ولعودكم تهلل السعد باسمًا.. يا سيدي

سارة البريكيَّة

كانت ثمَّة بشارات سبقت يوم الثلاثاء الذي أشرقت شمسه أمس الأول، بأننا نحن العمانيين سنكون على موعد مع البشر والسعد والحبور وكنا نجهل ما هو وكيفيته، وكانت قوافل السعادة في الليلة التي سبقت ذلك تغمرنا ونحن لا نعلم أسبابها، وكان فيض السرور في شرفات وأتون ذلك الليل والعتمة، ومع تأملاتنا للنجم والقمر والكواكب، يعانق في ملكوت وأمان نحسبه بإذن الله أبدي وباق في بلادنا إلى ما يشاء الله أرواحنا المطلقة، كان بثقله يكسوها نورا وكانت تسمو بنا الوجدان والأرواح، إلى أن حياة ومرحلة جديدة سنبدؤها نحن العمانيين بدءا من يوم الثاني عشر من أبريل الجاري، كان ذلك الشعور ينقلنا عبر محطات زمنية من عمر النهضة المباركة تطوف بنا إلى مشاهد كثيرة تحققت على أرض عُمان.

وعلى مد البصر كانت تشيع من ذلك المكان الذي أخذنا الى تجديد العهد والولاء والحب لباني عمان روح المحبة والتسامح والتاخي الذي جبلنا عليه نحن أهل عمان، في غير شر وحقد ودمار وقتل وصراع، فحينها كانت الطبيعة بلون البياض تستذكر القائد وحضارة مجان ومزون وتاريخهما العظيم الموغل في القدم ودوره أيَّده الله في جعلها حديث واحترام العالم أجمع، وكنا حينها ونحن نعيش أحاسيس مختلفة يموج في داخلنا حنين وشوق لصانع المنجزات ومفجر الطاقات، إنه مولانا جلالة السلطان قابوس -يحفظه الله ويرعاه- ولم نكن نعلم وقتها أنَّ ثمة سويعات تفصلنا عن رؤيته من جديد وعودته إلى أرض الوطن سالما غانما.

كان ذلك الشعور الساكن فينا والمتشكِّل في جوهره ومضمونه بخواص حبنا وعشقنا للوطن والسلطان، وبقاؤنا كل وقت وحين نلهج بالدعاء له، حاملين أكفَّ الضراعة إلى المولى -عزَّوجل- أن يحفظه من كل سوء وشر ومكروه، كان يحدثنا بأنَّ العود قريب، فكان يتعاظم في ديمومته مالئا إيانا حبًّا وعشقاً للوطن وللحظات اللقيا من جديد، ذلك الشعور كان مرتبطا بالإخلاص والوفاء لمن نعيش حالات انتظاره وهو بصحة وعافية.

في تلك الأثناء، كنا نناظر الأفق متسائلين فيها وبتكتم ما سر هذه الفيافي والمساحات العميقة من الأفراح والابتهاجات التي كانت تغمرنا وتسكننا انشراحا، ولم نكن ندري أن هذا اليوم -الثلاثاء- سيكون هنالك خبر سيعم الأرجاء وملامح الكون كله وذلك لأهميته وجماله، وأنه سيملأ النفوس فضاءات أرحب من السعادة، وعلامات أسطع من الحمد والشكر لله تعالى أن جلالة السلطان قابوس سيعود، وأن المولى عزوجل أنعم عليه بالعافية، وأنَّ علينا نحن أهل عمان السجود لله شكرا بإدامة الصحة والعافية على ما وعد وأوفى به مولانا السلطان أيده الله.

وكالتي كانت تريد بالانسان من فوق سبع سموات طباقا، أن يحيا حياة هانئة سرمدية يملؤها الخير والمسرات، وحتى هذه اللحظات ايضا لم نكن نعلم ما يخبئ لنا القدر في الأمس، الذي كانت المشاعر بنا فيه مختلفة، وكانت الأحاسيس فينا بها شيء من الطمأنينة والراحة والهدوء على غير عادتها في الفترة التي كان بها جلالته أعزه الله بألمانيا، فكانت دقات القلوب وخط سيرها ونبضاتها، وكأنها في كبد العلياء توقفت، وكأنها في بطن ورحم الظلام وتخوم الوحدة تعيش توترا وقلقا دون أن تعرف السبب لذلك وماذا سيحدث بالضبط.

ثمة أسئلة كانت تذهب وتجيء وتبسط رداءاتها قائلة يا ترى ماذا سيحدث في هذا اليوم؟! ماذا أخفت لنا العروس والهيفوف والأرفلون والماروم والقيدوم وهن أسماء السموات السبع من مفاجآت سارة سيعيش معها الشعب العماني حياة جديدة وأفراحا أجدد؟!

كانت وسائل التواصل الاجتماعي طوال يوم الثلاثاء الماضي، تبرق هنا وهناك بأخبار مختلفة، وكنا بين مُصدِّق ومُكذِّب بأن جلالته سيعود للوطن، إلى أن صدر من ديوان البلاط السلطاني بيان رسمي يعلن عودة صاحب الجلالة السلطان قابوس من رحلة الفحوصات الطبية وهو بصحة وعافية، فوقتها علمنا في ذلك الوقت ما سر تلك الفرحة وذلك السرور الذي سكننا عقب عودته الميمونة أبقاه الله.

نعم.. يا مولاي، إنه الشعور والعشق والحب لكم الذي أنبأنا قبل مجيئكم إلى أرض عُمان بأنَّ عودتكم الميمونة وشيكة، وأنكم بحول الله سالمين منعمين بالصحة والعافية، نعم يا مولاي إن يوم الثلاثاء الماضي، سيكون يوما مشهودا سيسجَّل بأحرف من نور في تاريخ عمان، فهنيئا لنا نحن العمانيين يا مولاي بكم، وهنيئا لنا أيها الأب والقائد الرحيم بكم، ومبارك علينا عودتكم بالصحة والعافية؛ فأنتم حياتنا كلها وعزتنا وقدوتنا وأملنا وحاضرنا ومستقبلنا، ولكم فرحنا بعودتكم هذه يا مولاي، ولكم سعدنا بوجودكم حولنا ومعنا، فأنت قوتنا ورجاؤنا، وتهلل السعد بقدومكم وبوجودكم باسما مستبشرا بكل الخير، فالله نسأل يا مولانا المعظم أن يحفظكم من كل سوء وشر ومكروه، وأن يبقيكم على الدوام سندا وذخرا لنا، وأن يكلأكم بعين رعايته مديما عليكم لباس الصحة والعافية، ودمتم فخرا وتاجا على رؤوسنا مغمورين بالصحة مشمولين بالعافية.

Sara_albreiki@hotmail.com

تعليق عبر الفيس بوك