المرأة.. من عاملة في المقهى إلى مالكة له

 

 

زينب الغريبية

 

 

عمل المرأة في الأماكن التي تتناسب معها لا يزال موضع جدل عند كثير من الناس، فكيف هو عملها في أماكن أخرى مثل المقاهي، فوجود المرأة في مثل هذه الأماكن وإن كانت تمثل لها مصدر كسب اقتصادي في حاجة إليه مرفوض، ويجعل الجميع ينظرون إليها نظرة تحمل كثيرا من الشكوك والاتهامات لأخلاقها، وإلا لما كانت قبلت أن تعمل في مثل هذه الأماكن، ولكن في المقابل أين يمكن أن تعمل المرأة بالمؤهلات التي تحملها من بكالوريوس وماجستير لا توفر لها عملا في بلدها لأسباب كثيرة؛ قد يكون من ضمنها توفر الدرجة المالية، وكيف يمكن أن تكون إنسانة مُنتجة في المجتمع ومستقلة تدبر شؤونها دون أن تكون عالة على أي أحد خاصة.

ما قادني إلى طرح هذا الموضوع رغم أنّ علاقة المرأة بالعمل موضوع نال قدرا كبيرا من النقاشات، هو خصوصية مجتمع دون الآخر، فهناك أعمال تكون مرفوضة في مرحلة معينة في المجتمع إلا أنّها تكون مقبولة في مرحلة تالية، ولكن قد لا يكون من ضمنها المقهى أيًا كان مكانه سواء كان في الخارج أو في فندق، حيث دار نقاش الأسبوع الماضي حول إمكانية عمل بعض الفتيات في مقاهي المؤسسات التعليمية حيث تكون الزبائن بناتا، وبالتالي قد يقل الحرج من ذلك والتحفّظ الاجتماعي، ويفتح مصدر عمل ورزق لبعض البنات الباحثات عن عمل، إلا أنّ طرح الموضوع للنقاش أثار آراء متحفظة كثيرًا، فالمُسمى الذي تحمله الوظيفة بغض النظر عن دخلها غير مقبول، وبعضهم طرح موضوع الراتب حيث تكون المرأة عاملة فتجتمع الوظيفة وضعف الراتب، والبعض شجّع على استحياء مثل هذا الاتجاه، ولكن ما الذي يحمله المستقبل للمرأة في ظل محدودية فرص العمل، هل سيتقبّل المُجتمع عملها في المقهى؟ وهل سوف تستطيع أن تقوم بذلك وهي اليوم تعمل في كثير من الأماكن التي ربما تكون أكثر صعوبة.

لقد كتب أنيس منصور كيف كان المجتمع المصري منذ سنين يمر بأزمة الخريجين والباحثين عن عمل، وأيضا تحفظات كثيرة لعمل المرأة في أماكن مثل المقاهي، وذكر أنّ خطوة أخذت في هذا الطريق حيث خصص أحد الفنادق مقهًى تديره خريجات جامعة، وأصبح كل من يذهب إلى هناك يرى ألا شيء غير طبيعي، ويُحظى بخدمة متميّزة، ويجد إدارة جيدة، وبالتالي من ذلك المكان بدأ تغير بعض المفاهيم حول الأمر.

لكن طرق الأمر معنا يختلف، ومن أجل التفكير بطريقة تحمي المرأة من تحفّظات المجتمع أيضًا، يمكن أن يقدم دعما لبعض الفتيات ليكنّ مالكات لبعض المقاهي خاصة في أماكن تجمّع الطالبات أي في المؤسسات التعليمية، أو في المراكز التي تقدم خدماتها للنساء، ويتم تدريبهنّ على ذلك من أجل أن تكون حظوظهن في النجاح كبيرة، وهذا أيضًا سيساعد على توفير أماكن تعبر عن ثقافة المجتمع، وخصوصيته خاصة للمرأة المالكة للمقهى والمرأة المرتادة.

إنّ خريطة الأعمال مختلة، وفيها سيطرة كبيرة اليوم للعمالة الوافدة، ومع تزايد عدد الخريجين لا سبيل إلا أن نفتح ثغرات في جدار هذه السيطرة يُمكِّن البعض من النفاد وإيجاد مكان يحقق له دخلا، ولا يمكن أن يتم ذلك بدون تقديم بيئة وتهيئتها لكي تتمكن المرأة من المشاركة في العملية الإنتاجيّة لا سيّما في ظل محدودية الوظائف التي يمكن أن تتوفر في السنوات القادمة.