"ر.ع": الكحول أفقد والدي الشعور بالمسؤولية وحرمني وإخوتي من دفء الأبوة

قالت إنها حاولت إقناعه بترك الإدمان.. بلا جدوى

رصدتْ التجربة - مدرين المكتوميَّة

اجتهدتْ "ر.ع" في دراستها، وحصلت على شهادة البكالوريوس بمعدل جيد جيدا، وتعمل في شركة خاصة براتب جيد، ورغم ذلك تفتقد الشعور بالأمان؛ لأنه بالأساس مرتبط بالاستقرار الأسري أكثر منه الاستقرار المهني وغيره. وتقول "ر.ع" -البالغة من العمر 28 سنة- إنها أكبر شقيقاتها، وتعيش معهم في هدوء وسلام، لكن في غياب رب الأسرة، ومنذ الصغر وهي تسأل والدتها عن غياب الوالد، وتكون الإجابة دائما إنه مشغول بأمور تتعلق بالعمل. وتضيف: تربينا بعيدا عن الوالد باتفاق بينه وأمي، ولم نكن كأطفال على علم بالأسباب التي تجعل زوجه تبتعد عن زوجها بمحض إرادتها، حتى وإن كان الوالد يزورنا من وقت إلى آخر للاطمئنان علينا وتوفير كل احتياجاتنا.

وتضيف "ر.ع": كنا نسأل والدتنا دائما متى سيكون أبي بيننا؟ وكانت تقول إنه مشغول ولديه أعمال كثيرة لذلك لا يستطيع أن يكون بيننا باستمرار، وكنا نصمت احتراما لرغبة أمي، حتى جاء والدي وأنا أبلغ من العمر 16 سنة إلى المنزل وهو بحالة سيئة ويتلفظ بكلمات غريبة وحالته مريبة، وكانت المرة الأولى التي أرى فيها أبي على هذه الحالة التي أقلقتني، خاصه وأنَّ والدتي أمرتنا بالذهاب إلى الغرفة وغلق الباب علينا ففعلنا ذلك، حتى سمعنا صوت صراخ والدتي تطلب منه الخروج وعدم العودة للمنزل وإلا ستبلغ الشرطة عنه، وكنت أسمع تلك الكلمات ترن في أذني وأشعر بالخوف، لا ادري ما الأسباب التي تجعلهم على هذه الحال، حتى رحل وجاءت والدتي لتطمئن علينا؛ فوجدتنا خافين وقالت إنه مريض، لكني كنت في سن لا يسمح لوالدتي أن تخفي عليَّ الأمر؛ لذلك أخذتني لتحدثني عن التفاصيل، وتوضِّح لي أنَّ والدي من مدمني الكحول، وأن وجوده في المنزل خطرعلينا؛ لذلك أبعدته حتى نعيش في سلام.

وتواصل "ر.ع": بعد أن أخبرتني والدتي بالأسباب، وكيف كان والدي يضربها وهي تتحمَّل كل ذلك لأجلنا، أصبحت لا أطيق الوضع أبدا، خصوصا وأنَّ أمي كانت تتحدث وهي تبكي وتخبرني بأنها تعبت كثيرا معه؛ لذلك كانت تريد منا أن ننشأ دون أي مشاكل تعكر علينا صفو دراستنا ومستقبلنا، وحتى لا تشوه صورته في أعيننا. ومع الوقت بدأت أكره زيارته، لكن بعد مرور سنوات بدأ أبي يحاول الاقتراب منا، كأن يأتي لزيارتي في الكلية ليوفر لي احتياجاتي دون علم والدتي التي كانت ترفض مجرد لقائي به، لكني بدأت أحبه وأود أن يأتي اليوم الذي نجتمع فيه معا من جديد. وكان والدي يستشيرني ويسألني عن احتياجاتنا في المنزل، وكان يحب أن يراني دائما في القمة.

وتشير "ر.ع" إلى أنَّ والدها تقاعد بسبب أمراض القلب وانسداد الشريان التي أصيب بها من كثرة الكحول التي يشربها، وتضيف: كان يعطيني راتبا شهريًّا أعيش به لأكون في مستوى أفضل من زميلاتي في الكلية، وكان يعيش وحده حتى عاد مؤخرا للإدمان حتى عند زيارتي في الكلية، فأخبرت والدتي بكل ما جرى، وما كان منها إلا أن أسمعتني كلاما جعلني أبكي طوال الليل، وشعرت بتأنيب الضمير، وكأنني ضُربت باتفاقي معها عرض الحائط، وأهدرت مجهودها خلال السنوات الماضية لتربينا بعيدا عن والدي، وأنْ تجعلنا في المقدمة ولا نحتاج لأحد، فما كان مني إلا أن رفضت رؤية أبي، وكانت حالته تُربكني وتشعرني بأني ابنة عاقه لا تهتم لوالدها، ومع ذلك حاولت أن أرضي الطرفين وأكون مع الاثنين، والحمدالله في حفل تخرجي حضرت والدتي ووالدي، دون أن يلتقيا.

وتقول "ر.ع": بعد التخرج بدأ مشوار شاق؛ حيث فتحت المجال أمام والدي ليعود للمنزل ويكرر زياراته باستمرار، حتى جاء إلى المنزل وهو في حالة يُرثى وكان يشتم والدتي ويتحدث عن أخلاقها أمامنا، فما كان منها إلا أن حاولت طرده خارج المنزل، واتصلت بالشرطة وأخذوه من المنزل، وكان ذلك الموقف تنبيها لإخوتي بعدم الالتقاء بالوالد في أى مكان. وشعرتُ بالحزن والضيق لأنني أحب والدي وكنت أحاول أن أساعده وأقف معه، لكنه كان يرفض، حتى انقطع عن رؤيتي ما يقارب الأسبوع فقلقت عليه، واتصلت على هاتفه النقال لأجد الرد من أحدهم يخبرني بأنه في المستشفى، وذهبت لزيارته وعلمت بأنه أجرى عملية القلب لانسداد الشريان، وبقيت لفترة طويلة معه، وكنت أذهب يوميا لزيارته وكان عندما يراني يفرح، ويسألني ما إذا أخبرت أمي وإخوتي، فكنت أقول له: إنهم لا يعلمون عن الأمر، وكان يشعر بالحزن، فأعود وأخبره بأنَّني لا أريد منهم أن يقلقوا عليه، فكان يتقبل الأمر، على الرغم من أنه يعلم في قرارة نفسه بأنه لن يأتي أحد لزيارته، ولن يهتم لأمره أحد.

وتضيف "ر.ع": خرج أبي من المستشفى وكنت أزوره في المنزل للاهتمام به والتأكد من أن كل شيء على ما يرام وأنه بخير وبأحسن حال، حتى علمت والدتي بالأمر؛ مما جعلها تُلزمني بالبقاء في المنزل وعدم الخروج من المنزل نهائيا، ولا يزال والدي يحاول زيارتنا لإقناع والدتي بأنه ترك إدمان الكحول لكنها تصر على رفض عودته.

تعليق عبر الفيس بوك