إليك سيّدي المعلم

 

سلطان الخروصي

بتمعن دقيق لأضلع التعليم نجد أن "المعلم" يمثل أحد أبرز أهداف التنمية البشرية الموضوعة ضمن أولويات الاستراتيجيات الوطنية؛ حيث سعت دول العالم المُتربعة على عرش جودة التعليم لجعل هذا المُكون النابض في موقع يشعره بالرضا الوظيفي، والاستقرار النفسي، والأمن الاجتماعي؛ والذي بدوره سينعكس حتما على جودة أدائه المهني، وابتكاره لطرق تدريسية مطورة، وسعيه نحو توظيف التكنولوجيا بمختلف صنوفها وإفرازاتها المعرفية والمهارية والوجدانية؛ لتقديم ما تحتضنه المناهج الدراسية بحُلة عصرية نوعية بعيدا عن النمطية والتقليد.

وانطلاقا من ثوابت الرؤية السامية في الاهتمام بالمعلم، وتحقيقا لفلسفة التربية العمانية القائمة على اعتبار أن المعلم أحد المُكونات الأساسية لهذا القطاع الحيوي وجعله في المربع الأول ضمن استراتيجية التنمية البشرية باعتباره الشمعة الوقادة في تنوير المجتمع بالأخلاقيات السوية، والسلوكيات القويمة، ووفقا لما بينه الدين الحنيف باعتباره وريث الأنبياء تقلدت وزارة التربية والتعليم مسؤولية جعل هذا اليوم أحد أمجاد التربية الزاهية؛ حيث  تكمُن قيمتها المعنوية أكثر من المادية اعتباريا ومجتمعيا، وفي ذلك إشارة للقيمة الفعلية لمربي الأجيال الذي تعتبره الدولة أحد أضلع البنية التحتية للتنمية البشرية المستدامة، فصلاح الجيل منوط به قوة وجودة الإنتاج على المستويين الوطني والعالمي، والمعلم في هذا البلد الأغر أثبت جدارته بكل قوة واقتدار عبر تباين عطاءاته المتدفقة المتواترة، وسطعت أنواره المشرقة بين أنسجة المجتمع وتفاصيل حياة الناس، فحق له أن يكرم وأن يحتفى بمقامه السامي الرفيع.

كما نجد أن مؤشرات الميدان التربوي تشي بجزء كبير من التطوير التدريسي والأكاديمي للمعلم بمختلف جوانب العملية التربوية والتعليمية، وأمام تلك الإنجازات والإبداعات والنتاج العلمي والتدريسي الوضاء الذي يقدمه هذا الشمعدان المتلألئ تتجدد احتفالية وزارة التربية والتعليم بل الوطن جميعا بيومه المجيد، فتنتقي الألسنة أطايب القول كما ينتقى أطايب التمر، وتتهافت أبيات القصيد وهي تطرب الأرض بعظيم شأنه وجزيل فضله، وتتساقط بساتين الزهور والفرح والحبور بهذا الرصيد البشري الخالد من شتى أشربة وأطياف المجتمع، فهنيئا لكم هذا اليوم أيها العظماء، فبكم تستنار الردهات، وعلى خطاكم تبنى العقول والأمجاد.

دعوة قلبية نقدمها في ختام هذا المقال لهذا الصرح الفكري الشامخ على أن تستمروا في عطاءاتكم بكل ما تبدعه عقولكم وأفكاركم وأطروحاتكم، فالوطن بكل أطيافه يقلدك وسام الثقة والمسؤولية نحو تأسيس لبنات الأمة العمانية الظافرة، اسبحوا في فضاءات الابتكار والتقنية والإبداع لتخلقوا لنا جيلا مجودا بحب المغامرة والبحث والإنتاج، ثقوا أنكم محل إجلال وعظيم شأن لدى جميع مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، فلا تلتفتوا إلى المثبطين والمرجفين ومن تقطعت بهم سبل النجاح والطموح، فالجميع في هذا اليوم الزاهر يطرب الدنيا مرحا وفرحا بما خطه مداد أمير الشعراء ذات يوم حين شدى:

قم للمعلم وفه التبجيلا *** كاد المعلم أن يكون رسولا

ومصداقا للقول المأثور: "من علمني حرفا صرت له عبدا"، فهنيئا لكم أيها المعلمون، وهنيئا لعمان هذه الكوكبة المتوقدة، وهنيئا للمجتمع بكل أطيافه هذه الشموع المضيئة، وكل عام وجميع معلمينا ومعلماتنا بكل خير ونجاح ووئام، ورحم الله من فاضت أرواحهم الطاهرة إلى بارئها وهي تجود بعطاء العلم والمعرفة في ربوع عمان الطاهرة.

sultankamis@gmail.com