حمود الطوقي
قمت بالأمس - من خلال حسابي على تويتر، بإطلاق مبادرة حملت عنوان (هيا نقرأ مع مرشد)، ولعلّ الفكرة تخرج من دائرة الزمن الحالي الذي نحن فيه، لتعيد الصورة التي كانت عليها القراءة منذ عقود بين أجيال السلطنة، وتعويد النشء على الاهتمام بالقراءة، واتخاذها مسلكا جوهريا بحياتهم في المستقبل..
لماذا هذه المبادرة الآن؟
يبدو أنّ مقولة (طفل الآيباد) ليست واقعية من حيث المرجعية الرقمية لإحصائية الأعداد لكي نجعل من التصفح عنوانا لثقافة الطفل، كما أننا - في الوقت ذاته - لا نستطيع سلب هذا الجهاز سطوة تأثيره على الأجيال في عُمان أو في أي مكان آخر، ولكنّه ليس الأساس الذي من خلاله ينبغي أن يتم بناء التأسيس الصحيح للطفل العماني، في ظل ظروف غير متكافئة مع خصوصيته؛ فالآيباد أو الهواتف الذكية والألواح الإلكترونية لا تستطيع الحصول عليه كل الأسر، كما أنّه لا يتوفر تسويقيًا في الجغرافيا العمانية كاملة، فضلا عن كونه بيئة تصفح وليست بيئة قراءة؛ لهذا أردنا أن نعيد هذا الخلط إلى نصابه الصحيح، وهو القراءة الصحيحة للطفل، سواء كانت مباشرة أو عبر وسيط صوتي مباشر (الوالدين)، وهذا حق مشروع لتحقيق بنية ذهنية وثقافية سوية تربط الطفل بالقراءة.
نحن نعتقد أنّ (مجلة مرشد) ليست مجرد مجلة، بل هي خارطة طريق، تحقق بعضه على الرغم من التحديات، ويبقى الأصعب في القادم، لأنّ القادم يعني المستقبل، والمستقبل يعني الاستمرار، وما حصدته المبادرة هو تجاوب من أفراد وبعض المؤسسات، بعضها بالاشتراك في المجلة، وبعضه بدعم فكرة القراءة، وبعضه باقتراح أفكار لدعم تفعيل المبادرة؛ ولكنّ الأساس هو ضرورة أن يكون في كل مدرسة نسخة من (مجلة مرشد)، لأن تعزيز القراءة يبدأ من المدرسة، ثم يتكامل في البيت من خلال الوالدين، ثم تتسع الدائرة من خلال إشراك الأطفال في فعاليات قرائية متنوعة، وتلك هي الأرضية التأسيسية التي من خلالها أطلقنا المبادرة، فالطفل الذي يقرأ يقيم علاقة سوية مع اللغة، ويفتح مداركه على ما تتصل به من أدوات يومية تتحقق من خلال تعاطيه معها.
إن قيام الأب والأم باستقطاع كل منهما من وقته ربع ساعة للجلوس مع أطفالهم وتعويدهم على أساسيات القراءة، من خلال قصة مصورة مرسومة في (مجلة مرشد)، أو في كتاب قصة آخر، سيساعد الطفل على التلقي السليم والتعويد الحميد على نوع القصص، وصنع علاقة جيدة بين الطفل واللغة والقراءة.
نتوق إلى أن تصل المجلة إلى كل بقعة جغرافية في السلطنة، نتوق إلى أن تكون تطبيقا إلكترونيًا ليطلع عليها العمانيون في الخارج، نتوق إلى أن تكون جزءًا من مكتبة كل بيت عماني وتدخله في كل شهر، نتوق إلى أن تكون رفيقة طريق للأطفال في رحلاتهم وأسفارهم المدرسية والأسرية، نتوق إلى أشياء كثيرة، ولكن الطريق طويل.
في العام الفائت، وتحديدا في شهر فبراير، عبر فعاليات معرض مسقط الدولي للكتاب، تم تدشين المجلة رسميا بحضور معالي الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني وزير الإعلام، أي أنّها في فبراير من العام الجاري ستنهي عامها الأول، وستدخل عامها الثاني، هذا يحصل ونحن نحمل الكثير من الطموحات، ونواجه التحديات، ولكن لا عودة من حيث اخترنا المضي، فالطفل العماني بخصوصيته وتاريخه، يستحق أن يعرفه أشقاؤه من الدول الأخرى، سواء كانوا في السلطنة أو خارجها، وسواء عبر النشر الورقي أو التطبيق الإلكتروني.
الكثير من الملاحظات تصلني عن المجلة ومضمونها وكلها مبشّرة وداعمة لفكرة استمرار المجلة وتخطيها الصعاب الإدارية والمالية التي تواجه مثل هذه المنتجات.
كلمة شكر أوجهها هنا لكل من ساندنا وشجعنا ونصحنا، أو أبدى مقترحات تساهم في رفد هذا المشروع الذي أتفاخر عندما أقول "أصبح للطفل العماني مجلة".
بالأمس وأثناء حفل تدشين طيران السلام كانت مبادرة طيبة من رئيس مجلس الإدارة الأخ المهندس خالد اليحمدي الذي بادر بشراء نسخ من المجلة لتوزع على متن الطائرة للأطفال المسافرين، هذه المبادرة سوف تحقق الانتشار للمجلة؛ وطموحنا أيضا أن تكون هذه المجلة في الناقل الوطني الطيران العماني الذي يعد أحد أهم الجهات التي قد تدعم انتشار المجلة لتتخطى حاجز المحلية وتصل إلى أطفال الخليج وأطفال العرب.
وبهذا يتحقق الحلم لهذه المجلة كونها عمانية المنشأ والتكوين عربية الانتشار.
هذه دعوة أجددها للجميع بأن نتكاتف معًا ونساهم في دعم هذه المبادرة..
#هيا_نقرأ_مع_مرشد