اليوم.. اسدال الستار على فعاليات مهرجان "الأغنية العمانية" في دورته الحادية عشرة برعاية المحرزي

تعكس الصلات التي نسجها العمانيّون مع شعوب المحيط الهندي وبحر عمان

الطائي: الأغنية العُمانية بوتقة انصهرت فيها جميع الثقافات العربية والإفريقية والآسيوية.. وهذا ما يجعلها متفردة

الرؤية - مدرين المكتومية

 

يسدل الستار اليوم على فعاليات وبرامج مهرجان الأغنية العمانية في دورته الحادية عشرة والتي انطلقت أمس الأول بقاعة عمان بفندق قصر البستان، من خلال أمسية فنية طربية تحت رعاية معالي أحمد بن ناصر المحرزي وزير السياحة، وسوف يتضمن الختام أغنية عبارة عن لوحة فنية يقدمها المتسابقون في المهرجان بعنوان "ضوينا عزمنا" وهي من كلمات الشاعر مطر البريكي وألحان حمود الحرش، كما ستقدم الفنانة عائشة الزدجالية وصلة غنائية تتواصل من خلالها مع جمهورها الفني. بعد ذلك ستلقي لجنة التحكيم بيانها وتعلن من خلاله الفائزين بالمراكز الثلاثة، كما سيتم تقديم الأغنيات الفائزة بالبلابل، (الذهبي، والفضي، والبرونزي) في مسابقة المهرجان.

وتواصلت أمس فعاليات المهرجان متمثلة في ندوة "الأغنية العمانيّة بين التراث والحداثة"، وأقيمت تحت رعاية سعادة الشيخ حمد بن هلال المعمري وكيل وزارة التراث والثقافة للشؤون الثقافية، وذلك بدار الأوبرا السلطانية مسقط، وشارك فيها كل من الدكتور حمد الهباد من دولة الكويت والفنان محمد المخيني، وأدارها ناصر بن حمد الطائي عضو اللجنة المنظمة لمهرجان الأغنية العمانيّة، وبمصاحبة استعراض فني لعدد من الموسيقيين العمانيين.

وأشار الطائي في كلمته إلى أنّ أهميّة الندوة تبرز في إضافة طابع أكاديمي وعلمي على المهرجان من أجل تقييم الأغنية العمانية وتوثيق تاريخها ودراسة خصائصها وروادها تتويجا للدعم البناء الذي دعا إليه صاحب الفكر والثقافة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - الذي عمل جاهدًا لبناء الإنسان العماني- عماد التنمية المستدامة - وأولاه جل اهتمامه بالمجال الإبداعي والثقافي والفني، ويسعدنا أن نحتضن هذه الندوة اليوم في دار الأوبرا السلطانية مسقط في تعاون بناء ومثمر بين الدار ووزارة التراث والثقافة بهدف توحيد الجهود ودعم الفنون ومن منطلق حرص العاملين على ترسيخ وتطوير الجهود من أجل الارتقاء بالأغنية العمانية والوصول بها إلى العالمية.

وأضاف أن جمع وتوثيق الموسيقى التقليدية العمانية الذي أنطلق في عام 1983 وتأسيس أرشيف سمعي ومرئي يضم مئات التسجيلات والصور والبيانات، وما نشره مركز عمان للموسيقى التقليدية من إصدارات مختصة بالموسيقى التقليدية العمانية تعريفا وتحليلا، يعد نقلة نوعية في الحفاظ على التراث الفني العماني كمرجعيّة لتوظيفها في تطوير الأغنية العمانية معتمدة على الثراء اللغوي والصياغة الفنية وأساليب الأداء اللحنية والإيقاعية والتعددية. وتعكس هذه العوامل في نفس الوقت الصلات التي نسجها العمانيون مع شعوب المحيط الهندي وبحر عمان وجذورها المثمثلة في المحلية والعربية (عمان والجزيرة العربية) والإفريقية والآسيوية.

وأضاف الطائي : هذا التزاوج اللغوي واللحني والإيقاعي مع ثقافات العالم هو ما يعطي الاغنية العمانية خصائصها وما يميزها عن غيرها من أغاني دول الجوار. وتأتي ندوة المهرجان لتسلط الضوء على بعض جوانب الأغنية العمانية وتحدياتها سواء من البحث العلمي أو التجربة الشخصية السردية أو عن طريق التطبيق العلمي على الإيقاعات المختلفة.

توظيف التراث

وبعد تلك المقدمة انتفل الحديث للدكتور حمد عبدالله الهباد الذي قدّم ورقة عمل بعنوان " توظيف التراث والفنون الشعبية في الأغنية المعاصرة "حيث أشار فيها إلى أنّ التراث الشعبي الغنائي يعتبر المرآة التي تعكس حضارة الأمم وتقاليدها وعاداتها، من ألحان ولهجات وإيقاعات وحركات تعبيرية، تعكس صدى ماض لم تسطّره كتب التاريخ وإنما تناقلته الشعوب جيلا بعد جيل ضمن ممارسات فطرية، سواء في " أغاني العمل أو أغاني الراحه والأنس "تلك الخاصيّتان اللتان اعتادت المجتمعات تناولهما ضمن ما يعرف بالموروث الشعبي، حيث ارتبطت بالأنس لتعكس الراوبط الاجتماعية من أفراح ومناسبات وعادات وتقاليد أكّدت روابط اجتماعيّة وعادات كان لها صدى في أعماق التاريخ الإنساني، يتداولها الإنسان جيلا بعد جيل مؤكدا هويّته الجغرافية والتاريخية والإنسانية. مشيرا في حديثه إلى أن ثمة مشكلة تكمن في عدم فهم الشباب المعاصر للعلاقة الفنية بين عنصري الأصالة والحداثة، وكيفية الاستفادة منهما وتوظيفهما ضمن إبداعاتهم الفنية، فهذه الظاهرة أوجدت هوة شاسعة للعلاقة الوطيدة في إمكانية البناء اللحني واستنباط الأفكار اللحنية والقوالب الإيقاعية من خلال الموروث الغنائي وتوظيفه في الأغنية المعاصرة، فالهدف من الدراسة هو تسليط الضوء على كيفية توظيف التراث والفنون الشعبية في الأغنية المعاصرة، فاللغناء ما لسائر العلوم والفنون من القديم والجديد، وهو بذلك قابل للمحافظة على قديمه والأخذ من الجديد المفيد، شأنه في ذلك شأن الشعر والنثلر، ولن تقف عجلة الحياة عن الحركة أو تحول دون الإفادة من المتحدث الجديد مع الاستثمار لكل ماض تليد مجيد، والحسن في كل شيء هو المعقول والمقبول، ومن الخير لشبابنا التمسك بالغناء الحسن رغم قدمه مع الإفادة من الغناء الحديث ما دام يجمع فيه خصائص الفن الراقي الذي يهذب المشاعر ويرقى بالأحاسيس من خلال تصويره للوجدان الإنساني وسموه بالمشاعر التي ميّز الله الإنسان بها. ولذا فلك أن تستمع إلى الغناء الشعبي قديمه وجديده أو غناء غير عربي لتتعرف على مذاهبه واتجاهاته فمن تلك المذاهب المتباينة وتلك الألوان المتنوعة تستطيع أن تكون الذوق تكوينًا غنيًا مما سمعته وأفدته من الخبرة مع النقد الموضوعي المنهجي لما هو عندنا وما هو عند غيرنا باعتباره نتاجا أبدعته عقول البشر.

وأوصى الهباد في كلمته بتشجيع أبنائنا على فهم حقيقة الأصالة في فنوننا الشعبية، وكيفية توظيفها ضمن إبداعاتهم الفنية، لتكون قاعدة إنطلاق التراث وتجديده ضمن خطوات مدروسة تتماشى مع الجيل الناشئ رغم تغيير الظروف المفروضة ضمن منظور علوم التكنولوجيا العصريّة التي سيطرت إيجابًا على حياة أبنائنا في كل مشارب الحياة، فالعبرة أن تنسجم أصالة الآباء والأجداد بإبداعات المعاصرة في أذهان أبنائنا وعقولهم، وهذه مسؤولية رجال التعليم الفني سواء في مدارسنا أو واضعي المناهج الدراسية أو من خلال وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، في المقام الأول، فهم السبيل الأمين لتوجيه الأبناء إلى جادة الحق والصواب في تراثنا الأصيل، وسبل التعبير عنه، وذلك يأتي من خلال تأكيد مفاهيم الأصالة في التراث الشعبي الغنائي في المناهج الدراسية لمختلف المراحل التعليمية، وتكثيف البرامج الإعلامية المرئية والمسموعة لعرض الأغاني التراثية في المناسبات الاجتماعية، وتشجيع الأعمال الإبداعية لدى الشباب من خلال المسابقات في التلحين والتأليف الموسيقي لأعمال تجمع بين الأصالة والحداثة.

دعم واهتمام

وتلى ذلك كلمة قدمها الفنان العماني محمد المخيني والتي أبرز فيها دور الفنان في صقل موهبتهم وأهميّة المشاركة والحضور في المحافل الفنية، إلى جانب اهتمام الشباب بأنفسهم واختيار ما يتناسب مع توجهاتهم الفنية، كما أكّد على أهميّة الدعم المعنوي للفنان قبل الدعم المادي، وقد أكّد على الجهود التي تبذلها إدراة المهرجان ووزارة التراث والثقافة ووزارة الإعلام في خدمة الفنان العماني، وأكّد على أهميّة تضافر الجهود والقطاع الخاص أيضا في صقل المواهب، وتبني الشباب الموهوبين والفنانين ليكون لهم شأنهم في المستقبل وليواكب التطور الحاصل في مجال الأغنية.

مسابقة المهرجان

وفي المساء احتضنت قاعة عمان بفندق قصر البستان الليلة الاستثنائية والتي أقيمت تحت رعاية سعادة ناصر بن سليمان بن حمد السيباني نائب رئيس الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، حيث قدّم المتسابقون في المسابقة أغنياتهم التي تفاعل معها الحضور وتابعتها لجنة التحكيم بآرائها وانطباعاتها النقديّة، فقد قدم الفنان أحمد المخيني أغنيته "لهفة خفوقي" وهي من كلمات الشاعر عمر مريود، وألحان خميس العريمي، فيما قدم الفنان خليل المخيني أغنيته "القلب معذور" وهي من كلمات الشاعر نبهان الصلتي وألحان فاروق الكمالي، وقدمت الفنانة غصون السنانية أغنيتها "نكمل بعضنا" وهي من كلمات وألحان الشاعر أحمد البلوشي، وقدم الفنان محاد المشيخي أغنيته "دائماً ألقاك" وهي من كلمات الشاعر حسن تبوك وألحان يوسف مطر، فيما قدم الفنان ناصر اليافعي أغنيته "تسلم عيونك" وهي من كلمات الشاعر حامد بن ناصر الحمر وألحان ناصر اليافعي، وقدمت الفنانة أغنيتها نسمة الرئيسية "تناقض" وهي من كلمات الشاعر أحمد البلوشي وألحان سالم الفارسي.

تعليق عبر الفيس بوك