جرس إنذار لمقاصف المدارس

 

 

زينب الغريبيَّة

بَدَأ أبناؤنا الذهاب للمدراس في عامٍ دراسيٍّ جديد؛ منهم من توجه للمدراس العامة، ومنهم من التحق بالمدارس الخاصة، وآخرون بالمدارس العالمية، ومنهم في الحضانات ورياض الأطفال مختلفة المستويات التعليمية، تختلف المناهج والمدرسون، وأعداد الطلاب في الصفوف، كما تختلف نوعية الأكل الذي يُقدَّم لهم.

دائماً ما تنصبُّ النقاشات في نوعية المناهج وفاعلية المعلم لبناء فكر الطلاب، وغيرها من القضايا المرتبطة بالتعليم؛ فاهتمامنا ببناء الشيء الرئيسي الذي يذهب الطلاب من أجله للمدراس، ويَخْفَى علينا موضوع شديد الأهمية يكمُن قلب كل المدراس، ويستوجب إمعان النظر إليه، وهو نوعية الطعام الذي يُقدَّم لأبنائنا أيضا لبناء أجسامهم والحافظ على صحتهم، لا سيما إنْ وضعنا في اعتبارنا المدة الزمنية الكبيرة من العام التي يقضيها الطفل في المدرسة، والفترة المهمة من اليوم وهي فترة الصباح حتى بعد الظهيرة، وهي فترة النشاط والحركة للشخص، والتي يحتاج فيها الطفل كمية كافية وجودة عالية في الطعام الذي يأخذه.

ولا شك أنَّ المسؤولية مُشتركة في هذا الجانب بين المدرسة والمنزل، في توفير وجبات الطعام الضرورية للطفل؛ فالأسرة من الممكن أن تُعد الطعام الصحي ليأخذه الطفل معه إلى المدرسة ويتناوله على فترات في أوقات الاستراحات (الفسحة) المحدَّدة لذلك، إلا أنَّ الطفل أو الطالب الكبير بطبيعته يُحب المشاركة، ويأكل مما يأكل منه أصحابه، ومما يباع في المدرسة ليكون مثل باقي أقرانه، فنحن نشتري مع بعض، ونأكل مع بعض؛ لذا أصبح من الضروري التركيز على الوجبات التي تُقدَّم في المدراس.

وفي موسم السياحة في ظفار، استنفرت جميع الهيئات المختصَّة لمراقبة الوضع الصحي فيما يُقدَّم من مأكولات للسائحين، حتى لا يتم التلاعب في صحتهم، وهذا شيء جميل ويُحسب لهم؛ فالموضع بالفعل يستحق كل هذا، إلا أنَّ موضوع أبنائنا أيضًا يستحق مثل هذا الاستنفار؛ فصحتهم وقوة أجسادهم لبناء جيل قوي جسديا وذهنيا في وقت واحد أمر يبلغ من الأهمية حدها، فكم سمعنا عن حالات تسمُّم في سنوات سابقة، نتيجة تعاقد بعض المدراس مع مطاعم لتوفير الوجبات يوميًّا للطلاب، هنا إنْ تحدَّثنا عن صلاحية المواد المستخدمة في إعداد الوجبات، ومراعاة قوانين النظافة أثناء الإعداد، وفي الأدوات المستخدمة في الإعداد، حتى نصل إلى مرحلة تغليف الأكلات بمواد صحية وبطرق صحية، ومن الذي يقوم بإعداد تلك الوجبات إن كان يستوفي شروطا مُناسبة ليكون مُعدِّا لوجبات أطفال ويراعي فيها الشروط الصحية المطلوبة!

من ناحية أخرى، من الضروري النظر في مكونات تلك الوجبات -في حالة أنها أُعدَّت بالطرق الصحية ووفق معايير النظافة اللائقة- هل تستوفي على مدار الشهر حاجة جسم الطفل من المواد الصحية التي يحتاجها لبناء جسم هذا الطفل؟ وهل توفِّر له المستوى الصحي المطلوب؟ هل تستوفي شروطَ توفر الفيتامينات والبروتينات والمعادن والألياف و... التي يحتاجها الطفل لينمو جسمه نموًّا سليمًا؟

هذا فضلا عن أسعار الوجبات التي تُقدَّم للأطفال في المدراس الخاصة والعالمية، على اعتبار أنَّ الأطفال يدرسون على تكلفة أهاليهم؛ فهم بالتالي قادرون على دفع المال، والحقيقة أن ذلك لا يرتبط بقيمة المأكولات، فكيف يكون سعر فطيرة ثلاثة أضعاف أو حتى أربعة أضعاف قيمتها في المحلات والمخابز الموجودة في السوق؟! لِمَ يتم هذا الاستغلال؟! هل يتم استغلال الطفل لأنه يدرس على نفقة والديه وفي مدرسة خاصة كبيرة أو عالمية؟ فأين حماية المستهلك عنهم؟ أين حقوق هؤلاء الطلاب الذين قد يصرفون جُلَّ ما أخذوه من مبلغ كبير -مقارنة بما يأخذه الطلاب في المدراس العامة- وقيمة ما يصرفونه على فطيرة واحدة وعلبة عصير؟

هنا.. يستدعي الأمر من الهيئات والجهات المختصة في حماية المستهلك والصحة العامة وتصاريح هذه المقاصف أو المطاعم التي يتم التعاقد معها، الرقابة المستمرة، والتفتيش والتنقيب؛ فأبناؤنا وصحتهم يستحقون ذلك، والأمر ليس بالهيِّن والاستنفار فيه ضرورة، فأبناؤنا ليسوا بأقل أهمية من السيَّاح والصحة العامة التي تراقب المحلات والمخازن العامة التجارية، وهذه ليست مُهمَّة وزارة التربية والتعليم؛ فالمسؤوليات مُقسَّمة بين المؤسسات حسب تخصُّصاتها ومهام عملها؛ فالرقابة المستمرة والعقاب الرادع هما الحل للحفاظ على بيئة سليمة نظيفة، والقضاء على ضِعَاف النفوس الذين لا يرون الصالح العام أمام الربح وبناء كومة المال.