إسدال الستار اليوم على المؤتمر الدولي الخامس "علاقات عمان بدول القرن الأفريقي"

 

 

 

أوراق العمل توثق للدور العماني الحضاري في تطوير وتنمية القرن الأفريقي

 

جزر القمر- موروني- مدرين المكتومية

تختتم اليوم الخميس أعمال المؤتمر الدولي الخامس "علاقات عُمان بدول القرن الأفريقي" الذي تستضيفه العاصمة القمرية موروني، ويركز من خلال محاوره الخمسة على التوثيق والتعريف بحجم العلاقات العمانية بهذه الدول والامتداد الحضاري والإنساني العماني عبر التاريخ، وذلك من خلال  المحور الجغرافي والسكاني، والمحور التاريخي  والاجتماعي، ومحور الوثائق والمخطوطات والآثار.

نظمت المؤتمر هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالتعاون مع وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بجمهورية القمر المتحدة بمقر البرلمان الاتحادي، فيما تواصلت الفعاليات لليوم الثاني على التوالي، وركزت على 3 محاور تضمن الأول 13 ورقة عمل مقسمة على جلستي عمل.

من جانب آخر يواصل المعرض الوثائقي المصاحب للمؤتمر استقبال زواره ومرتاديه، من خلال عرض أكثر من 200 وثيقة، ومجموعة من الصور والمخطوطات والخرائط التي تعكس تاريخ عُمان بدول القرن الأفريقي.

 

 الجلسة الأولى

 تناولت الجلسة الأولى لليوم الثاني والتي ترأسها الدكتور جمعة بن خليفة بن منصور البوسعيدي  7 أوراق عمل، استهلت بورقة "حدود مدينة برافا الناطقة بالسواحلية في جنوب الصومال: التفاوض بين الصومال وعوالم المحيط الهندي السواحلي" للدكتور عبدين شندي أستاذ مشارك في الدراسات الأفريقية والإسلامية، بجامعة أديلفي، الولايات المتحدة الأمريكية، وذكر فيها أنَّ سكان المدينة هم الأشخاص الذين ترتبط أصولهم مع اليمن وعُمان وغيرهما، ولقد ازدهرت برافا بوصفها مدينة ساحلية تقع في شرق أفريقيا معتمدة على التجارة مع الدول العربية على طول البحر الأحمر والخليج وكذلك منطقة المحيط الهندي برمتها.

 جسور العلاقات

وجاءت الورقة الثانية للباحث شمس الدين سيد علي، باحث دكتوراه بمعهد البحوث والدراسات العربية، بجامعة الدول العربية بالقاهرة، بعنوان "جسور العلاقات التاريخية بين عُمان وجزر القمر" وقال في جزء منها إنَّ "ثنائية البقاء والخلود والاحتكاك والتشاجر بوشائج المصاهرة والدين واعتناق الحب بالحنان والشمس بالقمر هو من أجلّ وأعظم ما يربط العلاقات التاريخية بين عُمان وجزر القمر. إنّها صفحات مشرقة، تشحن العقل والوجدان بالكبرياء المشروع لتواجه التحديات، ومعالم بارزة تستنهض الهمم والعزائم".

الورقة الثالثة " الأثر الفرنسي في علاقة عُمان بدول القرن الأفريقي خلال القرن التاسع عشر الميلادي جزيرة موريشيوس أنموذجاً" للباحث عبد العزيز بن حميد المحذوري باحث تاريخ بهيئة تناول فيها دور جزيرة موريشيوس في التواصل بين الدولة العمانية ودول القرن الأفريقي في القرن التاسع عشر الميلادي، وبالأخص أثناء فترة حكم السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي (1806-1856م) من خلال ثلاثة محاور.

الورقة الرابعة للدكتور عبد القادر هاشم محامي في المحكمة العليا الكينية بعنوان" هلال القرن: مساهمة سلطان خليفة بن حارب تجاه تطور تقاليد الفكر الإسلامي في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي (1911-1960)" وتناول فيها سيرة السلطان خليفة بن حارب أطول سلاطين البوسعيديين حكماً في سلطنة زنجبار، حيث امتدت خلال فترة حكمه سيادة سلطنة زنجبار من منطقة باروا في الصومال إلى جزيرة مافيا جنوب زنجبار. وكانت زنجبار مركزاً للتميز الأكاديمي الذي آوى كبار العلماء من ذوي الأصول الثقافية المختلطة والمساحات الجغرافية المتنوعة والتي امتدت من سلطنة عُمان واليمن في الشمال إلى الصومال وجزر القمر في الجنوب.

التاجر والداعية

واستعرضت الورقة الخامسة "الأصالة التاريخية بين جزر القمر وسلطنة عُمان" للباحث الشيخ محمد عثمان مسؤول بقسم الحضارة العربية والإسلامية بالمركز الوطني للتوثيق والبحوث العلمية بموروني، وذكر فيها أنَّ الأصالة التاريخية بين البلدين ذات أهمية كبرى نظراً لعمق هذا التاريخ وقدمه، وهجرات العُمانيين المتواصلة إلى جزر القمر، فقد كان لهجرتهم دوافع عديدة منها اجتماعية وسياسية وتجارية أو لغرض المصاهرة، وهو ما أدى إلى إحداث اندماج فريد مع المجتمع القمري، وقد تجلى ذلك في حياتهم الدينية والاجتماعية والثقافية والسياسية والتجارية التي تطرق إليها الباحث، ولأنَّ التاجر العماني حمل إسلامه مع سلعته، فكان تاجراً وداعية في آن واحد.

المؤثرات العمانية

وقدَّم الدكتور نور الدين محمد باشا، أستاذ مشارك بكلية الإمام الشافعي بجامعة جزر القمر، الورقة السادسة "جزر القمر: المؤثرات العمانية في التأسيس والتنوير"وسلط الضوء فيها على أهمية وعُمق المؤثرات العمانية في تأسيس وتنوير جزر القمر، فإذا كان المكتشفون الأوائل للأرخبيل محل احتمال بين العرب ومجموعات بشرية أخرى، فإنّ الإجماع منعقد على (Comores) أسبقية العرب في إطلاق هذا الاسم الرائع على الأرخبيل: "جزر القمر"، ثم حرِّف إلى (كومور). كما أطلقوا اسم "المُحلّى" أو "المَحِلّة"، واسم "جزيرة الموت" واسم "جزيرة الهناء"، على ما بات يعرف اليوم على التوالي: موهيلي أو موالي، و"مايوت أو مايوتة، وهنزوان أو أنجوان، تأثرا بالنطق الفرنسيّ لها: Moheli) - Mayotte (Anjoua، أما فيما يتعلق بجزيرة "انغزيجا" فلم أقف على ما يدل على أنّ العرب سموها اسماً آخر سوى جزيرة القمر الكبرى، والذي لا تزال تحتفظ به حتى اليوم. وكان نظام السلطنات والسلاطين أول نظام سياسيّ وإداريّ واجتماعيّ شهده الأرخبيلُ بطرازه المعماري العربيّ العمانيّ المميز، والذي يعود الفضل فيه إلى العمانيين والحضارمة، من النباهنة والمناذرة ومن الأشراف والبوسعيديين، الذين جعلوا من الأجناس المتفرقة شعباً واحداً في ظل الإسلام تحت راية السلطان.

تنشيط الحركات العلمية

وناقشت الورقة السابعة "دور السلاطين وعلماء عمانيين في تنشيط الحركات العلمية في دول شرق أفريقيا والقرن الأفريقي" للدكتور أبو ياسر مبورالي كامي محاضر بجامعة موئي ألدوريت بكينيا، حيث ناقش الدكتور علاقة عُمان بدول شرق أفريقيا والقرن الأفريقي علاقة قديمة جدًا، حيث كان لسلاطين عمان على امتداد التاريخ دور بارز في تنشيط الحركات العلمية وغيرها من الميادين خاصة الاقتصادية منها وصول العمانيين إلى ساحل شرق أفريقيا، ساهم كثيراً في تطوير العلاقة العمانية مع دول القرن الأفريقي.

 

الجلسة الثانية

وفي الجلسة الثانية التي ترأسها معالي الدكتور حامد كرهيلا، عرضت 7 أوراق عمل، أولها ورقة الدكتورة بدرية بنت علي الشعيبي، مشرفة تربوية بوزارة التربية والتعليم، "المؤثرات الثقافية على المرأة القمرية ودورها الثقافي خلال القرنين التاسع عشر والعشرين "هدفت فيها إلى دراسة التأثير العربي عامة والعُماني خاصة على وضع المرأة ومكانتها الاجتماعية والثقافية في جُزر القمر، وتحليل العوامل المؤثرة على ثقافة المرأة ودورها الحضاري في جزر القمر.

التاريخ العماني

الورقة الثانية "التأثيرات الاجتماعية العمانية على المرأة بدول القرن الأفريقي (الصومال ومدغشقر وجزر القمر أنموذجا)"، للباحثة سعاد بنت سعيد السيابية، محاضرة بقسم إدارة الوثائق والمحفوظات بكلية الشرق الأوسط، وذكرت فيها أنَّ العلاقات العمانية بدول القرن الأفريقي لعبت دوراً مهماً في إرساء دعائم التاريخ العماني المختلفة في تلك المناطق، وقد كانت العلاقات بين الطرفين في الفترة الممتدة من (1214هـ/1800م ـ 1383هـ/1964م) غنية بالأحداث التاريخية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

الأثر والتأثير

الأستاذ الدكتور محمد ذاكـر حسـن سـقاف أستاذ التاريخ والحضارة، بكلية الإمام الشافعي بجامعة جزر القمر عرض الورقة الثالثة "العمانيون في جزر القمر وأبعاد الأثر والتأثير" وتناول فيها المراحل التاريخية المتعاقبة لاستقرار عرب عمان في جزر القمر بشكل خاص وعرب جنوب الجزيرة العربية بشكل عام وتسميتها بجزر القمر على لسان العرب، وتحدد الدراسة الإطار العام لبناء الآليات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية للتواصل المستقبلي بهدف تعزيز التواصل بين هذين البلدين الشقيقين وتوريث هذه المكونات الاجتماعية والثقافية المشتركة للأجيال القادمة

تركيبة الكاري

وجاءت الورقة الرابعة بعنوان "الاستخدام التقليدي للتوابل تحت التأثير العماني حالة تركيبة الكاري" للدكتور سيد حساني محمد، محاضر بكلية العلوم والتكنولوجيا بجامعة جزر القمر، حيث عبَّر العمانيون منذ العصور الوسطى مناطق عدة بما في ذلك البحار من أجل مقايضة وتبادل السلع المختلفة منها التوابل، وضمن هذا النشاط المزدهر تدخل منطقة جزر القمر كإحدى مناطق العبور الرئيسية حيث تمكن العمانيون من توريث عاداتهم خاصة في الطبخ وفي ثقافة استعمال التوابل بصورة عامة. 

 الهجرات العُمانية

"دور التجار العمانيين في الحياة الاقتصادية والاجتماعية حتى نهاية القرن التاسع عشر (جزر القمر، مقديشو، مدغشقر)" للباحث طالب بن سيف الخضوري، مدير دائرة الاطلاع على الوثائق بهيئة الوثائق حيث لعب العمانيون ومنذ وقت مبكر دوراً في تشكيل تاريخ الشرق الأفريقي، ذلك لأنَّ علاقة العُمانيين بشرق أفريقيا لم تكن بدايتها في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، إنّما من المؤكد أنَّها تعود لفترة مبكرة، فالهجرة العمانية لتلك المنطقة كانت تتويجاً لمراحل متعددة من الهجرات، الأمر الذي أوجد اندماجاً بين العمانيين مع غيرهم من سكان تلك المناطق. ولقد كان الوجود العماني في شرق أفريقيا أكبر كثافة وأكثر عمقاً من تركزهم في مناطق جنوب شرق آسيا.

بين الاندماج والذوبان

وقدَّم الدكتور محمد بن جمعة الخروصي مساعد العميد للشؤون الأكاديمية والبحث العلمي بكلية العلوم التطبيقية بالرستاق ورقة بعنوان "التجار العمانيون بين الاندماج والذوبان في القرن الأفريقي جزر القمر أنموذجا" وأكد فيها أنّ ارتباط عمان بالقرن الأفريقي ليس بالجديد، بل تضرب جذوره في أعماق التاريخ. وتظهر الدراسات أن التجار العرب وفي مقدمتهم العمانيون أسهموا وبشكل واضح في تسهيل وتعميق التواصل الحضاري والثقافي بين الجانب العماني والأفريقي.

المهاجرون العمانيون

واختتمت الجلسة بورقة الشيخ الدكتور عامر بن محمد الحجري، باحث وأكاديمي، بعنوان " دراسة أهمية المدن التي أسسها المهاجرون العمانيون بشرق أفريقيا ودول القرن الأفريقي" وفيها تطرق إلى أهمية المدن التي أسسها المهاجرون العمانيون بشرق أفريقيا ودول القرن الأفريقي خلال الفترة من عام 80هـ/699م إلى عام 1856م. ففي فترة حكم عبد الملك بن مروان (65 -86هـ) قام كلٌ من الملك سليمان وأخيه سعيد بن عباد بن الجلندي بثورة ضده ولكنه تمكن فيما بعد من التَّغلب عليهما، مما أدى بهما إلى الهجرة عام 80هـ/699م، حيث استقرا في مدينة باتي ومنها تمَّ الانتشار إلى معظم المناطق الأفريقية الشرقية. وكذلك كان الحال في العهد العباسي الذي تمكنت فيه الثورة العمانية من إعلان أوّل إمامة مستقلة حيث تم انتخاب الجلندي بن مسعود إماماً لها، ولكنه استشهد عام 134هـ/752م، مما أدى إلى اضطهاد العمانيين وفرارهم إلى شرق أفريقيا أيضاً، حيث تمكنوا من إقامة إمارات عمانية امتدت على طول الخط الساحلي من مدينة مقديشو شمالاً إلى موزمبيق جنوباً.

 

 

 

تعليق عبر الفيس بوك