الحبُّ الرومانسي والحب الناضج

نادية المكتوميَّة

تحدَّثنا في مقالات سابقة عن ماهية مشاعر الحب ومراحله، وناقشنا قضية الحب من النظرة الأولى، وناقشنا أهمية التأنِّي والتمهُّل أثناء مرحلة الخطوبة، والحذر من الاندفاع العاطفي الذي يلغب العقل في الاختيار.

من الجيِّد أن نسلط الضوء أعزائي القراء على الفروقات بين الحب الرومانسي والحب الحقيقي؛ لكي يُميِّز الشباب والفتيات المقبلين على الزواج بينهما، فيتمكنوا من فهم مشاعرهم بوضوح، وبالتالي إدارتها بشكل سليم ومتوازن، فما الفارق بين الحب الحقيقي الناضج والحب الرومانسي، الذي نُطلق عليه أيضًا الحب غير الناضج أو الإعجاب.. وفيما يلي بعض هذه الفوارق:

الحب الرومانسي يقوم على التعلق بمظاهر المحبوب لا بجوهره؛ بمعنى: شكله، طوله، لبسه وسامته...إلخ من الأمور الظاهرية، وكذلك ينشغل دائما بالتفكير به مثلا في عمله دائما التحدث معه، فقد قدر الحب على المظاهر وهو متعلق بمظهر المحبوب لا بجوهره، بينما الحب الحقيقي الناضج يقدر المحبوب في جوهره فينظر لطريقة تفكيره وأسلوبه وسلوكياته، انظر كيف تفكر هذه البنت، إنسانة عندها قيم...إلخ، فهو يقدر الحب على المواقف، ولو كان هذا المحب في عمله ينشغل بعمله فينسى المحبوبة بشيء تحبه تلك المحبوبة.

يقوم الحب الناضج على الواقعية الذي تمزج العاطفة بالعقلانية؛ بمعنى يخطط لينتهي بالزواج وحتى لو لم ينتهِ بالزواج فهناك جدية الهدف للسعي نحو الزواج، والذي يدرس فيه مقومات الطرف الآخر ويدرس الأمور بلباقة للمستقبل وبشكل متوازن، فيقول: أحبها وتحبني ولكن هل ظروفها تناسب ظروفي؟ بينما الحب الرومانسي حب انفعالي يقوم على الخيالات والتمرد والعناد؛ بمعني: أحبك وتحبيني تعالي نتزوج وما يهمنا أحد، وهنا تحصل بعض حالات الزواج بهروب البنت والشاب، أو في المحكمة دون رضا الأهل، ودون التنسيق والتخطيط الجيد لنجاح الزواج.

الحب الناضج قادر على رؤية مزايا المحبوب وعيوبه، بينما الحب الرومانسي يرى المحبوب بلا عيوب، وهذا فارق جوهري بينهما؛ لأنه لا يوجد بالمنطق والعقل شخص بل عيوب.

الحب الناضج يتجذَّر بالعلاقة البيولوجية الجسدية الحسية ويقوى، بينما الحب الرومانسي ينتهي ويفتر مع أول لقاء جسدي حسي بين الطرفين.

الحب الناضج يعبر عن مواقفه للطرف الآخر بشكل هادئ واثق رزين؛ فمثلا يعالج موقف الغيرة على المحبوب بقوله: "اذهب أنى شئت سيمطر حبك في بيتي"، بينما الحب الرومانسي اندفاعي في التعبير عن المواقف يُعالج المشكلات بالصراخ والغضب والسلوكيات الاندفاعية.

من هُنا أعزائي القرَّاء، بعد أن عرفنا الفارق بين الحب الحقيقي الناضج والحب الرومانسي الناقص، يجب أن ننقل الحب الرومانسي عند الشباب إلى الحب الناضج، ليكتب له الديمومة والاستمرارية، وانتبهوا فالحب ليس شرطا للزواج الناجح، وقد تحدثنا عن هذه القضية بتفصيل واسع في مقالات سابقة... جمعكم الله بمن تحبون، ودمتم بهدوء وسكينة.