أسبوع بلا مقال

 

 

طالب المقبالي

لم يكُن يخطر ببالي أنَّ مرور أسبوع أو أسبوعين دون كتابة مقال سيكون له تأثير قوي على نفسي.. حيث كتبت مقالاً عن "ظاهرة الهجرة إلى العاصمة مسقط" للبحث عن الخدمات المفقودة في الولايات، لكنني لم أراجعه جيداً، وقد مررتُ بظرف منعني من ذلك؛ وبالتالي اعتذرت عن كتابة مقال لهذا الأسبوع.

وفوجئت بحديث نفسي داخلي أتعبني كثيرا.. فقبل الشروع في كتابة المقالات ونشرها عبر جريدة "الرُّؤية" كعمود أسبوعي، كان الأمر بالنسبة لي عاديًّا جدًّا، وكنتُ لا أهتم كثيراً بالمقالات إلا نادراً، إلا إذا كانت مقالات تعالج قضايا وهموما تشغل الساحة العربية والأمة؛ فمثل هذه المقالات لا يُمكن أن تمر عليَّ مرور الكرام، فالكاتب يتحسَّس همومَ الوطن والمواطن في شتى بقاع الأرض؛ فالكاتب إنسان قبل أن يكون كاتبا أو صحفيا يهمُّه ما يدور حوله من أحداث وقضايا، فيُسهم بقلمه في سبيل إيصال كلمة صادقة ورسالة نبيلة.

إلا أنني لم أفكر يوماً في أن أكون أحد هؤلاء الكُتَّاب الذين يغوصون في أعماق المجتمع، ويتلمسون همومه وقضاياه، ويبرزونها للرأي العام وللجهات المعنية.

ولم أكُن أتوقَّع أنَّ لمقالاتي مُتابعين ينتظرونها، حتى انهالت عليَّ رسائل المتابعين لمقالاتي تتساءل عن مقال الأسبوع؛ لذلك قرَّرت كتابة هذا المقال، تحت عنوان "أسبوع بلا مقال"، والمقال يحتمل أكثر من عنوان.

فقد أصبح الكاتب مُتابعا من قبل الجمهور ومطالبا بالكتابة وكأنه أصبح مُلزماً أن يكتب وأن ينقل قضايا مجمعته من محيطها الضيق إلى الفضاءات الرحبة، لتتلقاها أيادٍ لها القدرة على التغيير؛ باعتبارها صاحبة قرار وذات نفوذ.. فقد أصبح الكاتب يتلقَّى مطالب من أبناء مُجتمعه للكتابة عن قضايا معينة ومطالب للجهات المعنية، ولعل ما يؤرق أفراد مجتمعنا هو المطالب بالخدمات الأساسية، وكذلك تحسين بعض الخدمات التي أصبحت لا تواكب التطور السكاني والعمراني.

وتأتي مطالب المواطنين من الكاتب لإيصال مطالبهم لإيمانهم بأنه قد أصبح للمقال تأثير واسع حين يُنشر وتتناقله وسائل التواصل الاجتماعي؛ مما يُشكل أحيانا رأيا عامًّا للمجتمع. ومن هنا، تأتي أهمية المقال وقوته في التأثير ووصوله إلى أبعد الحدود.

ومن هُنا أيضا، أدركتُ أنني افتقدتْ هذا الأسبوع شيئاً مهمًّا في حياتي، ويخالجني إحساس بأنني قد ارتكبتُ جُرماً ليس في حق نفسي فحسب، وإنما في حق مجتمعي، وفي حق أبناء ولايتي على وجه الخصوص.

والشيء بالشيء يذكر، ما الذي يجعل المؤلف يكتب ويؤلف كتابا قد يستغرق فيه سنوات وسنوات حتى يُنجز كتاباً واحداً؟! يا تُرى أهو المكسب المادي الذي يدفعه للتأليف والكتابة؟ خاصة إذا ما قارنا الوقت الذي يقضيه في الكتابة، وكذلك التكاليف المادية التي ينفقها من بداية تأليف الكتاب حتى طباعته ونشره وتوزيعه، فهي لا تساوي شيئاً مقابل التضحيات التي يضحيها المؤلف، وهذا ينسحب على الكاتب والشاعر والأديب.

ومن هنا، يجب أن ندرك أن الكاتب والمؤلف يؤديان رسالة لا يُنتظر منها عائد مادي، أو ثناء أو مديح، وإنما هو عمل إنساني وتطوعي في آن واحد، ورسالة أرادها نبراساً وقبساً يستضيئ منه أفراد المجتمع.

لقد أصبحت الكتابة في حياتي أمانة وسأعمل جاهداً للمحافظة عليها. فهناك مُناشدات كثيرة وصلتني هذه الأيام بالذات للكتابة في مواضيع حساسة تهم أبناءنا الطلاب والمدارس والمناهج وكثير من الأمور، كما أنَّ هناك مُطالبات بالكتابة عن السياحة والاقتصاد في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمرُّ بها الدول المنتجة للنفط جراء انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، كذلك هناك مطالب بالكتابة عن الإسراف في الإنفاق على الأعراس وغيرها من المناسبات.

وهناك مُطالبات للكتابة في المشاريع المتعثرة، وفي الطرق التي باتت تهدد حياة الناس لكثرة الحفر فيها وافتقارها لوسائل السلامة، كوجود الأكتاف على جانبي الشارع التي تؤمن للناس الهروب من المخاطر، وكذلك الإنارة على الطرقات التي يرتادها الناس ليلا.. فأي خطأ ارتكبتُ؟! وأي ذنبٍ اقترفتُ؟!

muqbali@hotmail.com