مواطنون: نقص التوعية الشرعيّة والرغبة في الزواج الثاني من أسباب كتمان عقد القران

النابعي: غياب الوازع الديني السبب الرئيس وراء لجوء البعض للزواج السري

القاسمي: الزوجة الثانية من أسباب كتمان عقد القران خشية غضب "الأولى"

الوردي: المجتمع يرفض الزواج السري لابتعاده عن الأصول والأعراف

العبري: المجتمع ينظر إلى الزواج السري باعتباره "جريمة أخلاقية"

الرؤية - محمد قنات

اعتبر مواطنون أنّ الزواج في السر يقود حتمًا إلى مشكلات اجتماعية وعائلية، حتى وإن طالت فترة إخفائه، مشرين إلى أنّه يتعيّن على من يريد الارتباط والزواج أن يلتزم بما حدده الشرع من شروط، وفي مقدمتها الإشهار.

وأشاروا إلى أنّ هناك زيجات عقدت سرًا، لكن أغلبها انتهى بالطلاق وهو ما يعني فشلها، موضحا أنّه من الصعب إخفاء مسالة مثل الزواج، إذ أنّه من المحتم أن تنتشر طبيعة العلاقة. وأوضحوا أنّ الزوج الذي يريد أن يرتبط بامرأة ثانية، عليه أن يخبر زوجته الأولى وأبناءه- إن وجدوا- بهذه الخطوة، لتفادي مشاكل أكبر في المستقبل.

وقال سليمان بن سعيد بن عبدالله الناعبي إنّ الإسلام اعتنى بالأسرة وأرشد إلى تكوينها على أساس سليم، ومنهج قويم، وقواعد ثابتة، وجعل بداية ذلك الزوج والزوجة، فعندما خلق الله سبحانه وتعالى الخلق فطرَ فيهم بعض الغرائز من أجل تحقيق بعضٍ من شؤونهم ومصالحهم العامة والخاصة التي لاتستقيم الحياة البشرية بدونها، حيث إن الغريزةُ الجنسية هي إحدى تلك الغرائز التي أودعها الله في الإنسان، والتي ينظر الإسلام إليها نظرة الرِعاية والاعتناء بها كرعايته ونظرته إلى الدوافع الفطرية الأخرى.

وأضاف أنّ الزواج السري هو الّذي توفرت فيه شروط النكاح ويشهد عليه شاهدان؛ ولكن يُوصى الشاهدان بكتمانه، ويستغل الرجال هذا الزواج من أجل التحايل على شروط الزواج الأول، حيث تحتفظ الزوجة الأولى بمكانتها كأم للأطفال وربة للبيت والزوجة الوحيدة المعترف بها في الوسط العائلي والاجتماعي الذي يقيّد الرجل ويرغمه على إخفاء زواجه الثاني، بينما تبقى الزوجة السريّة حبيسة محيطها الأسري يعوضها الزوج عن هذا الاخفاء بإغداق المال عليها وعلى أسرتها. وعزا النابعي هذه الظاهرة إلى عدة أسباب؛ منها ضعف وغياب الوازع الديني؛ حيث يفتقد بعض الناس إلى الثقافة الدينية السليمة، وغياب التربية الدينية الصحيحة كما أنّ للنواحي الاقتصادية دورا في انتشار ظاهرة الزواج السري، بالإضافة لضائقة العيش التي يمر بها بعض الشباب والتي قد تدخلهم في تجارب عاطفية تدفعهم إلى إشباع رغباتهم دون وجود قيود أو شروط؛ حيث إنّهم يعتقدون بأنّ ذلك حلا ومتنفسا لظروفهم الاقتصادية الصعبة. وتابع أنّ الزواج السري هو مرحلة وسطى بين الزواج التقليدي والزنا، يأخذ من الزواج شرعيّته ومن الزنا اختفاءه، لذلك تجد الزوجان في حالة خوف وقلق وترقّب، وقد لا ينجح ذلك الزواج كثيراً بسبب حالة الخوف التي تمنع من السُكنى وتبقى العلاقة في حال توتر مستمر.

مشكلات كبيرة

وقال عبدالله القاسمي إنّ الزواج ستر وعفة للرجل والمرأة، لكن هناك مسألة باتت تهدد بيوتا كثيرة وهو الزواج في السر؛ فعلى الرغم من أنّه زواج شرعي موثق بالمحكمة وبشهود وولي وعقد ومهر، لكنّه من دون إعلان أو إشهار له، وقد يلجأ إليه بعض الرجال لوجود زوجة أخرى أو لمركزه الاجتماعي أو خوفاً من أهله، أو لأنّ المرأة حاضنة وتخشى لو علم طليقها لأسقط عنها حضانة الأبناء لأنّها تزوجت بأجنبي عنهم، أو خشية من سقوط المساعدات الاجتماعية أو لأنّها كبرت في العمر فتقبل أي زواج وبأي صورة من دون تفكير في العواقب التي قد تنتج عن ذلك الزواج. وأضاف بالرغم من أنّ هذا النوع من الزواج يعد زواجاً شرعياً موثقاً ولا جدال فيه، ولكن مسألة السرية قد تلحق أحياناً أضرارًا نفسية بأحد الطرفين، خاصة المرأة، مما ينذر بفشل استمراره ووقوع الطلاق، وذلك ربما يدفع بالزوج أن يطلب من الزوجة الثانية ألا تتعجل الحمل أو تمتنع عنه تماماً، إن أرادت الاستمرار معه، حتى لا تعلم زوجته الأولى، وقد تستجيب الزوجة الثانية لطلبه، وقد لا تستجيب فيقع الحمل بلا حول منهما ولا قوة، وعندما يكتشف الزوج ذلك قد يلجأ لتطليقها خوفاً من انتشار خبر زواجه، وهنا تكون الزوجة والطفل الذي لم يولد هما الضحية.

وتابع أنّ الزوج يكون مقصرًا في حق زوجته التي تزوجها بالسر، إذ يمكث فترة أطول مع زوجته الأولى وأولاده، وقد تكون الثانية مريضة أو تعرّضت لحادث لكنّه لا يستطيع الحضور إليها، لأنّه غير قادر على إخبار زوجته الأولى أنّه ذاهب لزوجته الثانية لأنّه متزوج بالسر مما يعرض الثانية لحالات نفسيّة قد تضطرها لطلب الطلاق، وهكذا يدور الطرفان في فلك الخوف والقلق الشديد من انتشار خبر زواجهما. وبيّن أنّ الزوجة الأولى قد تكتشف من خلال رسالة هاتفية أو مكالمة وجود زوجة ثانية بالسر في حياة زوجها، فتلجأ لطلب الطلاق أو العنف والتشهير بينها وبين الزوجة الثانية، فتتفاقم الخلافات ويكون الزوج بين خيارين أحلاهما مر، فإما يختار هذه أو تلك لتكون المطلقة منهما والأبناء هم الضحية لهذا الزواج السري.

وتابع أنّ حالات الزواج السري تنتهي أغلبها بالطلاق والفشل، لذا يجب على كل رجل وكل امرأة مقبلة على الزواج أن يطبقوا السنة بزواجهما وهو جانب الإشهار والإعلان حتى يتفادى الطرفان كثيرا من المشاكل التي قد تهدم الزواج وهما لايزالان في أول الطريق، كما أنّ الأيام والظروف دائماً ما تثبت أنّه من الصعب إخفاء وجود زواج بحياة الآخر حتى ولو استطاع إخفاء ذلك لبعض الوقت فلن نستطيع إخفاءه لوقت اطول، فالأفضل إشهار الزواج وإعلانه من البداية ليعرف كل شخص ما له وما عليه تجاه الآخر.

مؤسسة أسرية

ويقول سلطان علي الوردي إنّ الزواج في الإسلام يعني إقامة مؤسسة أسرية تكون نواة للمجتمع، فهي ارتباط الذكر والأنثى ببعضهما البعض ليكمل كل منهما الآخر، خاصة وأن للزواج فوائد عدة، إذ أنه يساعد على غض البصر وحفظ الفرج وصيانة الدين وعفة النفس. وأضاف أنّ هناك ما يسمى بالزواج السري، ويرى الوردي أنّ هذا النوع من الزواج "غير شرعي"، إذا ما تزوّج الرجل أو المرأة دون علم ولي امرهما. ولفت إلى أنّ بعض الشباب يقع في هذا الخطأ هربا من مصاعب الزواج التقليدي، حيث إنّ هناك الكثير من الأسباب لظهور مثل هذه الزيجات؛ منها رفض أحد وليي أمر الطرفين مما يدفع الشخصين إلى الزواج بالسر، معتقدين أنهما بهذا التصرف تجاوزا المعوقات، لكن في نهاية المطاف يفتضح أمر الزوجين، ويعلم الجميع بما فعلا. وأشار إلى أن المجتمع في أغلب مثل هذه الحالات يدير ظهره لهذا النوع من الزواج، لما تمّ ارتكابه من أخطاء متعمّدة، وربما يصل الأمر بالمجتمع إلى إرغام الطرفين على الطلاق، لاسيما من قبل الأهل الأشد قرابة.

وأضاف أنّ من الأسباب الأخرى للزواج السري، الخلافات التى تنشب بين الزوجين؛ حيث يلجأ البعض إلى الزواج من أخرى في السر خافيا عن زوجته الأولى حقيقة الأمر، لكن في المقابل ينتهي الأمر بمعرفة الزوجة الأولى وتتفاقم المشكلات وقد تصل إلى خسارة الزوجتين.

وتابع أن للأسرة دورا في الزواج السري، إذ أنّ غياب التوعية الصحيحة بقواعد الدين والغفلة عن مراقبة الأبناء، تدفعهم للتفكير في مثل هذه الأمور، لذا يجب على الأسرة أن تهتم بتربية أبنائها وأن تعمل على توضيح حقيقة الزواج الشرعي غير المخالف للدين والعرف.

ومضى الوردي قائلا إن زواج السر يتنافى مع عادات وتقاليد المجتمع وقيمه السمحة، ويدخل طرفاه في دوامة من الندم، يصعب الخروج منها، وتنجم عنه مشاكل مثل الطلاق والتضحية بإحدى الزوجتين وإلحاق الضرر بالأبناء.

قلق دائم

وقال عزان بن علي بن حمد العبري إنّ الزواج السري أخذ في الانتشار بعدد من المجتمعات، ودب القلق في نفوس عدد من أولياء الأمور، خشية أن يسقط أحد أبنائهم في براثن هذه المشكلة، مشيرا إلى أن من أبرز أسباب هذا النوع من الزواج غياب الحوار داخل الأسرة، بما يغلق قنوات الاتصال بين الفتاة ووالدتها أو الابن ووالده، ويجد الأبناء أنفسهم أمام مفترق طرق؛ إمّا اللجوء إلى الغير لاستسقاء قواعد الإسلام والدين، أو الانحراف والعبث وعدم إدراك العواقب الوخيمة المحتملة جراء مثل هذا التصرف، الذي قد ينتهي بتدمير أسر كاملة، ويزيد من حالات التفكك الأسري.

وبيّن أنّه يتعيّن على الأسرة والمجتمع بشكل عام العمل على الحد من مثل هذه الظواهر، مثل تخفيض المهور وإنشاء صندوق للزواج يساعد الشباب على تدبير نفقات الزواج، علاوة على التوعية بالزواج الحلال، حيث إنّ المجتمع ينظر إلى من تزوّجا في السر باعتبار أنهما ارتكبا "جريمة أخلاقيّة"، وأذنبوا في حق أسرتيهما والمجتمع والدين.

تعليق عبر الفيس بوك