الكلمة السامية لجلالة السلطان في افتتاح الفترة السادسة لمجلس عمان تحفل بمضامين تجعل منها منهاج عمل للمرحلة المقبلة

مسقط - العُمانيَّة

حملتْ الكلمة السامية التي تفضَّل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- فألقاها في افتتاح الفترة السادسة لمجلس عمان، مضامين ودلالات سامية جعلتْ منها منهاجَ عمل للمرحلة المقبلة لمختلف مؤسسات الدولة، وركيزة صلبة لمجلس عُمان بجناحيه (مجلس الدولة ومجلس الشورى) في الفترة المقبلة.

ومع الوضع في الاعتبار ما عوَّدنا عليه حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم -أبقاه الله- من دقة الكلمات، ووضوح وتركيز عميقين، وعلى نحو يصل مباشرة إلى جوهر المعاني، وإلى عقول وأفئدة أبناء الشعب العماني الوفي، فإنَّه من المؤكد أنَّ الكلمة السامية لجلالته، قد تضمَّنت -برغم إيجازها وتركيزها- العديدَ من الدلالات والمضامين بالغة الأهمية، أراد جلالته توجيه الاهتمام إليها.

وفي غمرة احتفال أبناء الشعب العماني الوفي بالعيد الوطني الخامس والأربعين المجيد، في ظل فرحة غامرة، وتفاؤل كبير بمستقبل زاهر بقيادة جلالة السلطان المعظم، فإن دقة وإيجاز الكلمة السامية أعطت في الواقع نموذجا بالغ الدلالة فيما يتعلق بأنَّ الوقت الآن هو وقت العمل، ووقت العطاء والبذل من أجل الوطن والمواطن؛ فالحديث هو حديث العمل والإنجاز العملي والملموس، وهو ما ينبغي أن يضعه كل مواطن ومسؤول نصب عينيه خلال الفترة المقبلة.

لقد استطاعتْ مسيرة النهضة المباركة -على مدى الأعوام الخمسة والأربعين الماضية- تحقيق الكثير من الإنجازات، ليس فقط على صعيد بناء الاقتصاد العماني، وتحقيق طفرة كبيرة في نصيب الفرد من الدخل القومي، وتحقيق السلطنة لأقل نسبة من التضخم بين دول مجلس التعاون، ولأعلى نسبة من النمو الاقتصادي بين الدول العربية خلال نصف القرن الممتد بين عامي 1970 و2010، ولكن أيضا على صعيد كل قطاعات الاقتصاد العماني: الإنتاجية والخدمية، وفي مقدمتها: قطاعات التعليم والصحة والضمان الاجتماعي، فإنَّ الفضلَ في ذلك يعود في الواقع إلى العزم والإرادة والرؤية الواضحة التي يمتلكها حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- وإلى العبقرية الفذة التي تمكن بها جلالته من حشد طاقات أبناء الشعب العماني الوفي، وتوجيهها نحو مشاركة واسعة ومتزايدة من كل شرائح المجتمع في عمليات وجهود التنمية المستدامة، تخطيطا وتوجيها ومتابعة أيضا، وهو ما يقوم به مجلس عمان، في ظل ما يتمتع به من اختصاصات ومهام تشريعية ورقابية نصَّ عليها النظام الأساسي للدولة وتعديلاته.

واستمرارًا لهذا الجهد والعطاء الذي يقوم به جلالته، ويقوده أيضا، أعلن جلالته -حفظه الله ورعاه- على نحو واضح ودقيق وقاطع أيضا: "أنَّ ما تحقق على أرض عمان من منجزات في مختلف المجالات، لهو مبعث فخر ومصدر اعتزاز، وإننا لنتطلع إلى مواصلة مسيرة النهضة المباركة بإرادة وعزيمة أكبر، ولن يتأتى تحقيق ذلك، إلا بتكاتف الجهود وتكاملها لما فيه مصلحة الجميع". وبينما تمثل الإنجازات العديدة التي تمتد لتغطي كل شبر من أرض عمان الطيبة، والتي تضم تحت مظلتها أيضا كل أبناء عمان، مبعثَ فخر واعتزاز لنا، فإن جلالة القائد المفدى عبَّر عن تطلعات وطموح أبناء الوطن، بالإعلان عن مواصلة المسيرة، وبإرادة وعزيمة أكبر، وهو ما يطرح في الواقع مزيدا من المسؤوليات؛ سواء على عاتق مؤسسات الدولة المختلفة، أو على عاتق المواطن.

وإذا كان ما تحقق من منجزات على امتداد السنوات الماضية قد تم بجهد وعرق وتضحيات كبيرة، فإنَّ مواصلة المسيرة وتحقيق مزيد من الإنجازات، يتطلب بالتأكيد الحفاظ على ما تحقق خلال السنوات الماضية من ناحية، وبذل مزيد من الجهد والعطاء والجدية في العمل، وبكل إخلاص وعلى كافة المستويات من ناحية ثانية؛ فالوقت هو وقت عمل وإنجاز من جانب الجميع.

وحتى يضع جلالة السلطان المعظم النقاطَ على الحروف، وحتى يُحدِّد معالم الطريق، أمام كل مؤسسات الدولة، وأمام المواطنين أيضا، أكد جلالته -حفظه الله ورعاه- على "تكاتف الجهود وتكاملها، لما فيه مصلحة الجميع". فإذا كان تكاتف جهود كل أبناء ومؤسسات الوطن، يشكل ضرورة حيوية لتحقيق ما نصبو إليه جميعا، في مختلف المجالات، فإنَّ تكامل هذه الجهود مع بعضها البعض، هو ما يعطيها مزيدًا من الزخم والقدرة على إضافة منجزات أخرى لصالح الوطن والمواطن.

ولأنَّ المصلحة الوطنية العمانية تتسع لتضم مصالح كل أبناء الوطن وشرائحه المختلفة، فإنَّ تحقيق مصلحة الجميع، يعد في الواقع ضمانة مهمة لتثمر الجهود المبذولة مزيدا من الخير للوطن والمواطن.

وفي هذا المجال، يُمكن الاشارة إلى العديد من النماذج المضيئة على امتداد مسيرة النهضة العمانية، وفي كل المجالات ودون استثناء، وهو ما يفسر في جانب منه أحد مرتكزات العلاقة العميقة والفريدة التي تربط بين جلالة القائد المفدى وأبنائه على امتداد هذه الأرض الطيبة وعلى امتداد سنوات المسيرة المباركة، وهو ما يدهش الكثيرين من غير العمانيين. وكما نجحنا في الأعوام الماضية، فإننا قادرون على النجاح في الحاضر والمستقبل أيضا.

وعلى صعيد آخر، وفي إطار التكاتف والتكامل في جهود مختلف مؤسسات الدولة على مستوى القيادة وعلى مستوى الحكومة وعلى مستوى مجلس عمان، وعلى المستوى الوطني الشامل، أكد جلالة القائد المفدى "ولقد تابعنا عن كثب أعمال مجلس عمان بشقيه مجلس الشورى ومجلس الدولة في الفترات الماضية، مثمنين الجهد الذي بذله المجلس خلالها، مما كان له الأثر الملموس للإسهام في دفع مسيرة التنمية الشاملة قدما نحو مزيد من التطور والنماء".

وهنا، تتجلَّى في الواقع العديد من المضامين؛ فجلالة السلطان المعظم، برعايته لمسيرة الشورى العمانية ولحرصه على تطويرها لتتواكب مع تقدم المجتمع وللوفاء بمتطلباته أيضا "يُتابع عن كثب أعمال مجلس عمان "، وبتثمين جلالته -أيَّده الله- لجهد مجلس عمان ولدوره وأثره الملموس في دفع مسيرة التنمية الشاملة، فإنَّ ذلك يعني الكثير في الواقع، ليس فقط على صعيد اعتزاز مجلس عمان بهذا التثمين السامي لجهوده في الفترات الماضية، ولكن أيضا على صعيد بذل مزيد من الجهد والعمل والعطاء، في إطار حشد وتكامل جهود كل مؤسسات الدولة لتحقيق مصلحة الوطن والمواطن، وإضافة مزيد من الإنجازات التي يشعر بها المواطن، وتسهم في تحقيق مزيد من التقدم والرخاء والتعامل الفعال مع كل التطورات من حولنا. لذا؛ فإنه من المنتظر أن يُسهم مجلس عمان -بجناحيه مجلس الدولة ومجلس الشورى- بجهد أكبر خاصة وأن خطة التنمية الخمسية التاسعة سيبدأ تنفيذها مع بداية العام المقبل، وكذلك الميزانية العامة للدولة لعام 2016، فضلا عن الإعداد لإستراتيجىة عمان 2040، وجميعها يتطلب مزيدا من الوعي والقدرة على العمل والتنسيق بين كل مؤسسات الدولة، مع اطلاع المواطنين على ما تبذله حكومة حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم -حفظه الله- من جهود صادقة ومتواصلة للحفاظ على أفضل مستوى معيشة ممكن للمواطن، ولتجاوز الآثار التي سببها انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية بالنسبة لكل الدول المنتجة والمصدرة للنفط ومنها السلطنة. والمؤكد أنه بتكاتف الجميع تحت قيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- سنحقق مزيدا من الإنجازات كما حققنا خلال الأعوام الخمسة والأربعين الماضية.

تعليق عبر الفيس بوك