عُمْر الوطن من عُمْر أبنائه

 

علي بن بدر البوسعيدي

من أبرز واجبات وزارة الإسكان التي أنشئت من أجلها توفير السكن الملائم لأبناء الوطن بحسب القوانين المنظمة لذلك من حيث الإجراءات ونظم الاستحقاق وكيفية استخدامات تلك الأراضي سواء كانت سكنية أم تجارية أم صناعية وغيرها.. وبالطبع هي مشكورة لبذلها مزيدا من الجهود في تنظيم منافع الأرض بمختلف فئاتها، وأن يكون لكل مواطن على أرض عمان مأوى كريم له ولأسرته..

لقد نظم المرسوم السلطاني (٩٧ /٢٠١٠) سبل استحقاق الأراضي الحكوميّة، وكفل العلاقة والحقوق بين وزارة الإسكان والموطن حيث نصّ المرسوم بأنّ لوزارة الإسكان حق تمليك المواطن قطعة أرض واحدة تجارية أو سكنية تجارية أو صناعية بالمخططات التفصيلية بالمحافظة أو المنطقة أو الولاية التي ينتمي إليها، وذلك وفقًا لعدد من الشروط وهي أن لا يقل عمر المتقدم عن 23 سنة، وألا يكون قد سبق منحه أرضا بالاستعمال التجاري أو السكني التجاري أو الصناعي، وفي حالة طلب قطعة أرض تجارية أو نشاطية اشترط المرسوم السامي أن يكون مقدم الطلب مزاولا لنشاط قائم مدة لا تقل عن ثلاث سنوات سابقة على طلبه، وأن يسدد الثمن في الموعد المحدد لذلك.. لا شك أنّ هذه الشروط جامعة، وعالجت كثيرًا من أوجه القصور، بجانب أنها تهدف في قيمتها الأسمى إلى استفادة الوطن وأبنائه من الأرض بما ينفع كلا الطرفين، وتقطع الطريق أمام الاختلالات والتضارب.

في الفترة الأخيرة بات يشكو كثير من المتقدمين لطلب نيل قطعة أرض من البيروقراطية وتعقيد الإجراءات، وطول الفترة التي تمتد أحيانا لسنوات بين تقديم الطلب ونيل استحقاق الأرض، الأمر الذي يهدر كثيرًا من طاقات أبناء الوطن، ويؤخر عجلة التنمية لاسيما في طلبات الأراضي التجارية والصناعية سنوات عجاف.

تناهى إلى سمعي -ولا أدري إن كان ذلك حقيقة أم لا- أن الإسكان توجه أسئلة لطالبي الأراضي على شاكلة: هل جلبت معك موافقة من البنك لقرض بناء الأرض؟ هل تريد الزواج الآن؟ ربما تكون أسئلة حميدة من قبيل ترتيب الأولويات ومراعاة ظروف المستحقين لا أكثر ولا أقل، مع إقراري التام بأنّه لا حق للإسكان في توجيهها لطالب الأرض؛ فضلا عن عدم منطقيّتها؛ فواحد من شروط منح القرض هي أن تجلب صورة من سند ملكية الأرض التي سيُبنى عليها المسكن.. فكيف تسألني عن قرض هو رهين أصلا بحيازة الأرض..

لو طبّقنا المرسوم السلطاني بحذافيره وجعلناه نصب أعيننا صدقوني ستحل كثيرًا من العقبات..

الأمر فعلا يحتاج إلى وقفة ومراجعة شاملة من وزارة الإسكان لإيجاد آلية تكفينا شر البيروقراطية، ولتجسير المسافة بين تاريخ تقديم الطلب واستحقاق الأرض، بجانب الحرص على راحة المواطن وعدم إهدار عمره وهو يلهث وراء قطعة أرض.. فعمر الوطن من عمر أبنائه طالما أننا نبني عمان معًا..