27 عامًا من الأحلام

 

 

مدرين المكتوميَّة

عامٌ مضى.. مضت أيامه سريعة جدًّا كنور برق لاح في سماء ليلة شتاء قاسية البرودة، مضت مُهرولة بنا نحو مستقبل مجهول، لا نعلم ما سيُخبئه من خير نفرح به، أو شر مُقدَّر ليس لنا إلا الصبر أمامه.. مضت أيامه بثوانيها ودقائقها، بساعاتها وشهورها، ونحن لا نحس ولا نشعر بذاك الدوران العجيب.. فهل حقاً أيامنا تمضي كما نعتقد، والزمن يدير عجلاته بسرعه، أم نحن في محاولة سباق معه...؟!

ليرحل العام ملوِّحاً بيُمناه لنا، ويقف الآخر على الأبواب، وإزاء المشهديْن يقف المرء حائرًا؛ هل يعده نقصاً وخصما من أعمارنا، ولكن حين ننظر إلى النصف المملوء من الكأس ستتغير الحسبة تماما. فهو عام اكتسبنا فيه الكثير وتعلمنا فيه أشياء كثيرة، ووقفنا فيه على عدد من المحطات والتجارب؛ بمعنى آخر هو عام أضاف لنا أكثر مما أخذ منا؛ فقط علينا التدبُّر والتمعُّن فيه، والوقوف على إخفاقاتنا فيه بطبيعة الحال البشرية، والتأمل كذلك في مواقف النجاح التي حققناها والتمعن فيها جيدًا. لو أحسنَّا التأمل والتدبر سنتفادى كثيرا من أخطاء الماضي وعثراته، وسنفكر لسنة قادمة على هدى وبصيرة استقيناها مما سبق من تجارب.

اليوم.. ونحن نكبُر بأعمارنا عامًا وينقص منه آخر، اليوم وأنا أرى ملامح الوجوه التي بقت، وأفكر في ذكريات وجوه رحلت، أعلم جيدًا أنَّ هناك مُفترقات طرق قد نختارها، وأخرى قد تختارنا، وفي كل الأحوال سنعيشها، مهما حصل وسيحصل؛ لذلك علينا أن نقدم كل الامتنان لكل ما أسعدنا، وكل من عذرنا، وكل من انتظرنا وبقى معنا، وأن ندعو لكل من رحل بكل خير وأن يظل طريقه خيرا وسلاما.

لا أريد العودة لأي يوم رحل، فما رحل رحل، ولن يعود مهما فعلنا، فلا فائدة من البكاء على اللبن المسكوب، ولا مجال للتفكير فيه، لأنني أردد على مسامع نفسي وعودا في مجملها أن كل ما سيأتي هو أجمل وأفضل بكثير مما رحل، وأننا موعودون بالنور بعد الظلام، وأننا نمتلك أشياء جميلة جدًا تجعلنا ننظر للحياة بإيجابية، فحين تمتلك والدين يدعوان لك آناء الليل وأطراف النهار فأنت في نعمة لا تضاهى، وحين تجد أصدقاء ينتشلون حزنك فأنت في قمة الراحة، وعندما تمتلك وظيفة ولديك سيارة وهناك من يحبك فأنت في قمة الرضا، ففي الحياة هناك أمور نستبسطها ولكنها في حقيقية الأمر تمثل عمق البقاء والسعادة، وهناك ما نحجمه دون أن أي أهمية تذكر.

في هذا العام علقت أمنياتي على أشياء كثيرة، ولم يتحقق منها إلا الذي آمنت بأنه هبة من رب العالمين، وفي العام المقبل أدعو ربي ليل نهار أن يعطيني خيره ويكفيني شره، وأنْ يكون عامًا أحقق فيه إنجازات على مختلف المستويات، وأستكمل ما سيتبقى من 2016م.

madreen@alroya.info