تنمية موارد الوطن

 

د. محمد الشعشعي

 

عندما نتحدث عن مفهوم الوطن، فإن الحديث بلا شك يطول، وقبل أن نخوض في ذلك المفهوم العميق، فإننا نتساءل لا عن المفهومية العامة ولا عن المعنى الظاهر، ولكن عن دلالة هذا المعنى وما يعنيه عند من يستنشق نسيمه، وينعم من بحره، ويعيش في وارف ظله ودفء أحضانه.. ماذا يعني الوطن لهؤلاء؟!

من يتنفس الصعداء على هذا التراب الطاهر يتذكر دائماً أن الحياة بها من التجارب والعبر والعظات، فالدنيا دوارة تدور رحاها يوم لك ويوم عليك، فلا سعادة سرمدية دائمة ولا تعاسة أبدية، ولا الليل سابق النهار ولا النهار سابق الليل والكل في فلك يسبحون يسيرهم خالق الكون رب السماوات والأرض.

"واسعو في مناكبها وكُلُوا من رزقه وإليه النشور".. فالعمل لكسب المعيشة الحلال واجب، والتقاعس والتواكل أمر مرفوض شرعًا، والاعتماد على مصدر واحد من مصادر الرزق يظل هاجس يؤرقنا إذا لم نتكاتف جميعا على المستويين الرسمي والشعبي لإيجاد موارد أخرى بديلة للنفط.

ربما الكثير منا لا يدرك حجم المشكلة أو لا يبالي بأننا نعاني من أزمة اقتصادية حقيقية تمر بالدول التي تعتمد اعتمادا كليا على النفط ومنها السلطنة.

وأنّ هذه الأزمة جاءت في خضم حزمة من الأزمات تعاني منها الدول العربية من الخليج إلى المحيط، لهذا نرى أنه يجب أن نتفاعل مع الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد من مبدأ الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية والروح الوطنية الصادقة الحريصة على هذا الوطن ومنجزاته.

فالمواطن الذي اعتاد على نمط معين من المعيشة ومؤشر مرتفع في حدود الرفاهية والعيش الكريم أصبح سيكولوجيًا لا يقبل أن يتأثر مستواه الحياتي سلبيا أو يُنتقص من لقمة عيشه الكريم، وهو بذلك لابد أن يشعر بحجم الأزمة في المقام الأول ويعايشها، وأن يتفاعل معها إيجابا بروح عالية الهمة حتى لا تتأثر لقمة عيشه التي اعتاد عليها.

فالمطلب المُبتغى هو الإحساس أولا بحجم الأزمة الاقتصادية وعدم الاتكال على النفط وأن نشتغل بالعمل الجاد والتفكير العميق في إيجاد بدائل تعين الاقتصاد الوطني وقد اتخذت الدولة هنا حزما من الإجراءات والبرامج والخطط لكنها طبعا تحتاج إلى مزيد من الوقت، ومن هنا تأتي قيمة الادخار والتوفير والبعد عن التبذير والبذخ وفقا لمقولة "احفظ قرشك الأبيض ليومك الأسود".