التحكيم التقني الجديد

 

 

حسين الغافري

يقول العالم والمخترع الألماني ألبرت آينشتاين صاحب أكثر من ثلاثمائة إنجاز علمي: "ليست الفكرة في أني فائق الذكاء، بل كل ما في الأمر أنني أقضي وقتاً أطول في حل المشاكل". يظهر آينشتاين في مقولته أهمية العمل والجهد؛ كونه الحلقة الكبيرة والقطعة الضرورية في كل المعادلات. يُشكِّل العمل والجهد -حسبما يشير آينشتاين- إلى 99%، بينما الموهبة 1% فقط. ولطالما أصبح الجهد مرتبطا بأعمال الآخرين وأشغالهم فمن الضروري أنهم ينتظروا من النتائج المناسبة مكافأةً لما قاموا به، ولما سعوا إلى تحقيقه. ونحن اليوم في عالم مُتجدِّد يُواكب كل التطورات ويسير بنسقٍ موازي في مختلف الرؤى والأهداف، وفي مختلف مجالات الحياة، حيث لا يمكن أن يعيش الإنسان بنفس حال الأمس، فالضرورة الطبيعية أن يعمل ويتقدم ويستمر. ورياضة اليوم جزء من كل المنظومات التي واكبت التطورات، فليس هي ما كانت في السابق، وإنما كثير من التغييرات حضرت في سبيل أن تواكب العصر وروحه وتجدده. ونظراً لما تشكله عوامل الاحتراف من ارتباط مباشر بالمادة والنجاحات؛ فقد أصبحت كرة القدم "إلكترونية" بشكلٍ كبير وهو ما ينذر لربما في المستقبل القريب أن يتم الاستغناء تدريجياً عن قرارات الحكم المصيرية أو سيتم تصحيحها خلال اللقاء عن طريق الفيديو المباشر، وتكون الكلمة الفصل للتقنيات الحديثة .. ولربما مستقبلاً يتم الاستغناء عن الحكم وتدخلاته شيئاً فشيئاً.

ما قادني لكتابة هذا المقال هو حديث جياني إنفانيتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" وتجربة لقاء فرنسا وإيطاليا الودي يوم الخميس الماضي الذي يشير إلى عزم جاد وحثيث من الفيفا في تقليل رؤية الأخطاء التحكيمية أثناء المباريات. فبعد إضافة حكمين عند كل مرمى، وبعد إضافة التقنية في احتساب الهدف من عدمه وتعميمه في مختلف الاتحادات الرياضية عالمياً بات من الضروري إضافة الوسائل اللازمة في التقليل من الأخطاء التحكيمية أثناء اللقاءات الرسمية، خصوصاً تلك الجسيمة منها والمؤثرة بشكل رئيسي في تحول كفة طرف لآخر؛ مما يؤثر على مستوى تحقيق بطولة، ويعيق تفوق الفريق الأفضل!

لقاء فرنسا وإيطاليا تجربة مسبقة أتوقع لها النجاح في قادم الوقت؛ فالتقنية نظام جيد لتحليل المواقف الحساسة والصعبة التي تستوجب تدخل الحكام المساعدين في إخطار حكم الميدان سواءً في صحة الأهداف أو البطاقات الصفراء، وخصوصاً إذا لم تعق سلالة الكرة ولم تقتل الوقت وجمالية والمتعة الكروية، وقد شهد تاريخ اللعبة قرارات مؤثرة أجحفت حقوق أندية ومنتخبات ولازال التجاذب في مشروعيتها إلى يومنا هذا. فعلى سبيل المثال لا الحصر، هدف ماردونا التاريخي بيده في لقاء إنكلترا ضمن ربع نهائي كأس العالم 1986 بالمكسيك والذي شقت فيه بلاد الشمس طريقها وأحرزت من خلاله لقبها العالمي الثاني. ولقاءات كثيرة مختلفة كلقاء برشلونة وتشيلسي في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2009م في لقائي الذهاب والإياب مما سال الحبر ونظرة التآمر في تعمد إسقاط فريق دون آخر. وغيرها من القرارات التي ستحتاج إلى مجلدات وليس مقالات فحسب.

التقنية حضرتْ في رياضات عديدة منها بطولات الكرة الصفراء، وقد أثبتت نجاحها. وهنا أرى أن حاجة مستقبل كرة القدم ضرورية في أن تتدخل التقنية بشكل أوسع في تفاصيله وفي مساعدة الحكام شريطة ألا تفسد متعة كرة القدم أو تعطل المباراة بين الفينة والأخرى، فعالم الكرة أصبح مرتبطاً بالاحتراف والأموال المليونية المرتبطة بعقود لاعبين والإداريين ورجال أعمال واستثمارات شركات وغيرها، وهو سيلحق ضرر بهؤلاء جميعاً؛ إذا ما تأثر النادي بقرار يكلف بطولة.

HussainGhafri@gmail.com