أطفالنا بين الرعاية والنماء

 

 

سيف بن سالم المعمري

تُشارك السَّلطنة شقيقاتها دول مجلس التَّعاون الاحتفال بيوم الطفل الخليجي والذي يوافق الخامس عشر من يناير من كل عام، حيث أقامت وزارة التنمية الاجتماعية احتفالاً بالمُناسبة، وقد قامت الوزارة مؤخراً بتدشين الخط المجاني لحماية الطفل(1100) تحت شعار "حماية الطفل مسؤولية الجميع" وهو خطٌ مفتوحٌ على مدار الساعة للتبليغ عن أيِّ حالة إساءة أو إهمال يتعرض لها الأطفال والمراهقون دون سن الثامنة عشرة.

ولا شك أنّ وزارة التنمية الاجتماعية تبذل جهوداً كبيرة في رفع مستوى الوعي المجتمعي بحقوق الطفل والتي تضمنها القانون الصادر في 2014، بالإضافة إلى تشكيل لجان حماية الطفل من الإساءة والتي تشرف عليها مُديريات ودوائر التنمية الاجتماعية بجميع محافظات السلطنة.

وتزامناً مع احتفال الوزارة بيوم الطفل الخليجي لعام 2017 أصدر المركز الوطني للإحصاء والمعلومات نشرة إحصائية بعنوان: "أطفالنا بين الرعاية والنماء" حيث تضمنت النشرة 4 محاور رئيسية فالمحور الأول جاء مفصلاً عن الوضع السكاني لعام 2016 وأوضح أنَّ 42% من إجمالي العُمانيين هم أطفال حيث يشكل عددهم أكثر من مليون طفل في منتصف عام 2016، وأن 41% من إجمالي الأطفال العُمانيين موجودين في مُحافظتي مسقط وشمال الباطنة وهما المحافظتان الأعلى كثافة سكانية من بين محافظات السلطنة الإحدى عشرة، وأن أكثر من ثلث الأطفال يتركزون في 6 ولايات وهي(السيب، صلالة، السويق، صحار، عبري، صحم).

وفي المحور الثاني والذي تناول الوضع الصحي جاءت أبرز المؤشرات لتؤكد أن 538 حالة وفاة للأطفال في عمر(19-0) سنة، ما نسبته 20.3 من إجمالي وفيات العُمانيين في السلطنة لعام 2015، وأنَّ مُعدل المواليد الخام في السلطنة 34.1 مولود لكل ألف من السكان، وبلغ معدل الوفيات الخام 2.9 لكل ألف من السكان خلال عام 2015، وبلغ عدد وفيات الرضع9.5 لكل ألف مولود حي، وهي نسب مطمئنة جداً، حيث شكلت وفيات الرضع على المستوى العالمي عام 2014 ما نسبته 32.6 لكل ألف مولود حي، والذي انخفض في عام 2015 إلى 31.7 لكل ألف مولود حي.

بينما جاء المحور الثالث مركزاً على الوضع التعليمي حسب مؤشرات وزارة التربية والتعليم للعام الدراسي 2014/2015 والتي أوضحت أنَّ نسبة الالتحاق في الصفوف(1-6) تبلغ 98.3، وفي الصفوف(7-9) تبلغ 95.6، بينما تبلغ 85.6 في الصفوف (10-12)، أما عالميًا فالالتحاق الصافي بالمدارس يُشكل 89% في المرحلة الابتدائية، و65% في المرحلة الثانوية على التوالي في العام 2014م.

بينما ركَّز المحور الرابع على الوضع الاجتماعي والذي أوضح مؤشرات بحاجة مُلحة إلى تعاضد جهود المجتمع مع مؤسسات الدولة حيث إن 3.3% من إجمالي الجناة العُمانيين هم أطفال(أحداث 9-17)، والبالغ عددهم 876 طفلا، وأنَّ نصف جرائم الأحداث كانت واقعة على الأموال كالسرقة، وأن 102 طفل تعرضوا للإساءة في السلطنة خلال عام 2015، وأن حوالي أربعة أخماس الأطفال المُعرضين للإساءة تعرضوا إما للإهمال وبنسبة 56.9% أو للإساءة الجسدية بنسبة 23.5%، فيما تشكل نسبة التحرش الجنسي 18.6%، والإساءة النفسية 1% ، وأن 74% من الأطفال الذين تعرضوا للإساءة هم من مُحافظات مسقط، والداخلية، وجنوب الباطنة، وأن 54% من الأطفال المعرضين للإساءة هم ذكور بينما 46% من الإناث، وأن 36% منهم كانت أعمارهم من(7-12) سنة، بالإضافة إلى المؤشرات الأخرى التي تضمنتها النشرة.

ومن خلال القراءة المتأنية لتلك المؤشرات فإنَّ ما تضمنه المحور الرابع وخاصة ما يتعلق منه بالإساءة التي يتعرض لها الأطفال فإن الإهمال والذي يشكل 56.9% يُعد أمراً مقلقاً وهو مؤشر يُدلل على تدني دور الوالدين والأسرة في العناية والرعاية لأطفالهم وربما يكون الخروج للعمل لأحدهما أو كليهما والاعتماد على تربية عاملات المنازل وأسباب أخرى تقف سببا رئيسياً خلف تلك النسبة، علما بأنّ تلك النسبة قد تكون امتدادًا للنسب الأخرى والمتعلقة بالإساءة الجسدية والجنسية، حيث إن ما تمّ تداوله مؤخرًا من حالات التحرش الجنسي وحالة الغرق والاختناق ونسيان الأطفال في حافلات المدارس أو سيارة أحد الوالدين أو الأقارب وكذلك حالات الدهس التي يتعرَّض لها الأطفال كلها نماذج واقعية تدعو لتكاتف الجهود من الجميع لتقليل تلك النسب بأقصى حدد ممكن، فالنتائج التي تتركها تلك الأرقام تتسبب في قضايا مُجتمعية مزمنة وخطيرة كجنوح الأطفال للمُخدرات أو السرقة أو الأثر النفسي الذي تتركه الإساءة والتي بدورها تُسهم في هدر طاقات المستقبل حيث إنّ مليون من أطفال اليوم سيكونون رجال المستقبل وأمله المشرق، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: " كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ"،فحماية الطفل مسؤولية الجميع، وعلينا ألا نعفي أنفسنا من تلك المسؤولية.

فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت ،،،

 

Saif5900@gmail.com