أمسية فلسفية بـ"الكتاب والأدباء" تناقش كتاب "دراسات تداولية في علوم الفقه العموم والخصوص"

 

مسقط – الرؤية

أقامت لجنة الفلسفة بالجمعية العُمانية للكتاب والأدباء بمقرها بمرتفعات المطار، أمسية حوارية حول فلسفة اللغة لمُناقشة كتاب (دراسات تداولية في أصول علوم الفقه العموم والخصوص) للدكتور سعود الزدجالي، وأدار المناقشة الكاتب محمد العجمي والذي قدَّم في بداية الجلسة رؤية سريعة حول الكتاب، أشار فيها إلى أنَّ هناك قضايا معينة واجهها وهو يطالعه، من بينها مُحاولته التَّعرف على حقل جديد من الدراسات اللغوية من خلال دراسة دكتوراه مفرطة في التخصصية، إضافة إلى قضية نفسية خاصة تتجسد في العلاقة غير الحميمة التي تراكمت لديه في التعاطي مع الفقه.

وأضاف العجمي: أستطيع القول إنني تجاوزت المسألتين بعد قراءتي للكتاب. والأمر يعود في رأيي إلى ميزتين في الكتاب، الأولى في أن منهج الدراسة الوصفي التحليلي قلَّل من العلاقات المحتملة بين المتغيرات والتي قد يُدركها الباحث خلال بحثه ولا تصل إلى القارئ، مع استخدامه لغة وصفية يمكن الانطلاق بسهولة من خلالها إلى قائمة من المقالات والمُحاضرات والدراسات الموازية التي تسهل استيعاب المصطلحات والمفاهيم وبالتالي إدراك مُراد الكاتب وقصديته؛ حتى بالرغم من التخصصية الدقيقة التي طبعت الكتاب عمومًا، الميزة الثانية هو الخلفية اللغوية للباحث كمتخصص في فلسفة اللغة والسيميائيات؛ والتي تجعله دارسًا يقتحم حقل أصول الفقه ليس كفقيه وإنما كلغوي ممارس للمناهج الحديثة سواء في رسالته للماجستير أو في مقالاته ودراساته المنتشرة، وهذا يجعل القارئ أقدر على بناء اتصال أكثر فعالية وعملية مع أصول الفقه، فالحواجز النفسية تزول مع إدراك أنَّ علاقة الكاتب ببحثه هي علاقة أكاديمية معرفية صرفة، وهي علاقة سوف تنتقل تلقائياً من الكاتب إلى القارئ الذي سيصبح هو الآخر باحثًا معرفيًا حرًا.

ثم انطلق العجمي من محاور ناقشها مع مُؤلف الكتاب الدكتور سعود الزدجالي تتمثل في كلمة Pragmatics التي تُترجم إلى "تداوليات": وما يحدد استخدامها في حقل فلسفة اللغة كـ(تداوليات) أو في الحياة اليومية كـ(نفعي ومنفعة وبراجماتي)، فيمكن القول عمومًا أن التداوليات هي اللفظ الشائع في ثقافة التخاطب بين النَّاس، مرورا بالتداوليات المُتصلة بالحياة اليومية وبالاستعمال المتداول والمرتبط بشكل أساسي بالجانب العملي المنفعي. وهنا أسهب المؤلف الدكتور سعود الزدجالي فيما طرحه الكاتب محمد العجمي مشيراً إلى أنَّ الكتاب يستطيع يتناوله كل من أراد البحث ومعرفة دراسات تداولية في أصول علوم الفقه العموم والخصوص، حيث يقع في (335) صفحة موزعة على ثلاثة مباحث، اشتمل المبحثان الأول والثاني على مقدمات لتوضيح وتعريف مادة الموضوع ومفاهيمه، بينما مثل المبحث الثالث لبّ الكتاب باشتماله على خمس دراسات غطَّت خمسة مواضيع لتناول التداوليات عند الأصوليين.

وتتمثل أهمية الكتاب في نقطتين رئيسيتين: الأولى في كونه ربطا مضبوطا علميا بين مناهج بحثية معاصرة في فلسفة اللغة واللسانيات وبين النتاج العلمي للأصوليين في الحضارة العربية الإسلامية. وهذا يعطي فرصة أكبر لتقدير هذا التراث من قبل أبناء هذه الحضارة، والثانية أن البحث يمثل ممارسة عملية للدعوات التي ما فتأت تطرق واقعنا منذ الطهطاوي والأفغاني ومحمد عبده حول التجديد الديني، وفي هذا الكتاب سيتمثل ذلك في إعادة فهم تراث القدماء واستقراء نصوصهم في ضوء المناهج اللسانية الحديثة والفلسفة التحليلية، كل ذلك بما يسهم في تجديد الفقه الإسلامي.

 

 

تعليق عبر الفيس بوك