موظفون: غياب التحفيز والمساواة وضعف اللوائح ببعض المؤسسات في صدارة أسباب التقاعد

85% من المستقيلين حاصلون على مؤهلات عليا من إجمالي 44667 متقاعدا

< الحراصي: يلجأ المتقاعد إلى العمل الحر لشعوره بالضيق من غياب الحافز

< البريكي: قضيت 15 سنة في الوظيفة الحكومية وأفكر في التقاعد والعمل الخاص للاستفادة من مهاراتي

< المعمري: التفكير في التقاعد مرهون بتوافر فرصة أفضل براتب أكبر في بيئة عمل أكثر عدلا

< الحوسني: يشعر الموظف بحاجته للتقاعد من العمل بعد قضاء 15 أو 20 عاما في وظيفته

< اللويهي: يتجنَّب الموظف المغامرة بالتقاعد في حال كانت لديه التزامات مالية لبنوك ووكالات

< الهنائي: إذا خضع الموظف للروتين اليومي لأكثر من 20 عاما ينفر من عمله ويسعى للتقاعد

كشفتْ إحصائيات التقرير السنوي لصندوق التقاعد أنَّ الاستقالة شكَّلت النسبة الأكبر في إنهاء خدمة المتقاعدين الحاصلين على المؤهلات الجامعية والدراسات العليا بنسبة 85%، وقد بلغ عدد المتقاعدين في العام 2015 نحو 44.667 متقاعدا. وأرجع عدد من الموظفين استقالاتهم إلى عدة أسباب؛ من بينها: الرغبة في التقاعد المبكر والالتحاق ببيئة عمل أفضل، فضلا عن عدم وجود حوافز كافية تشجع على الاستمرار والإبداع في العمل.

وأشاروا -في استطلاع لـ"الرُّؤية"- إلى تضررهم من المساوة في العمل بين المجيد وغير المجيد، وانتقدوا ضعف القوانين واللوائح المنظمة لعلاقات العمل.

الرُّؤية - عهود الهنائيَّة - سَيْف المعمري

وقال مسلم بن سالم بن محمد الحراصي: سأفكر في التقاعد متى وجدت البديل الذي يضمن توفير فرصة لأي موظف في أن يسهم في تحسين وضعه الاجتماعي والمشاركة في بناء مستقبل الوطن. كما أن سبب تفكير الموظف في التقاعد من العمل يختلف حسب نوع العمل والجهد المبذول، وهناك عدة أسباب تدفع الموظف للتقاعد المبكر كوجود بديل أفضل في بيئة عمل أخرى، وضعف الأنظمة واللوائح والقوانين في عمله الحالي، وعدم وجود الحافز للاستمرار والإبداع، وتضرره من المساواة في العمل بين المجيد وغير المجيد، وفي الغالب يلجأ الموظف المتقاعد من الخدمة المدنية إلى العمل في القطاع الخاص والعمل الحر نتيجة شعوره بالضيق وإدراكه صعوبة الاستمرار في ظل عدم وجود الحافز للبقاء.

وأضاف الحراصي: قضيت في العمل 11 سنة ولا أفكر في التقاعد حاليا، لكن إذا ما استمرت حال وزارة الخدمة المدنية في عدم إيجاد الحافز وعدم محاسبة المخطئ ومكافأة المجيد ووجود نظام واضح للعمل فإن التقاعد هو الخيار الوحيد.

فجوة بين الإدارة والمعلم

وقالت المعلمة "أ.س": إنَّ الضغط يزداد سنويا في العمل بوزارة التربية، والتقييم يعتمد بالدرجة الأولى على الروتين وتسديد خانات المشاريع والفعاليات، بدلا من التقييم على أساس الإنجاز في تنمية مستوى التحصل مثلا، وهو ما يزيد من أعباء المعلم، خاصة وإنْ أنجز ولم يجد من يشكره على إنجازه معنويا أو ماديا؛ لذلك يلجأ بعض المعلمين إلى التقاعد في ظل الفجوة بين إدارة العمل بالوزارة وما يراه المعلم من آليات عملية تزيد من مستوى التحصيل الطلابي على أرض الواقع. وأشارت إلى أن المسابقات الطلابية تستنزف الكثير من الوقت المخصص للتحصيل الدراسي فضلا عن زيادة الأعباء على المعلم المكلف أولا بالتدريس قبل كل شيء، ولفتت إلى التأثير السلبي لنقص المعلمات في كثير من المدارس، وهو ما يزيد من الضغط على المعلمات المكلفات بالفعل.

وأضافت "أ.س" بأنَّ هناك فجوة بين مخرجات المعلمين في الماضي والوقت الحاضر في استيعاب المادة العلمية وطرق توصيلها للطلاب؛ حيث إنَّ بعض مخرجات المعلمين الجدد لا تمتلك الصبر ولا الرغبة في تطوير نفسها، ونجد أن الكثير من الطلاب -خاصة في الصفوف المتقدمة- يلجأون للدروس الخصوصية ليتمكن الأبناء من تحصيل المادة العلمية.

وقال علي بن عبدالله بن علي البريكي إنه من مؤيدي فكرة التقاعد المبكر؛ لأنَّ لكل إنسان طاقة محددة، ويبدأ في التراجع مع فقدانها تدريجيا، ويطغى الروتين على الموقف. وأضاف بأنَّ التقاعد المبكر يتيح فرص عمل للباحثين عن عمل في المجال، وأرى أن عشر سنوات كافية للموظف للبقاء في العمل وبعدها يكون الموظف راغب في التقاعد المبكر؛ لكي يرتاح أو لتغيير المهنة وكسر الروتين أو ربما للعثور على فرصة أفضل في جهة أخرى. وفي غالب الأحيان يرغب الموظف المتقاعد في العمل بقطاعات أخرى لأن الموظف يحصل فيها على التقدير ويكون المعيار هو الإنجاز بعكس القطاع الحكومي الذي يكون المعيار هو عدد سنوات العمل بغض النظر عن الانجاز. وقد قضيت في العمل الحكومي 15 سنة وأفكر في التقاعد لأني لم أجد في العمل الحكومي الحوافز التي تتناسب مع المهارات والقدرات التي أملكها والنظام المتبع لا يساعد الموظف المبدع ولا يُسهم في تطوير قدراته وكفاءته والأعباء التي يكلف بها الموظف، وهي ليست من صميم عمله تزيد من معاناته.

بيئة عمل أفضل

وقال ناصر بن عبدالله المعمري: قضيت في العمل الحكومي 8 سنوات ولا أفكر في التقاعد إلا إذا سنحت لي فرصة بمكان أفضل لأن المكان الحالي راتبه جيد، وإن كان لا يتضمن مزايا وحوافز. وأتساءل عن الخدمات المميزة التي يحصل من خلالها الموظف على خصومات الطيران والمستشفيات...وغيرها. ومن الأسباب التي تدفعنا للتقاعد زيادة الضغط علينا في حال فشل القيادات في مؤسساتنا، والذين يجري تعيينهم بناء على معايير قبلية أحيانا، كما أنَّ قوانين الترقيات محبطة ولا يوجد معيار واضح، وحينما تطالب بترقيتك يرد عليك المسؤولين بعدة ردود من بينها مثلا: العمل ثوابه عند الله. ويستطرد المعمري: لو وجد الموظفون آلية لتحصيل حقوقهم في مؤسساتهم لما اضطروا للتقاعد.

وقال حسن بن حمد بن سعيد الحوسني: أؤيد التقاعد المبكر وهو مهم جدًّا، شريطة أن يكون بسنوات محددة؛ لما له من أهمية في توفير وظائف للشباب؛ حيث يشعر الموظف بحاجة إلى التقاعد من العمل بعد 15 أو 20 عاما، وهي سنوات ليست بالقليلة. وهناك عدة أسباب ترغم الموظف على التقاعد؛ من أهمها: توقف الترقية في بعض القطاعات دون غيرها، أو ربما تتاح له فرص أخرى أفضل مما هو عليه من ركود بدرجه معينة.

وأضاف الحوسني بأنَّ الموظفين المتقاعدين من الخدمة المدنية لا ينتقلون جميعا إلى العمل في القطاع الخاص أو العمل الحر؛ فهناك من يعمل بالقطاع الخاص من أجل زيادة الدخل المادي، كما أنَّ من يعمل بالأعمال الحرة يوفر له دخلا لا بأس به، وكثير من المتقاعدين نراهم بالأعمال الحرة أو في القطاع الخاص من أجل توفير مستلزمات الحياة اليومية، وبالنسبة لي فقد قضيت 7 سنوات في العمل الحكومي ولا توجد لدي نية للاستقالة فلدي الرغبة في خدمة وطني من خلال وظيفتي.

انتحار وموت بطيء

وقال سالم بن محمد بن راشد اللويهي إنه مع فكرة التقاعد المبكر إذا كان الموظف ليس عليه التزامات مالية لبنوك ووكالات وأمور أخرى، أما إذا كان عليه التزامات مالية فمن الصعب جدا التفكير في التقاعد إلا إذا كان هناك عمل جديد بمرتب أفضل وحوافز تجعله يغامر بالتقاعد وهو مرتاح نفسيا، وغالبا فإن المتقاعدين من القطاع الحكومي يعملون في شركات كبيرة لها ثقلها وتضخ رواتب سخية كالشركات المعنية بالتنقيب عن النفط، وقد أمضيت في الخدمة 25 سنة بوزارة التربية والتعليم، ولن أفكر في التقاعد إلا إذا وجدت فرصة أفضل في القطاع الخاص براتب جيد. أما التقاعد مع الالتزامات المالية دون التخطيط المسبق فإنه انتحار وموت بطيء للموظف. ونأمل أن تراجع الحكومة قوانين التقاعد بجعله 80% من الراتب الإجمالي وليس من الراتب الأساسي والعلاوات.

وقال سالم بن علي بن حارب الهنائي إنه يؤيد التوجه للتقاعد المبكر؛ لأن الموظف عندما يمارس روتين يومي لسنوات يشعر بالملل والنفور من العمل؛ مما يؤدي لعدم التجديد والتنويع في الأداء الوظيفي، وأرى أن الفترة التي يجب أن يقضيها الموظف في العمل لا تقل عن 15 سنة ولا تزيد على 20 سنة، وما يدفع الموظف للتقاعد المبكر عدة أسباب من وجهة نظري فقد تكون لدواعٍ مادية وهو تنويع الدخل، وقد تكون لدواعي التحرر من الروتين من خلال الهروب من القيود الوظيفية وممارسة العمل تحت مظلة المسؤول، والحل الوحيد لهذا كله هو التقاعد المبكر والتفرغ للأعمال الحرة، والإنسان بطبعه يحب أن يكون طليقًا وحرًّا، والموظف الذي يتقاعد من الخدمة المدنية قد يلجأ الى القطاع الخاص لزيادة الدخل، وقد يلجأ إلى الأعمال الحرة بحثا عن زيادة الدخل والحرية والابتعاد عن القيود الوظيفة، وبالنسبة لي فقد أكملت 11 سنة في العمل الحكومي، وأفكر في التقاعد لتنويع الدخل والابتعاد عن الروتين اليومي.

إحصائيات صندوق التقاعد

وبلغ إجمالي عدد المشتركين في صندوق التقاعد من موظفي الخدمة المدنية بنهاية العام 2015 -بحسب التقرير السنوي للصندوق- 176.201 موظفاً منهم 55% ذكور بمتوسط عمر 39 سنة، في حين بلغ متوسط عمر الإناث 34 سنة وبلغ متوسط الراتب الخاضع للاشتراك الشهري لهم نهاية عام 2015 نحو 831 ريالا عمانيا. وبلغ إجمالي عدد المتقاعدين بنهاية العام 2015 نحو 44.667 متقاعدا، مقارنة بعدد 41.714 متقاعداً في العام الماضي بزيادة قدرها 2.953 أي ما نسبتة 7%، وتبلغ قيمة المعاشات الشهرية المستحقة لإجمالي المتقاعدين 16.801.857 ريالا عمانيا.

وجاء التحليل الإحصائي للمتقاعدين حسب الخصائص الديموغرافية بأنَّ عدد المتقاعدين من الذكور بلغ 37.315 متقاعداً وبلغ متوسط معاشاتهم الشهرية 347 ريالا عمانيا ومتوسط أعمارهم 51 سنة، في حين بلغ عدد الإناث 7.352 متقاعدة ومتوسط معاشاتهن الشهرية 522 ريالا عمانيا ومتوسط أعمارهن 45 سنة. وجاء التوزيع النسبي للمتقاعدين بأن شكل الذكور الغالبية العظمى من المتقاعدين بنسبة 84% من الإجمالي، ويعتبر بلوغ السن السبب الرئيسي لتقاعد الذكور بنسبة 38% من إجمالي الذكور، في حين جاءت الاستقامة كسبب رئيسي للتقاعد عند الإناث بنسبة 41% من إجمالي المقاعدات واستحوذت محافظة مسقط على أكبر عدد من المتقاعدين حيث شكلوا ما نسبته 22% من الإجمالي، وجاءت محافظة الوسطى بأقل عدد من المتقاعدين شكلوا ما نسبته 1%. وجاء في التطور العددي للمتقاعدين الأحياء أن عدد المتقاعدين الأحياء بلغ بنهاية عام 2015 نحو 28.380 متقاعدا مقارنة بعدد 26.348 متقاعداً في العام الماضي أي بمعدل زيادة7.7%.

وجاء في التحليل الإحصائي لخصائص المتقاعدين الأحياء أن عدد المتقاعدين الأحياء بنهاية عام 2015 بلغ 28.380 متقاعدا؛ يمثل الذكور ما نسبته 78% ومتوسط أعمارهم عند التقاعد 49 سنة، في حين أن نسبة الإناث 22% ومتوسط أعمارهن عند التقاعد 44 سنة ويبلغ متوسط معاشات المتقاعدين الأحياء 439 ريالا عمانيا.

ولايزال التقاعد المبكر بشقيه الاختياري والاجباري يُمثل النسبة الأعلى من إجمالي المتقاعدين الأحياء بنسبة 39%، ويأتي بلوغ السن ثانياً بنسبة 30% من الإجمالي، وسوف تشهد السنوات المقبلة ثبات عدد حالات التقاعد المبكر وتراجع نسبته، في حين تتزايد أعداد المتقاعدين بسبب بلوغ السن والاستقالة. وبلغ عدد المتقاعدين المتوفين خلال العام 2015 نحو 16.287 بزيادة 6% مقارنة بعام 2014 ومتوسط معاشاتهم 267 ريالا عمانيا بزيادة قدرها 2%.

وبحسب التحليل الإحصائي لخصائص المتقاعدين خلال العام 2015م، بلغ إجمالي عدد المتقاعدين خلال 2015 نحو 2.682 متقاعدا بزيادة قدرها 1.408 عن العام المنصرم وبنسبة 111%، كما بلغت نسبة الذكور 48% من إجمالي بمتوسط عمر الإناث 45 سنة حوالي 1.102 من المتقاعدين خلال العام 2015م تركزت معاشاتهم ما بين 750-1000 ريال عماني. ويحتل مؤهل الدبلوم العام وما دونه النسبة الأكبر للمتقاعدين خلال عام 2015م حيث تبلغ نسبتهم 40.2% من إجمالي المتقاعدين والسبب الرئيسي في انتهاء خدمتهم بلوغ سن التقاعد والاستقالة على التوالي. كما أن السبب الرئيسي في انتهاء خدمة التقاعدين الحاصلين على المؤهلات الجامعية والدراسات العليا هو الاستقالة بنسبة 85%.

تعليق عبر الفيس بوك