إسرائيل تعربد.. وواشنطن قلقة والعرب يتفرجون

 

 

عبيدلي العبيدلي

بثَّتْ وكالات الأنباء قرارَ حكومة العدو الصهيوني -نقلا عن مصادر "حركة السلام الآن" الإسرائيلية- "بناء 285 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة، (مضيفة) منح الحكومة الضوء الأخضر لإقامة 234 وحدة سكنية في الكانا، و30 منزلا في بيت أرييه وكذلك 20 في جفعات زئيف في القدس، (مشيرة إلى صدور) تصاريح بأثر رجعي لحوالي 179 منزلا قائمة بالفعل في أوفاريم".

وعلى نحو مواز -وكما جاء على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيري- "وصفت الولايات المتحدة الخطط الإسرائيلية لبناء المئات من الوحدات الاستيطانية في القدس الشرقية المحتلة بأنها استفزازية، (مضيفة) بأنَّ هذه الخطط تقوض بشكل خطير فرص التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، (مشيرة إلى أن واشنطن) تشعر بقلق كبير إزاء التقارير القائلة بأنَّ حكومة إسرائيل أصدرت عطاءات لبناء 323 وحدة سكنية استيطانية في القدس؛ وذلك بعد أن أعلنت عن خطط لبناء 770 وحدة استيطانية في مستوطنة جيلو."

واعتبرتْ بعض المصادر أنَّ هذه الخطوة الصهيونية هي بمثابة "الخطوات النموذج الأحدث لما يبدو انه تسارع متواصل للنشاطات الاستيطانية، وهي نشاطات تقوض بشكل ممنهج فرص إحلال السلام مع الفلسطينيين".

والمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة "هي التجمُّعات السكانية الاستعمارية اليهودية التي بنيت على الأراضي التي احتلتها، وتوسعت عليها إسرائيل خلال حرب العام 1967". ولم تتوقف تلك الحركة الاستعمارية منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا. ففي مطلع العام 2016، وكما تؤكد جميع المصادر، بما فيها تلك غير الفلسطينية، والبعض منها إسرائيلي، "يستوطن حوالي 407 ألف مستوطن في الضفة الغربية، و375 ألفا في القدس الشرقية، إضافة إلى 20 ألفا في الجولان السوري المحتل، وبلغت نسبة زيادة عدد المستوطنين في عام 2007 5.2%، وهو ضعف معدل الزيادة السكانية لعموم سكان إسرائيل".

ووفقا للمصادر الصهيونية ذاتها (وزارة الداخلية الإسرائيلية) كان يعيش في العام 2012 ما يقارب الـ"350150 مستوطنا يهوديا في 121 مستوطنة معترفا بها رسميا في الضفة الغربية، ويعيش 300 ألف إسرائيلي في مستوطنات في القدس الشرقية و20000 يعيشون في مستوطنات في هضبة الجولان. وتتراوح المستوطنات في طبيعتها بين المجتمعات الزراعية والقرى الحدودية إلى الضواحي والأحياء الحضرية". أكبر أربع مستوطنات هي موديعين عيليت، ومعاليه أدوميم، وبيتار عيليت وأريئيل، وهي مستعمرات وصلت لحجم مدينة. أريئيل يقطنها 18000 صهيوني في حين أن بقية المستوطنات تتراوح بين 37000 إلى 55500 مستوطن لكل منها.

ووفقا لآخر الإحصاءات "يعيش حوالي 570 إسرائيليا في أكثر من 100 مستوطنة شيدتها إسرائيل في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ احتلالهما عام 1967". ولمن يريد أن يعلم يصنف بناء المستوطنات نشاطا غير شرعي بموجب القوانين والأعراف الدولية.

وتولي مراكز البحوث الفلسطينية اهتماما متزايدا بمسألة المستوطنات وتكاثرها العددي، ونموها السكاني. فقد صدر مؤخرا تقرير صادر عن معهد الأبحاث التطبيقية القدس-أريج يؤكد أن "مجموع ما تسيطر عليه إسرائيل من خلال مصادرتها للأراضي الفلسطينية بذرائع ومسوغات مختلفة يزيد عن 40% من إجمالي مساحة الضفة الغربية، وهذا الرقم لا يشمل الأوامر العسكرية التي أصدرتها إسرائيل لبناء الجدار الفاصل، ولا تلك الخاصة بشق الطرق الالتفافية، ناهيك عن أن العديد من المستوطنات الاسرائيلية قامت على أراضٍ فلسطينية خاصة، وهذه المساحات غير مشمولة بالـ40% المذكورة أي أن الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل تتخطى هذا الرقم بكثير".

ويورد التقرير مجموعة من الحقائق الدامغة التي تدحض ادعاءات إسرائيل في حقها في إنشاء تلك المستوطنات (نورد البعض منها دون الحاجة لوضعها بين معقوفتين"، مثل:

* إنَّ الأراضي التي تعتبرها إسرائيل أراضي دولة والتي تشكل حوالي 38% من مساحة الضفة الغربية المحتلة هي أراضٍ ترجع ملكيتها لسُكان دولة فلسطين المحتلة.

* إنَّ كافة الأراضي التي صادرتها إسرائيل في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية ومنذ اليوم الأول لاحتلالها للأرض الفلسطينية هي استيلاء غير قانوني على هذه الأراضي.

* إنَّ جميع المستوطنات الإسرائيلية والبؤر الاستيطانية والأراضي التي أقيمت عليها هي مصادرة واستيلاء غير شرعي تم بالقوة الجبرية والعسكرية.

* إنَّ كافة الأراضي التي صادرتها إسرائيل للأغراض الأمنية ولإقامة القواعد العسكرية وخاصة في الأغوار الفلسطينية هي أيضا مصادرة غير شرعية من قوة محتلة.

* إنَّ سيطرة إسرائيل على 88% من أراضي القدس الشرقية الذي يعادل ما نسبته 1.1% من مساحة الضفة الغربية بذرائع الاستيطان والتخطيط هو استيلاء غير شرعي.

* إنَّ الأراضي التي تسيطر عليها الطرق الالتفافية والأمنية الإسرائيلية والتي تصل مساحتها إلى 120 كم مربع أي ما يعادل 2.1% من إجمالي مساحة الضفة الغربية هي مصادرة غير شرعية قوة محتلة.

إزاء هذه الجرائم التي يرتكبها، على نحو متواصل، العدول الصهيوني، اكتفت واشنطن بإبداء قلقها فقط، ولم تجد نفسها مجبرة على "التصعيد" إلى ما هو أعلى من ذلك؛ لأنَّ انتخابات الرئاسة الأمريكية على الأبواب، والرقم اليهودي مهم في معادلة كسب الأصوات فيها. وفوق هذا وذاك، ليس هناك ما يجبرها على تغيير موقفها أزاء ذلك الصراع، طالما الغيت القضية الفلسطينية من قائمة الأولويات في العلاقات الدولية، السياسية والدبلوماسية التي تنسجها الكتلة العربية في المحافل الدولية، بما فيها أروقة الأمم المتحدة.

أما نحن العرب، دون تمييز بين القوى الحاكمة أو تلك التي تقطن صفوف المعارضة، فقد غبنا عن مشهد الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وغيبناه من برامجنا، وهو أمر ليس متوقعا فحسب، بل منطقيا أيضا عند قراءة الوضع السياسي العربي. فالعرب مشغولون بحل قضاياهم الداخلي، التي لم تعد قادرة على توفير متسع من الوقت حتى مجرد التفكير، دع عنك الفعل، لردع العربدة الصهيونية في التركيبة السكانية في الضفة الغربية.