أطلقت الشارة وبدأ السباق

وديع اللواتي

أعلنت هيئة تقنية المعلومات قبل فترة بدء التسجيل في جائزة السلطان قابوس للإجادة في خدمات الحكومة الإلكترونية، وهي الجائزة الأعلى والأهم في السلطنة وتتسابق فيها كل الجهات وتتنافس لحصد أكبر عدد ممكن من الجوائز أو الحصول على موطئ قدم بين الجهات المتوجة.

هذه الجائزة التي بدأت في عام 2010، ترجمة للتوجيهات السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه - في خطابه الذي ألقاه أمام مجلس عمان في عام 2008 حيث أكد فيه على أهمية العلم والمعرفة وضرورة الاستفادة من تقنية المعلومات والاتصالات والتي غدت هي المحرك الأساسي لعجلة التنمية في الألفية الثالثة.

إنّ إعلان بدء التسجيل في الجائزة للترشح والتنافس يعني استئناف العمل الدؤوب وسهر الليالي والأيام من أجل إعداد العدة لهذه المسابقة حيث تنشأ غرف طوارئ وعمليات وتشكل الفرق المختلفة ويعلن النفير العام وجلسات العصف الذهني لمراجعة فئات المسابقة والمشاريع الأنسب لكل فئة بل وربما الاستعانة ببيوت الخبرة وصرف الأموال الطائلة في سبيل الحصول على هذه الجائز ليستمر هذا العمل حتى شهر أغسطس ثم تبدأ بعدها مرحلة الترقب والانتظار لنتائج لجنة التحكيم التي يتم تشكيلها من خبراء دوليين من شتى بقاع المعمورة ويكون حال المؤسسات المتنافسة كطلاب الدبلوم العام الذين يترقبون نتائجهم ليجنو ثمرة جهودهم في حفل بهيج يدعى إليه المسؤولون وتعلن فيها المؤسسات الفائزة بهذه الجائزة.

كل هذا يستوجب طرح سؤال بريء، ثم ماذا؟ ولماذا كل هذا؟ ما الهدف وما هي الفائدة المرجوة من كل هذا؟.

إذا قلنا إنّ الهدف هو حصد الجوائز والألقاب فتلك كارثة بأن نختزل الجائزة في كأس أو درع نتسلمه نضيفه لطاولة الكؤوس والدروع وربما نأخذ (سيلفي معها) ونضع الصورة في مواقع التواصل الاجتماعي ونقول للناس انظروا إلينا لقد فزنا. إن كان هذا هو الهدف فإنّ إلغاء المسابقة أهون من هذه النية للمشاركة.

وإن قلنا بأن الهدف هو إبراز دور السلطنة والتقدم الذي تحققه مؤسسات الدولة المختلفة في مجال الحكومة الإلكترونية فهذا أيضاً غير مبرر لتنظيم هذا الحفل وهذه الجائزة لأن إنجازات السلطنة وتطورها هو أمر ملموس وواضح للعيان ويراه القاصي والداني.

أما إذا قلنا إنّ الهدف هو الإشادة بالمشاريع الإلكترونية الجديدة للجهات والمؤسسات وما تقدمه من تسهيلات للمستفيدين من هذه الأنظمة فحينها أقول إن المعيار ليس الكلمات التي تكتب في استمارات المشاركة وما يُحيطها من بهرجة إعلامية تحول الصخر الأصم إلى ألماسة نادرة ولكن على الورق والصور.

إنّ معيار نجاح أي مشروع يُقاس بالقيمة التي يضيفها لمستخدميه من ناحية تسهيل وتسريع الإجراءات وتوفير الوقت والجهد والمال دون أي تعقيد أو بطء وليس بحجم وعدد الجوائز التي يحصدها هذا التطبيق أو ذاك النظام.

إنّ البشر ينظرون للفعل أكثر مما يسمعون القول وكثرة الجوائز دون فائدة على أرض الواقع من هذه الأنظمة يؤدي لفقدان الثقة في الجائزة ومضمونها والجهات التي تعتلي منصة التتويج فيها لتكون النتيجة صرف الريالات على أنظمة مهما كانت فعاليتها تظل بلا فائدة تذكر لعزوف الفئات المستهدفة عن استخدامها لعدم ثقتهم فيها لنقول للجهات (كأنك يا أبو زيد ما غزيت).

إنّ الأولوية في المرحلة الحالية لتطوير جودة وكفاءة الخدمات الحكومية المقدمة للجمهور ولموظفي هذه المؤسسات فهم من يجب توجيه الجهد لخدمتهم وتسهيل أمورهم وبدل صرف الوقت والجهد والمال على جائزة لا تقدم ولا تؤخر، فإنّ الأولى استغلال كل هذا للتطوير والتحسين حتى نكون في صدارة الدول المتقدمة في هذا المجال بالتطبيق على أرض الواقع لا بالدعاية الإعلامية والبهرجة الفارغة ليقال (الاسم شايع والبطن جايع).

في عصر السرعة والمعلومات ما زلنا ننتظر الكثير من كل الجهات فقد سبقنا كثيرون، وبدل النواح والعويل على تأخرنا ومقارنة أنفسنا بغيرنا، يجب علينا السعي والتركيز لنصل لما نصبو إليه ولسنا عاجزين أو غير قادرين لأنّ كل ما نحتاجه موجود ويبقى الباقي علينا.