"الصحة" تدشن الحملة الوطنية للتوعية بمخاطر ظاهرة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية

تدشين الدليل الوطني للمضادات الحيوية واعتماد نظام الترصد الوبائي للميكروبات

السعيدي: الظاهرة تُهدد الأمن الصحي العالمي ولا تزال الإجراءات المتخذة لمواجهتها أقل من المطلوب

الساجواني: لـ"الزراعة" دور محوري في الحملة بالتعاون مع "الصحة" والمؤسسات المعنية بالسلطنة

الرؤية - محمد قنات

تصوير/ خميس السعيدي

دشَّنت وزارة الصَّحة أمس الحَملة الوطنية للتوعية بمقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية تحت شعار "استخدام أمثل لنتائج أفضل" بالتعاون مع عددٍ من الجهات الحكومية تحت رعاية معالي الدكتور فؤاد بن جعفر الساجواني وزير الزراعة والثروة السمكية بفندق كراون بلازا مسقط. وشهد حفل التدشين اعتماد الدليل الوطني للمضادات الحيوية وتدشين واعتماد نظام الترصد الوبائي للميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية.

وقال معالي الدكتور وزير الزراعة والثروة السمكية إنّ الحملة الوطنية للتوعية بمقاومة الميكروبات للمضادات الحيوية مهمة نظرًا لقدرات البكتيريا الهائلة التي تنتقل عبر وسائل مختلفة أهمها الزراعة بشقيها النباتي والحيواني والسمكي وكذلك طرق إعداد الغذاء. وأكد معاليه على الدور المحوري الذي تقوم به وزارة الزراعة والثروة السمكية في هذه الحملة الوطنية التي وضع برنامج عملها بشراكة مع وزارة الصحة ومع عدد من المؤسسات بالسلطنة للقيام بهذا الدور المهم الذي يحتم على الجميع القيام به بالشكل المطلوب. وأشار معاليه إلى أنّه في كثير من الأنظمة التي تراعي قضية استيراد الثروة الحيوانية من خارج السلطنة بالنسبة لإنتاج الغذاء توجد هناك مراقبة على المضادات التي تستخدم في إنتاج الثروة الحيوانية، مؤكدًا على وجود حزمة جديدة من النظم والتشريعات القادمة لتعزيز الحملة الوطنية التي تتعلق بهذا الجانب.

وقال معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة إنّ ظهور الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية يُهدد الأمن الصحي العالمي موضحًا أنّ هذه الظاهرة بدأت بالظهور منذ عدة سنوات ولا تزال الإجراءات التي اتخذت على المستوى الدولي محدودة جدًا داعيًا معاليه إلى تكاتف جهود كافة القطاعات في كل دولة للخروج من وضع حرج قد يحدث في القطاع الصحي على مستوى العالم.

وأوضح معاليه أنّ مسببات مقاومة المضادات الحيوية مختلفة منها إساءة استخدام المضادات الحيوية خاصة في القطاع الزراعي والحيواني أو حتى في الصحة البشرية حيث توجد الكثير من الحالات لا تستوجب وصفة للمضاد الحيوي ولكن يتم إعطاء مضادات حيوية. وأضاف أنّ من بين مسببات مقاومة المضادات الحيوية أن الكثير من المرضى يحتاجون المضادات الحيوية لكن مع الأسف لا يكملون الوصفة حسب الإرشادات الطبية لتزداد البكتيريا مناعة وقوة وتظهر أنواعاً أخرى من البكتيريا والفيروسات المقاومة للمضادات الحيوية بدل القضاء عليها.

وعلى المستوى العالمي، أشار معاليه إلى وجود وفيات منها في فرنسا بحسب وزارة الصحة الفرنسية التي أكدت وفاة 12ألفًا و500 حالة وفاة متعلقة بظهور ميكروبات مقاومة المضادات الحيوية. وفيما يتعلق بالسلطنة، أكد معاليه البدء بخطوات حثيثة من عدة سنوات واليوم تمّ تدشين الحملة الوطنية بالتعاون مع وزارة الزراعة والثروة السمكية والقطاعات الأخرى، معربًا عن أمله في عقد مؤتمر دولي حول هذا الموضوع قبل نهاية العام ليكون هناك إعلان مسقط حول الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية.

التقيد بالإرشادات الطبية

ودعا معالي وزير الصحة العاملين في القطاع الصحي والقطاع البيطري بالسلطنة إلى عدم إعطاء وصفات لمضادات حيوية إلا بعد التأكد أنّ الالتهاب فعلًا بكتيري ويستجيب للمضاد الحيوي، كما دعا معاليه المستفيدين من الخدمات المرضى للتقيد بالإرشادات الطبية وأخذ المضادات الحيوية كما وصفت وليس ليوم أو يومين في حال انتهاء الأعراض بل الاستمرار عليها حسب الوصفة، منوهاً إلى القطاع الصيدلي الخاص والقطاع الصحي الخاص بالالتزام بالقانون الذي يمنع بيع المضادات الحيوية دون وصفة طبية مؤكدًا معاليه أن الوزارة ستتخذ إجراءات صارمة ضد المؤسسات التي لا تلتزم بهذا القانون.

وبدأ الحفل بكلمة ترحيبية قدمها الدكتور سيف بن سالم العبري مدير عام مراقبة ومكافحة الأمراض المُعدية أشار من خلالها إلى أنّ إعلان وزارة الصحة بأنّ مقاومة المضادات الحيوية هو خطر يُهدد البشرية جمعاء كما أعلنت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية، وأن مقاومة المضادات الحيوية يعد خطراً على الصحة الحيوانية، كما أنّه يُهدد الأمن الغذائي العالمي، وتشير آخر الإحصائيات إلى أنّه بحلول العام 2050 ستُسبب مقاومة المضادات الحيوية في وفيات تفوق حجم الوفيات من أمراض السرطان وحوادث الطرق مجتمعة، وستتسبب في عبء مالي واقتصادي بأكثر من عشرة تريليونات دولار أمريكي .

وأضاف أنّ استهلاك المُضادات الحيوية في المجال الحيواني يفوق بمائتي مرة استخدامه في الجانب البشري لذا فإنّ الخطة الإستراتيجية الوطنية هي نتاج عمل مشترك بين وزارتي الصحة والزراعة والثروة الحيوانية إيماناً بالدور المحوري لكل منهما للتصدي لهذه الكارثة، إنّ الاستراتيجية الوطنية للتصدي لمقاومة المضادات الحيوية ترتكز على خمسة محاور في كل الجوانب البشرية والحيوانية وهذه المحاور هي التوعية والتثقيف المراقبة والتقصي للاستخدام الرشيد للمضادات الحيوية والوقاية ومكافحة العدوى والبحث العلمي .

وقدَّمت الدكتورة أمينة بنت خلفان الجردانية مُديرة دائرة مختبرات الصحة العامة المركزية عرضًا حول الوضع العالمي والمحلي حول مقاومة المضادات الحيوية حيث ذكرت أسباب ظهور مقاومة المضادات الحيوية وهي الإفراط في استخدام مضادات الميكروبات في المجال الطبي وفي القطاعي الحيواني والزراعي، حيث يؤدي هذا الإفراط إلى خلق ضغط انتقائي فالمضاد الحيوي يقضي على البكتيريا الأقل مقاومة بينما الميكروبات المستعصية تنمو وتتكاثر مما يؤدي إلى انتشارها ففي دراسة نشرت في اللانست بحسب إحصائيات من 71 دولة، ارتفع حجم الاستهلاك العالمي من المضادات الحيوية بنسبة 36% على مدى عشر سنوات من (50 بليون وحدة معيارية إلى 70 بليون وحدة معيارية) ومعظم الوصفات تصرف في المجتمع خارج المستشفيات من هذه الوصفات ليس لها داعٍ وغير ملائمة طبيًا كعلاج التهابات الحلق الفيروسية والرشح والزكام . وفي الإطار نفسه فإنّ الإفراط في استخدام المضادات الحيوية لا يقتصر فقط على المجال الصحي بل يتعدى النسبة والمعدل في الإنتاج الحيواني والزراعي وعلى سبيل المثال في الولايات المتحدة يبلغ الاستهلاك في القطاع الحيواني ثلاثة أضعاف الاستخدام في الطب البشري وبنسبة 70%.

وتطرقت الدكتورة أمينة إلى نقص الوعي والتحديات الأخرى التي يجب أخذها في عين الاعتبار وقالت إنّ الإعلام يركز جل اهتمامه على الفاشيات (إيبولا وزيكا وكورونا) ينسى الخطر الأوسع نطاقا للاستعصاء ومقاومة المضادات الحيوية وتساهم الحوافز العكسية في التفاقم عن طريق التسويق غير المنظم للأدوية، واستخدام المضادات الحيوية كمحفزات للنمو في تربية الماشية .

المضادات والصحة الحيوانية

وقدّم الدكتور عبد المجيد بن حمود الرواحي مدير مركز بحوث الصحة الحيوانية بوزارة الزراعة والثروة السمكية عرضاً حول العلاقة بين مقاومة المضادات الحيوية والصحة الحيوانية حيث أوضح أنّ مقاومة مضادات الميكروبات تستخدم في الطب البشري والطب البيطري منذ أكثر من 60 سنة حيثُ تُستخدم للحيوانات من أجل وقايتها وعلاج وتحسين نموها وغذائها. وأضاف: عرفت منظمة الصحة العالمية مقاومة مضادات الميكروبات بأنّها مقاومة كائن مجهري ما لدواء مضاد لميكروب ما وكان فعالاً أصلاً في علاج العدوى التي يتسبب فيها ، مشيرا إلى أن استخدام مضادات الميكروبات في أغذية الحيوانات، حيثُ أن الاستخدام الشائع لهذه الميكروبات في أغذية الحيوانات هو لغرض تعزيز نموها، كما تحدث عن بكتيريا العطيفة، باعتبارها المسبب الرئيسي للأمراض المنقولة عن طريق الأغذية في جميع أنحاء العالم، كما أن لها عواقب اقتصادية وتبِعات صحية، كما سلط الضوء على بكتيريا المكورات العنقودية، حيثُ أنها أكثر مسببات الأمراض التي تصيب الإنسان والحيوان .

وقدمت أسماء بنت محمد الشريقية أخصائية ضبط جودة سلع وخدمات من دائرة ضبط الجودة بالهيئة العامة لحماية المستهلك عرضا حول سلامة الأغذية ومقاومة المضادات الحيوية، حيث سلطت الضوء على الأثار السلبية لاستخدام المضادات الميكروبية في أغذية الحيوانات فما إن تتطور الكائنات الحيوية البكتيرية تنتشر في البيئة المحيطة بنا حتى يتم اتخاذ كافة التدابير الوقائية محليا ودوليا وذلك لأنها قد تنتقل إلى البشر عن طريق الهواء الملوث بها أو الأغذية التي نتناولها سواء من المنتجات الحيوانية أو النباتية، حيث تشير الإحصائيات العالمية أن نحو (25 - 30%) من الغذاء العالمي يتم فقدانه نتيجة لعوامل التلف والفساد المختلفة .

وأضافت الشريقية: تم الأخذ بمبدأ تغذية الحيوانات المعدة للاستهلاك البشري بالمضادات الميكروبية من أجل تقليل إصابتها بالميكروبات والتي قد تنتقل للإنسان مُشكلة خطرا يهدد حياته، وباستمرار استخدام هذه الطريقة ظهرت بعض السلبيات لهذا النظام منها ، ظهور وانتشار أنواع من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية والمتطورة جينيا، والتي قد تشكل تهديد لحياة الإنسان وأصبحت بعض أنواع البكتيريا مقاومة لأكثر من نوع واحد من المضادات الحيوية، مما يجعل الأمر فائق الصعوبة لعلاج العدوى التي تسببها، كما أن الحفاظ على فعالية المضادات الحيوية هو أمر حيوي لحماية صحة الإنسان والحيوان على حدٍ سواء، ومن حرص منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأغذية والزراعة على سلامة الأغذية فقد قامتا بتعزيز النظم الوطنية للرقابة على الأغذية التي تستند إلى المبادئ والخطوط التوجيهية العلمية، والتي تتناول جميع قطاعات السلسلة الغذائية، حيث أولت أهمية خاصة للبلدان النامية التي تسعى إلى تحسين سلامة الأغذية وجودتها من أجل رفع مستوى التغذية كما تطرقت في عرضها لأهمية استخدام المضادات الميكروبية في أغذية الحيوانات والحرص على الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية وبحدود وكميات معينة، وذلك عند استخدامها للبشر والحيوانات على حد سواء .

وقدمت الدكتورة أمل بنت سيف المعنية استشارية أولى أمراض معديه ومكافحة عدوى ومديرة الدائرة المركزية للوقاية ومكافحة العدوي بوزارة الصحة عرضا حول خطة العمل الوطنية لمقاومة المضادات الحيوية وتطرقت إلى التحديات التي ينبغي التغلب عليها وهي انخفاض مستوى الوعي لدى العامة تباين مستوى الالتزام لدي الحكومات، وتشتت الجهود الحوافز العكسية لموارد والدعم المالي وبناء الشراكة مع المجتمع المدني، ووقف انتشار ظاهرة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية وتفاقمها في السلطنة.

أسباب فشل معالجة الالتهابات

وتابعت المعنية: أصبحت مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية خلال السنوات الأخيرة، أحد أهم أسباب فشل معالجة الالتهابات المسببة لها مثل التهاب الدم والتهابات الجهاز التنفسي والجهاز البولي. وأدت هذه الظاهرة الخطيرة الي زيادة كبيرة في نسبة مضاعفات المرض، وزيادة إقامة المرضى والوفيات في المستشفيات ونعطي مثالا علي ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، يموت كل عام ما يقارب من مائة الف مريض، نتيجة أصابتهم بأحد الميكروبات المعدية، ويقدر أن 70% منهم يموتون فعليا بسبب مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.

ودشن معالي الدكتور فؤاد بن جعفر الساجوني وزير الزراعة والثروة السمكية ومعالي الدكتور أحمد بن محمد بن عبيد السعيدي وزير الصحة واعتمدا الخطة الاستراتيجية الوطنية لمقاومة المضادات الحيوية، كما اعتمد معالي الدكتور أحمد بن محمد بن عبيد السعيدي وزير الصحة ودشن الدليل الوطني للمضادات الحيوية واعتماد السياسة الوطنية لنظام الترصد الوبائي للميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، فيما وزع راعي المناسبة الشهادات والهدايا على الفائزين في مسابقة البرنامج الإلكتروني لنظافة الأيدي.

وتفقد راعي الحفل والحضور المعرض المصاحب للحملة والذي أشرفت على تنظميه دائرة التثقيف وبرامج التوعية الصحية معرضا علميا يصاحب حفل التدشين ويسلط الضوء على أهم الحقائق المرتبطة بمقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية، كما يوضح الجهود التي تبذلها السلطنة في مجال مكافحة مقاومة الجراثيم للمضادات الحيوية حيث تم وضع الإستراتيجية الوطنية لمقاومة المضادات الحيوية داعية إلى ضرورة الوعي والترصد والمراقبة والاستخدام الرشيد كذلك مكافحة العدوى واستمرار البحوث والدراسات .

وتشمل الحملة فعاليات جماهرية لأفرد المجتمع يومي 10 و11 مايو الجاري في مجمع الأفنيوز مسقط بهدف رفع الوعي لمفهوم مقاومة المضادات الحيوية بين العاملين في الرعاية الصحية والمهنيين العامليين في مجال الزراعة والثروة السمكية، وبين أفراد المجتمع .

ويشار إلى أنّ أهم المشكلات التي تُقلق الأطباء والعاملين في مجال صحة الإنسان والحيوان في معظم دول العالم ظاهرة انتشار مقاومة أنواع متعددة من الميكروبات المعدية للإنسان ضد المضادات الحيوية والتي اعتبرها المنتدى الاقتصادي العالمي أحد الاخطار الهامة التي ستواجه شعوب العالم خلال السنوات المقبلة. ومن المتوقع أن تؤدي الظاهرة في المستقبل القريب إلى انتشار أوبئة العدوى بعدد من الميكروبات المعدية الخطيرة التي لا يوجد لها مضاد فعال.

وأصبحت مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية خلال السنوات الأخيرة، أحد أهم أسباب فشل معالجة الالتهابات المسببة لها مثل التهاب الدم والتهابات الجهاز التنفسي والجهاز البولي. وأدت الظاهرة الخطيرة إلى زيادة كبيرة في نسبة مضاعفات المرض، وزيادة إقامة المرضى والوفيات في المستشفيات.

تعليق عبر الفيس بوك