يضطررن لتقاسم الوجبات مع زميلاتهن في السكن، وهذا نقلاً عن بعض الطالبات اللائي عايشن الوضع.
ولن أنسى بناتنا الطالبات في جامعة السلطان قابوس اللاتي يقمن في السكنات الداخلية؛ حيث يتعرضن لسوء التغذية بسبب تعارض مواقيت المحاضرات مع مواقيت مطاعم الأقسام الداخلية مما يضطرهن لتناول وجبات سريعة.
فقد ذكرت بأنّ هناك طالبات لا يستفدن مثلاً من وجبة الغداء التي تبدأ الساعة 12 ظهرًا وتنتهي الساعة 2:30 بعد الظهر في الوقت الذي يتزامن مع بدء المحاضرة الأولى وينتهي موعد الغداء مع موعد بدء المحاضرة الثانية، والفاصل الزمني بين المحاضرتين لا يمكن الطالبات من الذهاب إلى السكن والعودة إلى الجامعة، وكذا الحال بالنسبة لوجبة العشاء، مما يضطر الطالبات للجوء إلى شراء الطعام من المطاعم الخارجية التي توفر خاصية التوصيل إلى سكنات الطالبات بأسعار مبالغ فيها، والتي تصل في غالب الأحيان إلى أضعاف أسعار الوجبات في المطاعم القريبة من سكنات الجامعات والكليات الخاصة.
وقد تطرقت أيضاً لحال الطلبة الذكور الدارسين في الجامعات والكليات الخاصة، فإن بعض الطلبة قد تركوا الدراسة وتوجهوا للعمل لعدم مقدرة ذويهم على توفير مصاريف السكن والتغذية، وإن توفرت لهم بعثة مجانية للدراسة فإنّ البعثة أحياناً لا تتضمن السكن والتغذية.
ومن المؤسف أن بعض الجمعيات الخيرية تتوجه بالتبرعات إلى خارج السلطنة، بينما نحن في الداخل أحوج لها من غيرنا؛ حيث يصاحب تلك الحملات الخارجية زخم وتغطية إعلامية كبيرة، في حين أنَّ التوزيع في السلطنة لا يحظى بالقدر الكافي من التغطيات الإعلامية.
لذلك أكرر المناشدة لأصحاب الأيادي البيضاء الذين يقدمون إفطار صائم أن يشملوا هؤلاء الطلبة بمد يد العون لهم، والاهتمام بهم، ففيهم المعسر.