نظرية الحب والاحترام (2)

ناديه المكتومية

متى ستعرف كم أهواك يا رجلا      أبيع من أجله الدنيا وما فيها
يا من تحديت في حبي له مدنًا بحالها      وسأمضي في تحديها
لو تطلب البحر في عينيك أسكبه
أو تطلب الشمس في كفيك أرميها

كنا قد بدأنا في مقال سابق حديثا تطرب النفوس له وتهتز القلوب له ألا وهو الحب والاحترام، فبين الحب والاحترام يكمن سر عظيم في استقرار بيوت دافئة، وتولد علاقات أسرية تسودها المودة والرحمة، ونستأنف حديثنا في هذا البحر الذي لا ساحل له بسؤال مهم، كيف أعبر عن حبي لنصفي الآخر؟ هل للحب لغات؟ وما اللغة الأنسب التي يجب أن أعبر بها لرفيق دربي؟
بالتأكيد لغات الحب لا حصر لها تختلف باختلاف الثقافات والأزمنة والشخوص، ويمكن أن نجملها تحت خمس مظلات أساسية هي:
1.    لغة التوكيد: وهي الألفاظ التي يعبر بها الشخص لشريك حياته عن حبه بالكلمات الدافئة والراقية والإيجابية والتشجيع والمدح والشكر والثناء؛ كل هذه الأنواع الملفوظة من الكلمة تدخل تحت مظلة التوكيد مثل تاج راسي أم محمد، يعطيك العافية أبو محمد يا سراج البيت...إلخ.
2.    لغة الوقت: ونقصد به هنا توفير الوقت الكافي لقضائه مع شريك الحياة ولا نقصد هنا الوقت الكمي أي كم عدد الساعات التي نقضيها مع نصفنا الآخر إنما الوقت النوعي أي تكريس الوقت الذي تقضيه مع شريك حياتك في أمور مشتركة تمتعكما وتقرب بينكما وتوطد حبال الود والألفة بينكما، لذلك العبرة ليست بكم ساعة قضيت مع شريك حياتك إنما بالكيفية التي قضيت فيها ذلك الوقت هل كان له أثر إيجابي على علاقتكما أم هو وجود الغياب، فكثير من الأزواج يرددون أنا ما أطلع من البيت أجلس مع زوجتي معظم الوقت غير أنه للأسف يقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي أو التلفزيون أو أمور لا توجد بينهما المتعة والألفة وهنا ننصح الأزواج بقضاء 20 دقيقة يوميا فرضا واجبا في عرف الحب يقضيانه في أحاديث ممتعة مسلية لهما وليس مناقشة قضايا الأولاد أو العمل أو غيرها، فالغرض من العشرين دقيقة هنا المتعة والتسلية والمشاركة الفكرية والعاطفية بينهما.
3.    لغة الهدية: مصداقا لقول حبيبنا المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه (تهادوا تحابوا)، وهنا نؤكد بأن الهدية في رمزيتها وليس في قيمتها، ولغة الهدية ذوق وفن حري بالمرأة والرجل اتقانه، فالهدية توصل رسالة مفادها أنا أفكر فيك، أذكرك، ودليل حبي لك، وطريقة تقديم الهدية لها دور في إدخال الدهشة والبهجة والرضا لقلب الطرف الآخر تفوق قيمة الهدية نفسها فكن عزيزي الزوج والزوجة مبدعا في فن الإهداء لشريك الحياة.
4.    لغة المبادرة: وهي أن يقوم كلا الزوجين بأعمال من شأنها أن تعين الطرف الآخر فالزوج يسعى لإرضاء زوجته بخدمته لها معبرا عن حبه لها بذلك، وكذلك الزوجة تبادر بخدمة زوجها وتلبية احتياجاته بالمنزل معبرة عن حبها وتقديرها له، وتحتم المبادرة تحمل الفرد مسؤولياته حتى لو أخل الطرف الآخر بواجباته، فمثلا لو قصر الزوج في أمر ما من شؤون زوجته فالمبادرة تستدعي ألا تقصر الزوجة بمسؤولياتها الزوجية تجاه هذا الزوج وتجاه أسرتها والعكس صحيح مع الزوج فلا يجب أن يقصر في مسؤوليته في حالة تقصير الزوجة هذا الالتزام الأخلاقي والمبادرة من شأنها رأب الصدع وسد الخلل وإرجاع أواصر المحبة مهما مرّت من تحديات ومطبات زواجية.
5.    لغة القرب: وتشمل لغة التربيت على الكتف وغيرها من لغات القرب الجسدي والتي من شأنها أن توصل رسالة الاحتواء والحب للطرف الآخر، كذلك تشمل لغة القرب الدعاء للآخر حاضرا وغائبا بظهر الغيب، وأن تبعث رسائل بالهاتف أو أي وسيلة تطمئن على الآخر وتسأل عنه وتبث له مشاعرك الدافئة الطيبة مما يبني جسور التواصل التي توثق عرى المحبة الزوجية، ومن أجمل اللغات التي لها وقع في النفس هي لغة الحياء فعندما تضعه عينيك في عينيه تغضها وتنزلها والحياء شعبة من شعب الإيمان.
نصل الآن لإجابة السؤال المهم الذي طرحناه سابقا بعد أن عرفنا لغات الحب الخمسة كيف أعرف لغة الحب التي يفهم بها شريك حياتي؟
الجواب: أن تعبر له بلغته هو كما يفهمها هو وليس كما تفهمها أنت، اسأل شريك حياتك متى تشعر بحبي؟ أو متى تعرف بأنّي أحبك؟ وسيكون جوابه هو لغته المفضلة لديه، فإذا أجابك عندما تمضي معي وقتا ممتعا أكثر فمعناه لغة الحب الأساسيّة لديه هي لغة قضاء وقت نوعي معه، أمّا إذا كان الجواب مثلا عندما تقول لي كلمات حب جميلة فاعلم هنا أنّ لغة التوكيد والكلام الدافئ هي لغة شريك حيات الأساسية، وهكذا نحدد لغة الحب الأساسية بالسؤال البسيط متى تعرف بأنّي أحبك؟ الجواب سيكون هو لغة الحب الأساسية عند شريك حياتك.
وهنا ننصح بعد التوصل للغة الحب الأساسية لشريك حياتك أن تركز عليها في التعبير عن حبك له لأنّها ستكون اللغة المفضلة التي يفهم منها بأنك تحبه، مع عدم إغفال اللغات الأربع المتبقية التي ذكرناها سابقا..
الحب أسمى معاني الجمال في الحياة ويصنع المعجزات في العلاقة الزوجية ولكم في رسول الله أسوة حسنة في حبه لزوجاته واللغة الراقية في التعبير عن الحب لهن، وتذكر بأنّ الحب يبلغ القمة كلما تنازلت المرأة عن عنادها والرجل عن كبريائه.

دمتم بحب بجوار نصفكم الآخر،،