"جوارديولا".. الأفكار أم الظروف!!

 

 

حسين الغافري

تعلو الأصوات المُنتقدة لجوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي كثيراً عندما يتعثّر فريقه بالدوري الإنجليزي الممتاز ويتم التشكيك في سلسلة النجاحات العملاقة التي حققها خلال فترة قصيرة.. "هذه ليست الليجا" وغيرها من العبارات التي تسعى لتقليل الإنجازات السابقة. ولعل الأمر يبدو طبيعياً ومُتشابهاً في كُل الأندية التي دربها طيلة مشواره. فمُنذ الطفرة الكروية التي حققها برشلونة بين عامي 2009 و 2011 تُعاد الأسطوانة المُتكررة حول اليد الطويلة في نجاح الفريق بشكل خارق للعادة ودمجه للإجادة الكروية التامة والنتائج المُبهرة بين لاعبين من صفوة النجوم بالعالم أوهي من خلال مُدرب إستثنائي بأفكار خلاّقة وظّفت هؤلاء النجوم مثلما يجب أن يكون ولو إنني لا أشكك للحظة بأنها عملية تكاملية أوجدت الإنجاز!. "فريق الأحلام" الذي أسس لبناته المُدرب الإسباني من غير المنطقي التقدير بأن الظروف وحدها هي من أوجدته وأوجدت بيئة النجاح وأدواته وأن ما قام به يمكن أن يقوم أي إنسان على شاكلته مثلما يتردد، وهنا يتّضح كونه ركيزة أساسية وصاحب فكِر متفرّد.

المُتابع لمشوار جوارديولا يمكن أن يستوعب بأن مشواره التدريبي يسير بخطوات واضحة منذ بدايته فدرب برشلونة لثلاث مواسم "خيالية" وأخذ عام راحة في نيويورك إبتعد فيه عن كرة القدم ليعود بعدها لثلاثة أعوام مع بايرن ميونخ لينقل أفكاره إلى النادي الألماني مع ألقاب محلية ونصف نهائي دوري الأبطال لثلاث مواسم متتالية. هنا تكّمن مرحلة الإنتقاد الكبيرة لجوارديولا فبايرن ميونخ حقق قبل مجيئ جوارديولا الثلاثية الكبيرة مع يوب هاينكس (الدوري والكأس المحلي ودوري الأبطال الأوروبي) فالفريق بطل وحقق الألقاب الممكنة؛ الأمر الذي شكّل عليه ضغوطاً إضافية عقّدت مهمته وجعلت الصحافة تضع المايكروسكوب في عمله عند أي زلة. صحيح أن نصف نهائي دوري أبطال أوروبا ليس طموح لفريق تعود على الألقاب مثل بايرن، ولكن أن تصل إلى هذا الدور لثلاث مواسم لا يمكن أن يكون فشلاً ذريعاً فجوارديولا شكّل أفكار واضحة خلال عمله ونتائج إيجابية ولو إستمر لفترة أطول من الممكن الرهان على نجاحه الأوروبي.

ما أراه اليوم مع مانشستر سيتي هو تكرار لشكل برشلونة ومن ثم بايرن ميونخ خلال حقبة جوارديولا فعقده أيضاً لثلاثة أعوام والفريق من خلال بدايته معه يلعب كرة قدم سهلة وممتعة وبنفس الوقت هي صعبة في تطبيقها وتحتاج إلى حضور ذهني تام؛ الأمر الذي يعمل عليه المدرب الإسباني بشكل رئيسي. ومن نظرة أولية فخلال سبع مباريات لجوارديولا على مستوى الدوري الإنجليزي حقق ست إنتصارات وسقط في واحدة وهو أمر ليس سهلاً لمدرب في بدايته مع فريق جديد إستطاع المتابع رؤية أفكاره بشكل سريع.

ختاماً، النجاح في كرة القدم صحيح يتطلب الأدوات ذات المستوى العالي ولكن توليف هؤلاء في خدمة الفريق وتوحيد الجهد هو الأمر الأصعب. مرّت علينا شواهد كروية تاريخياً، فأين كان فريق ريال مدريد قبل ما يقارب عقد من الزمن وتشكيلة الأحلام التي إستقطبها بيريز عن الألقاب والسيطرة على البطولات الأوروبية!. أو كيف حقق ليستر سيتي المغمور بطولة الدوري الإنجليزي وهو الذي كان يصارع الهبوط ويطمح في مركز سابع عشر يضمن له البقاء عام آخر. نجاح جواريولا حتى الآن ليس من المنطقي إنتقاصه أو التقليل منه وخطوته مع مانشستر سيتي ونجاحه ستكون أكبر دليل ورد إعتبار لكل من شكك فيه وهي مرحلة تحدي لا أستبعد تفوقه فيها!.

HussainGhafri@gmail.com