الاتحاد الأوروبي.. إرهاصات الانهيار!

رغم أنّ الكثيرين لا يزالون ينظرون للاتحاد الأوروبي كتجربة وحدوية رائدة في العصر الحديث، تقوم على محاور ارتكاز راسخة تجمع بين دوله على أرضية المصلحة والقواسم المشتركة؛ إلا أنّه وعلى أرض الواقع ثمّة العديد من التحديات التي تواجه هذه الكيان، وتتربص بوحدته؛ وبصورة قد تتمخض عن تداعي سقفه على رؤوس المستظلين به من أعضائه..

إنّ الأصوات التي بدأت تعلو هنا وهناك محذرة من مخاطر التفكك الوشيك لهذا الكيان الجامع لمعظم الأسرة الأوروبية، تعد بالفعل ناقوس خطر، وجرس إنذار مبكر للمآلات المحتملة لهذا لاتحاد. ومن هذه الأصوات التحذير الذي صدر أمس عن مجموعة من كبريات الهيئات الصناعيّة في ألمانيا، والذي يُعبّر عن مخاوف كبار رجال الأعمال الألمان من أن تؤدي الانقسامات العميقة حول سبل التعامل مع أزمة اللاجئين وتنامي النزعات القوميّة بين الدول الأعضاء إلى انهيار الاتحاد الأوروبي في المدى المنظور.

لقد أظهر وصول الموجات المتعاقبة من اللاجئين إلى أبواب القارة العجوز، انقسامات وتباينات حادة في أوساط دول الاتحاد فيما يتعلّق بكيفيّة التعامل مع هؤلاء اللاجئين، وحول توزيع العبء الناجم عن هذه الهجرات المتنامية من اللاجئين الفارين من الحرب والفقر في العراق وسوريا ودول إفريقيا.

إلا أنّ هذا ليس الخطر الوحيد الذي يحدق بالوحدة الأوروبية، بل ثمة أخطار أخرى لا تقل شراسة في فتكها بعوامل التماسك الأوروبي، ومنها الأزمة الماليّة لمنطقة اليورو التي ضربت إسقاطاتها السلبيّة العديد من دول القارة والتي أصبحت أسيرة مديونيات فلكية لن تتعافى منها اقتصاداتها في المدى القريب.

وإذا ما أخذنا في الحسبان عامل تنامي النزعات القومية في العديد من دول الاتحاد، تكون أضلاع ثالوث مهددات الوحدة قد تكاملت لتضغط على حلقات الاتحاد دافعة بها إلى التباعد والتفكك، الأمر الذي لا يخلو بدوره من التأثيرات الاقتصادية والسياسية السلبيّة على العالم بأسره.

تعليق عبر الفيس بوك