وتمضي المسيرة

إيمان بنت الصافي الحريبي

أكَّدتْ الكلمة السامية التي تفضَّل وألقاها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- في افتتاح الفترة السادسة لمجلس عمان على نهج الثبات والحكمة والاستمرار والإرادة والعزيمة التي لطالما غلَّفت خُطى النهضة المباركة على مدى الخمسة والأربعين عاما الماضية؛ فكانتْ بمثابة منهاج عمل للمرحلة المقبلة لمختلف مؤسسات الدولة وبوصلة تحدِّد أولويات التركيز وخطة العمل لمجلس عمان بجناحيه (مجلس الدولة ومجلس الشورى) في الفترة المقبلة. ومن خلال هذا التواصل الأبوي لعاهل البلاد المفدى، تبرُز أهمية ودور القيادة والرؤى السليمة الواضحة التي لها -دون شك- الدور الفاعل والأساسي في تطور الأمم وازدهارها؛ فالقيادة الواعية هي التي تحدِّد مسار الأمة وتستنهض هِمَم أبنائها وتوجه طاقاتهم نحو تحقيق أهدافها، ولكن لا يتأتى ذلك إلا بفضل وجود رؤية إستراتيجية شاملة تتشكل ملامحها في فكر القيادة، ويتم تحويلها بعد ذلك إلى أهداف مرحلية وغايات نهائية للوصول إلى تلك الأهداف وفق أطر زمنية متفاوته وعلى أصعدة مختلفة، كما يتم وضع الأسس والمبادئ والوسائل لتحقيق تلك الرؤية، وكانت كل ذلك خلاصة الخطاب السامي في مجلس عمان لمولانا المعظم -أيده الله. فالرسالة كانت واضحة ودقيقة وموجزة ومعبرة أن النهضة والتنمية تتواصل وأنَّ المسيرة متواصلة وأنَّ كما كنا متكاتفين في بداية النهضة، وعلى مر سنينها يجب أن يتواصل التعاون والتكاتف كما هو العهد بأبناء عمان الأوفياء، الذين تناقلوا هذه السمة العمانية والتعاضد أبًّا عن جد؛ فكانت الثقة المتبادلة بين القائد وأبنائه الذين تعاهدوا السير قُدما نحو بناء الدولة العصرية.

ولعلَّ الإيجاز الذي أتت به كلمات جلالته -حفظه الله ورعاه- لهو خير دليل على أنَّ الوقتَ الآن للعمل الجاد المتقن، والإنجاز العملي وهو ما يجب أن يعيه المسؤول والمواطن على حدٍّ سواء؛ في إطار مشهد تكاتف عملي يحقق مصلحة الجميع وخير الوطن.

لفت جلالة السلطان المعظم -أبقاه الله- في كلمته السامية قائلا: "لقد تابعنا عن كثب أعمال مجلس عمان بشقيه مجلس الشورى ومجلس الدولة في الفترات الماضية، مُثمِّنين الجهد الذي بذله المجلس خلالها، مما كان له الأثر الملموس للإسهام في دفع مسيرة التنمية الشاملة قدما نحو مزيد من التطور والنماء". الأمر الذي يعكسُ حِرْص جلالته -أبقاه الله- على تجويد العمل ومتابعة الخطط والبرامج والأداء المرافق لتنفيذ خطط التنمية، وقد أبدى جلالته ارتياحه، وشدَّد في الأمر على أنَّ العمل مُتواصل ولن يتوقف لتحافظ عُمان على مجدها وحظوتها حاضرا ومستقبلا. وأشار جلالته إلى أن المتابعة لم تكن أيما متابعة وإنما كانت "عن كثب" لجهود المجلسين؛ إذن هذه هي القيادة المستنيرة التي تُعطي الثقة، وتتابع الجهود المخلصة التي تترجم تلكم الخطط والرؤية الحكيمة، وتضمن سلامة الاستلام والتسليم، والتي تمَّ في إطار فلسفتها توسيع القاعدة الاستشارية والمؤسسات التمثيلية من مجلس استشاري إلى مجلس الشورى ومجلس الدولة في إطار المظلة الأشمل المتمثلة في مجلس عمان. وتضمُّ هذه المؤسسات خبرات عمانية صرفة عملت في كافة مجالات الدولة، وكان لهم دور إيجابي في التطور الاقتصادي والاجتماعي؛ لكي تستفيد المسيرة من خبراتهم وآرائهم وتصوراتهم في متابعة أداء دورها عبر الإدلاء بخبراتها ونقلها -دونما انقطاع- إلى من خلفها من أبناء الوطن بما يُحافظ على زخم التنمية، ويحقق تواصل الخبرات والقيم بين الأجيال، ويكفل الحفاظ على هذه المكتسبات وهذه القيم وتسليم بكل سلاسة ويسر مُكتملة غير منقوصة؛ بما يُحقِّق رؤية القائد في الحفاظ عليها، والعمل على صياغتها ولكي تنعم بها أجيال المستقبل كما عاشت في كنفها أجيال عمان المعاصرة.

ختاما... "نعم، الشمس مشرقة ولا نريدها أن تغيب عن عُمان، التي قُلت جلالتكم يوما لأبنائها: إننا سنعيد عمان إلى ما كانت عليه من قوة وأن الظلام سينجلي".. يوم شحذت همم أبناء الوطن وأهله ومفكريه كي نكون لحمة واحدة لبناء هذا الوطن الذي لم تنتهك سيادته طيلة تاريخه، ودافع أهله عن أرضه في مواجهة كل غاز وطامع، وعمان كانت سيدة في البحر والبر، وقلاعها تشهد عليها، ولقد شهدتْ على امتداد العقود الأربعة الماضية نهضة أعجب بها أهلها قبل الذين أطلوا عليها، ووثق بها أبناؤها قبل ثقة الآخرين بها، ولا يزال أمامنا الكثير ليعمل، وتجاوب شعب عمان يبعث على السرور في النفس".

تعليق عبر الفيس بوك