شباب عبري يبذلون جهودا تطوعية لإعادة الحياة إلى فلج المبعوث ويأملون دعم الجهات المعنية

"شؤون موارد المياه" بالظاهرة تعد دراسة متكاملة لاحتياجات صيانة الفلج

عبري- ناصر العبري

تتواصل الجهود التطوعية من جانب شباب ولاية عبري لصيانة فلج المبعوث، حتى يعود الفلج إلى جريانه ويكسو اللون الأخضر بساتين الولاية، لكن الشباب انتقدوا تأخر الجهات المعنية وممثلي الفرق التطوعية والقطاع الخاص في دعم هذه الجهود بالمساندة المالية لتوفير الأدوات اللازمة لاستكمال أعمال الصيانة. وتواصلت "الرؤية" مع المديرية العامة للبلديات الإقليمية وموارد المياه بمحافظة الظاهرة، أفاد المسؤولون أنّه من منطلق حرص المديرية على الثروة المائية وضرورة المحافظة عليها وتنمية مصادرها فقد حرصت المديرية العامة للبلديات الإقليمية وموارد المياه لمحافظة الظاهرة ممثلة بدائرة شؤون موارد المياه على متابعة جهود الأهالي من خلال زيارة ميدانية لموقع الفلج قام بها المختصون بالدائرة للاطلاع على الجوانب الفنية التي يحتاجها الفلج وإعداد دراسة موسعة بجميع الاحتياجات اللازمة وتجهيز تصور شامل لصيانة الفلج الذي يحظى بأهمية كبيرة كمصدر مهم من مصادر المياه بالولاية ورفع هذه الدراسة إلى المسؤولين في الوزارة .

وقال الشيخ إبراهيم بن حميد بن راشد اليعقوبي إن الأفلاج وما تشكله من إرث تاريخي ومصدر حيوي للتنمية الزراعية وخصوصية تنفرد بها السلطنة، تستحق المزيد من الاهتمام، وهو ما يجعل قلوب أبناء السلطنة في شوق إلى رؤيتها تتدفق وتستعيد دورها الحيوي مرة أخرى، خصوصًا تلك الأفلاج المتوقفة منذ سنوات طويلة، لذلك شمر أبناء ولاية عبري عن سواعدهم لمحاولة إحياء فلج المبعوث وبإمكانياتهم المتواضعة أملاً في إعادة الحياه إلى سواقيه من جديد.

وأضاف اليعقوبي أن الإمكانيات المادية والهندسية التي يطلبها هذا الجانب أكبر من قدرة الأهالي، وقد قطع الجميع شوطاً يشكرون عليه إلا أن أيادي العابثين والتصرفات غير المسؤولة من جانب البعض حالت دون قدرتهم على إكمال المشوار، في ظل إلقاء مخلفات مواد البناء التي كونت طبقات أسمنتية يصعب التعامل معها إلا بإمكانيات خاصة. لذلك نضم صوتنا إلى صوتهم لمطالبة وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه بالإشراف على تنفيذ هذا العمل وأن تساهم بشكل جدي وفاعل من خلال تشكيل فريق عمل خاص وإسناد المشروع لجهة متخصصة وتحمل المسؤولية في هذا الجانب، حيث إنّه من أولويات سياساتها في مجال موارد المياه. ونشد على أيدي الفرق والجمعيات التطوعية وكافة شرائح المجتمع لاستمرار الجهود والدعم لهذا الهدف الحيوي.

وقال سنيدي بن حميد الشعيلي عضو المجلس البلدي بولاية عبري: لاحظ الجميع استمرار جهود الشباب المتطوعين ونزولهم في فتحات الفلج رغم الصعوبات والمشقة التي يجدونها إلا أنهم تحملوا ذلك لأجل مدينة عبري وغيرتهم على الفلج الذي يمثل إرثا حضاريا ويدركون ضرورة المحافظة عليه، ويحتم علينا ذلك أن نحافظ على هذا الإرث الحضاري وندعو الجهات الحكومية والخاصة للوقوف معنا وتذليل الصعاب حيث لا يزال المشوار طويلا ويحتاج إلى إمكانيات كبيرة، كما نشكر جهود الشباب المتطوعين أحفاد أولئك الذين شيدوا هذا النظام الفريد في الري.

وقال عبد الله بن حمد الجساسي إن فلج المبعوث يصنف من الأفلاج الداودية التي تتحمل فترة المحل والجفاف وانقطاع الإمطار لفترات طويلة لكن مع زيادة استنزاف المياه والعبث بحرمات الفلج وتجاهل البعض للقوانين المنصوص عليها والتي تحرم الاقتراب من أمهات الأفلاح أو إنشاء أي مبان أو مزارع في الحدود التي نص عليها القانون إلى جانب غياب رقابة الدوائر المعنية عن هذا الجانب فضلاً عن قلة الأمطار وعدم وجود سدود جوفية ذات فائدة فعلية ترفد أمهات الأفلاج بالمياه الجوفية أدى ذلك إلى جفاف معظم الأفلاج ومن بينها هذا الفلج، لكن مع تغير المناخ وعودة الأمطار وارتفاع منسوب المياه خلال الفترة الأخيرة وظهور أفلاج الدريز والعينين والعراقي بدأت جهود صيانة فلج المبعوث انطلاقاً من رغبة أهالي ولاية عبري في الاستمتاع بنعمة الأفلاج وإعادة الحياة إلى مزارعهم وضواحيهم، إيماناً منهم بأنّ الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، وبالفعل بدأ الشباب الذين قرروا العمل بجهودهم الذاتية في خدمة وصيانة الفلج من خلال تجهيز خطة عمل وتوزيع الأدوار والمهام بالتشاور مع وكيل الفلج، وكانت بداية العمل متواضعة والعدد قليل لكن ما إن انتشرت الأخبار بين باقي أفراد المجتمع في الولاية بما يقوم به هؤلاء الشباب حتى زاد العدد وصار العمل أكثر تنظيمًا.

وأكد الجساسي أنّه يعمل حاليًا في صيانة الفلج ما يقارب 30 متطوعا تحت إشراف سنيدي الشعيلي عضو المجلس البلدي، ويتوقع الانتهاء من العمل خلال الشهرين المُقبلين بعون الله، وينتظر الجميع دعم الجهات والشركات الأهلية والخاصة والأفراد لهذا المشروع وبذل الجهد والعمل على إحياء التراث العريق، ويرجى من وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه العمل على إزالة جميع الحيازات غير القانونية التي تضر بمسار الفلج وسرعة تنفيذ ذلك حتى يعود للفلج مكانته المعروفة. كما على وزارة الإسكان النظر في المخططات التي تقوم بتوزيعها في إحرام الفلج وعدم السماح بالتعدي على الأراضي المحيطة بالفلج والتي صدر بشأنها مرسوم سلطاني واضح يمنع التعديات. ونحث جميع الشباب على الحضور خلال فترة العمل اليومية قدر المستطاع ومساعدة إخوانهم في العمل وتدعيم الشراكة المجتمعية وإظهار التكافل والتعاون بين الجميع لما يخدم المصلحة العامة.

وقال عمر بن حمد بن محمد الجساسي أحد الشباب المتطوعين لخدمة الفلج: عددنا تجاوز العشرين شاباً ولله الحمد ونعمل يومياً ونبدأ العمل من السابعة صباحاً حتى الرابعة مساءً إلا أنّ العدد غير كافٍ لارتباطنا بأعمال حكومية وغيرها وللأسف لم نجد المبادرات من الفرق التطوعية والرياضية بالولاية حتى الآن ونحن في الأسبوع الثالث ونجدد الدعوة للجميع أن يشاركونا في العمل وهو تطوع واحتساب الأجر من الله.

وقال خالد بن مبارك بن شيخان الوائلي أحد المتطوعين العاملين بخدمة الفلج وصيانته: عندما نزلنا إلى ساقية الفلج وهي على عمق أكثر من ٢٥ متراً وجدنا الأوساخ والردميات بشكل واضح إلا أننا لا نتهم أحدا وتفاءلنا كثيرًا عندما وجدنا بوادر الخير بوجود الماء وإن كان قليلاً. لافتا إلى أن العمل يحتاج إلى أيام وشهور حتى ينجز كاملا ونتحلى بالعزيمة لأننا في حاجة إلى الماء وسقي مزارع النخيل لتعود كما كانت.

وقال شهاب بن حمد بن سعيد الشندودي الذي نزل مع الشباب داخل مجاري الفل: انطلقت حملة شبابية متواضعة لصيانة فلج المبعوث وتنظيفه بمبادرة مشكورة من الغيورين على مكتسبات الوطن الغالي حتى يستفيد منه الناس ويعاود جريانه كما كان. لكن اصطدمت محاولاتهم لصيانة هذا الفلج بجمله من العقبات والمشاكل، فقد تم اكتشاف كتل أسمنتية تم صبها في جوف سواعد الفلج عمدًا وبفعل فاعل. وتمّ العثور كذلك على أحجار ضخمة تم إلقاؤها من أجل حبس وإعاقة روافده إضافة إلى وجود إطارات قديمة ومخلفات صناعية كثيرة، لذلك يرجح أن هناك أيادٍ خفية امتدت إلى الفلج بغرض تدميره، والنداء موجه إلى الجهات ذات الاختصاص للقيام بدورها.

تعليق عبر الفيس بوك