أسباب سقوط ريال مدريد في "كلاسيكو النسيان"

حسين الغافري

انتهى الكلاسيكو العالمي الذي انتظرناه وترقبناه بفارغ الصبر.. انتهى بسقوط أقل ما يُقال عن إنه مدوٍّ ودرامي وقاسٍ. كُلُّ الأخبار ركزت على مدى الجاهزية الأمنية في الملعب الذي يستقطب مشاهدة عالمية واسعة؛ تحسباً لأي انفجار إرهابي قد يحدث خارج الملعب، ومع ذلك فداخل الملعب لم يسلم من الانفجار الكتالوني المدوي والضربة الموجعة برباعية نظيفة أقل ما يُقال عنها إنها "مُستحقة"، وقد تسفر عن تبعات داخل فريق العاصمة. أشد المُتفائلين لم يتوقع شكل وسيناريو اللقاء ولا حتى نتيجته.

ريال مدريد سطر لِقاء للنسيان، وبالجانب الآخر برشلونة لن ينسى أن هذا الفوز العريض لمدة طويلة ولعل بيكيه وانريكي أكثر الناس سعادة؛ فالمدرب الإسباني كسب رهان الكلاسيكو باقتدار، ورفع أسهمه في بورصة المدربين أكثر، أما بيكي فصافرات الاستهجان ضده زادته رفعاً للرأس وجعله يفتخر بتعصبه الذي يظهره دائماً في كُل محفل. المباراة بكل تفاصيلها كانت مُقسمة إلى عدة مباريات تنافسية بين اللاعبين والمدرب وحتى الجمهور. الفريق الملكي خسر بنتيجة ثقيلة والأسباب تراكمية وليست جميعها وليدة لحظة عابرة أو علو وتفوق تام من منافسه الدائم برشلونة، ومن الممكن أن نُلخص أسباب السقوط الحر للفريق الملكي إلى أربعة أسباب رئيسية؛ هي:

1- منظومة الفريق وعدم استقراره: قد لا ينتبه الكثيرون إلى أنَّ نتيجة مباراة الأمس أهم أسبابها محصلة تراكمية لأحداث سابقة وقرارات خاطئة حدثت ولا تزال تحدث في القلعة الملكية، وهو أمر يجب أن يُشار إليه سواء فاز أمس الريال أو خسر، ولكن السقوط كشف الواقع وأظهر الحقيقة كما هي. ريال مدريد غير مُستقر فنياً وهو سبب مهم جدًّا في النتائج الثقيلة والسقوط المتكرر في المنافسات المحلية والأوروبية. والهتافات من الجمهور ليلة السبت تثبت عدم الرضا بالقرارات التي يتخذها الرئيس وتطالبه بالإستقالة!

وبالنظر إلى التدخلات التي يقوم بها بيريز في السنوات الماضية يتضح أن أغلبها جاءت سلبية على الفريق واللاعبين، وأبرزها تغيير المدرب عند أي موسم سلبي النتيجة ولو كانت الظروف تقف ضد نجاحه، وثانيها السوق الكروية التي ما تكون باجتهاد شخصي ولا يؤخذ بقرار المدرب فيها وحاجة الفريق، وكما يقال يبحث عن "البقرة التي تدر حليبا أكثر" كما وصف الإيطالي توتي اتحاد اللعبة بوقتٍ سابق. فبيريز أصبح يجلب النجوم بدرجة تسويقية بامتياز، وهنا تكمُن بعض تفاصيل المشكلة.

2- الرسم الخططي لتشكيلة الفريق: لم يكن تشكيل الفريق مثالي من حيث ترابط الخطوط وجاهزية اللاعبين. الفريق كان يعاني في إخراج الكرة من مناطقه الخلفية إلى خط الأمام، وقد تابعنا أكثر من حالة يفتقر فيها خط المنتصف إلى الربط المعتاد. أيضاً أغلب اللاعبين لم يكونوا بيومهم وأولهم رونالدو الذي لازال يغيب عن مستواه المعهود، ولعل أخبار انتقاله بدأت تؤثر على مستواه ذهنياً. ناهيك على أن كاسميرو كان مفضل أن يبدأ اللقاء خصوصاً إذا ما علمنا عن أداء مثالي يقدمه اللاعب وكان وجوده سيفرق من حيث الأداء أو النتيجة.

3- واقعية برشلونة وقراءة إنريكي المثالية: لا يمكن أن نتجاهل واقعية انريكي المدير الفني لبرشلونة واحترامه لريال مدريد وإشراكه لتشكيلة تعتبر هي الأفضل وأكثر جاهزية. أكثر ما شدني في لقاء الأمس هو تكثيف خط المُنتصف وإغلاق الاختراقات الجانبية، والسرعة في التحول من الخلف إلى الأمام، والسيطرة على الكرة التي أفقدت نجوم الريال ثقتهم بأنفسهم وخلقت الفجوات والأخطاء. وشاهدنا برشلونة في حالة الدفاع ينزل سيرجيو روبيرتو للتغطية على تقدم البرازيل ألفيش، وتغطية نيمار على ألبا. الغريب أن برشلونة وجد خططته المثالية بفاعلية كبيرة بغياب ميسي ولم يتأثر إطلاقاً، وحول طريقة لعبه إلى 4-4-2 بعدما تعارفنا على 4-3-3 لفترة طويلة ولو لم يشترك ميسي لكان من الممكن أن تكون النتيجة أكبر؛ حيث إنَّه وبنزول ميسي حاول تهدئة رتم المباراة والحفاظ على الكرة في المنتصف بشكل واضح.

4- "برافو" اسم على مسمى: الحارس التشيلي كان سدًّا منيعاً للهجمات عليه، وتألق في إخراج أكثر من كرة. ولعل أغلب الخبراء صنفوه بأفضل لاعب في المباراة وحافظ على نظافة شباكه. برافو تُعد صفقة رابحة بامتياز للفريق الكتلوني ودوره الكبير يمنح الفريق ثقة أكبر كان يفتقدها بأخطاء سلفه "فالديز" سابقاً!

النتيجة لها ارتدادات والهزة التي تعرض لها الريال لن تمر بسلام، وقد نشهد ضعفا بالثقة بين الأطراف الثالثة: الرئيس والمدرب واللاعبين، وهو أمر لم يعد غريباً أن يحدث في ريال مدريد. ولكن ولأن الريال بطبيعة اسمه يجب أن يستمر بطلاً وينافس على الألقاب؛ فالهزيمة قد تكون دافعا للذهاب بعيداً في بطولات الموسم الحالي. لننتظر ونرى.

HussainGhafri@gmail.com

تعليق عبر الفيس بوك